جدارية للرئيس الروسي بوتين في العاصمة الصربية (الفرنسية)

جدارية للرئيس الروسي بوتين في العاصمة الصربية (الفرنسية)

بتعبئة 300 ألف جندي احتياطي، اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التصعيد ضد أوكرانيا، وذلك يفرض عليه العمل على إسكات انتقادات القوميين القلقين من الوضع على الأرض وكذلك استياء شعبه الذي وعده بـ “عملية عسكرية خاصة” لا أكثر، وقد أثار هذا الموقف الدقيق الذي يعيشه بوتين تساؤلات عن مستقبله على رأس جهاز الدولة.

وفي هذا السياق، تقدم صحيفة “لوفيغارو” (LeFigaro) الفرنسية ما تعدّه تمرينا للتنبؤ، في مقال بقلم هوغ مايو وأموري كوتانسيه بيرفينكيير، يشرح فيه مجموعة من الخبراء بالتفصيل 5 سيناريوهات مختلفة متعلقة بمستقبل زعيم الكرملين.

 

أولا: الاندفاع المتهور ضد القوميين

أوضح المقال أن بوتين اختار التصعيد مع التعبئة الأخيرة والتلويح بالتهديد النووي، ورأى أن هذا السيناريو الأكثر منطقية لأنه قائم بالفعل، فالحرب لم تضعف بوتين سياسيا مع ما أحدثته من توترات لأنه هو من يشكل نقطة التوازن بين المترددين والأكثر قومية، و”لكن الوضع يمكن أن يتغير إذا استمرت الانتكاسات” كما يعلق جان روبرت رافيو الأستاذ المتخصص في القضايا الأمنية والصراعات الدولية بمعهد العلوم السياسية الفرنسي.

وتبقى الحقيقة -حسب الأستاذ جوليان تيرون بمعهد العلوم السياسية الفرنسي- أن بوتين قد اختار التصعيد، ويجب أن ينتصر لأنه لا يستطيع الاعتراف بارتكابه خطأ (…) وستعطيه الاستفتاءات الجارية في الأراضي الواقعة تحت الاحتلال مبررا سياسيا وقانونيا لخوض الحرب لحماية “أراضي روسيا الجديدة” فذلك يسمح له بإعلان التعبئة العامة.

 

ثانيا: استقالة.. ولكن لمصلحة أي خليفة؟

ويبدو لـ رافيو أن الاستقالة خيار “أكثر جدّية من غيره، لأنها -كما يعتقد أرنو دوبين المتخصص في الشأن الروسي- يمكن أن تكون وسيلة لاستبعاد سيناريوهات الإقالة والانقلاب، وستسمح لبوتين بترك السلطة بهدوء مع حصانة مدى الحياة” رغم أنه لا يبدو في عجلة من أمره للتخلي عنها بعد 20 عاما من الحكم.

ولكن الأستاذ بمعهد العلوم السياسية الفرنسي ينبه إلى صعوبة تحديد خليفة بوتين في حال الاستقالة رغم تداول بعض الأسماء، كما يشير دوبين إلى أن بوتين قد لا يترشح مرة أخرى عام 2024.

 

ثالثا: انقلاب.. لكن بقيادة من؟

من جهة أخرى، تم تداول احتمال حدوث انقلاب في روسيا منذ بداية الحرب في أوكرانيا، وقال السيناتور الأميركي ليندسي غراهام “هل هناك بروتوس (في إشارة إلى اشتراك هذا الرجل في مؤامرة اغتيال يوليوس قيصر سنة 44 قبل الميلاد) في روسيا؟” داعيا إلى الإطاحة بزعيم الكرملين، غير أن رافيو يرى أنه “لا يوجد تقليد بونابارتي في روسيا” رغم أنها شهدت 5 انقلابات، نجح 3 منها، وفشل آخرها ضد ميخائيل غورباتشوف في أغسطس/آب 1991.

وتساءل المقال عمن يمكن أن يقود محاولة انقلابية في روسيا، فاستبعد وزير الدفاع لقربه من بوتين، كما استبعد تيرون “السياسي الروسي البارز سيرغي إيفانوف” مع أنه “يتمتع بميزة أنه كان مسؤولًا عن صناعة الدفاع ومن ثم له صلات بالجيش” لأنه من جهاز الاستخبارات السوفياتي السابق (كي جي بي) ويعدّ حليفا لبوتين.

رابعا: الهجوم

يعدّ مقتل بوتين في هجوم عسكري، سواء كان من عمل كوماندوز أوكراني أو من داخل حكومته، خيارا يحلم به العديد من القادة الغربيين سرا، كما أن “بوتين نفسه يخشى هذا الخيار لأنه على اطلاع على ممارسات غربية معينة، إذ رأى ما حدث للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وما وقع للرئيس العراقي صدام حسين” كما يقول رافيو و”حتى في الشيشان، قُتل قديروف الأب في هجوم على ملعب”.

هذه السوابق وجنون العظمة لدى بوتين عوامل تجعله شديد الحذر، ولذلك يؤكد دوبيان أن “رئيس الدولة الروسي يتمتع بحماية مماثلة لتلك التي يتمتع بها الرؤساء الأميركيون ورؤساء الوزراء الإسرائيليون” وهو بالإضافة إلى ذلك لا يدخل الحمامات العامة ولا يخرج من الكرملين على دراجة بخارية.

خامسا: الإقالة.. المهمة المستحيلة

ومن بين جميع الاحتمالات، يبدو أن العزل هو الأكثر احتمالا لسبب وجيه وبسيط، هو أن المادة 93 من الدستور الروسي “فعلت كل شيء لتجنب” هذا الخيار، كما يؤكد تيرون، فهي تنص بوضوح على أنه “لا يمكن عزل رئيس الاتحاد الروسي من منصبه إلا من قبل مجلس الاتحاد (الشيوخ) إذا اتهمه مجلس الدوما (النواب) بالخيانة العظمى أو أي جريمة خطيرة أخرى، بعد إقرارها بقانون صادر عن المحكمة العليا للاتحاد (…) وبقانون صادر عن المحكمة الدستورية”.

 

لكن الدوما، مثل المحكمة العليا والمحكمة الدستورية ومجلس الاتحاد، تم تشكيله ليكون متوافقا مع الكرملين، مع أن محاولة العزل أخفقت 3 مرات ضد الرئيس السابق بوريس يلتسين على الرغم من أن وضعه في البرلمان كان أكثر هشاشة.

المصدر : لوفيغارو

About Post Author