كوريا الشمالية تطلق صاروخا “غير محدد” والعالم “يحبس أنفاسه” من تجربة نووية جديدة
أطلقت كوريا الشمالية “صاروخا باليستيا غير محدد” وفق ما أعلن الجيش الكوري الجنوبي اليوم الجمعة، في أحدث عملية إطلاق صاروخية تجريها بيونغ يانغ، في وقت حذرت سول من أن كيم جونغ أون قد يكون على وشك إجراء تجربة نووية أخرى.
كما أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي أمس الخميس أن العالم “يحبس أنفاسه” قبل تجربة نووية محتملة لكوريا الشمالية ستكون “تأكيدا جديدا” على أن برنامج بيونغ يانغ النووي “يتقدم بكامل طاقته”.
وقالت هيئة الأركان المشتركة في سول إن “كوريا الشمالية أطلقت صاروخا باليستيا غير محدد باتجاه البحر الشرقي” في إشارة إلى بحر اليابان، من دون أن تخوض في مزيد من التفاصيل.
وتأتي عملية الإطلاق الصاروخية هذه بعد اجتماع نواب وزراء خارجية الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية الذين تعهدوا تعزيز ردعهم في المنطقة.
وخلال هذا اللقاء قال المسؤول الكوري الجنوبي تشو هيون دونغ “اتفقنا على زيادة تعزيز التعاون (…) حتى تنهي كوريا الشمالية على الفور أنشطتها غير القانونية وتستأنف محادثات نزع السلاح النووي”.
وأضاف أمام الصحافة “الدول الثلاث اتفقت على الحاجة إلى رد قوي غير مسبوق إذا أجرت كوريا الشمالية تجربتها النووية السابعة”.
وحذرت سول وواشنطن مرارا من أن بيونغ يانغ قد تكون على وشك إجراء تجربة نووية أخرى للمرة الأولى منذ 2017 بعد سلسلة عمليات إطلاق لصواريخ باليستية في الأسابيع الأخيرة.
وكانت نائبة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان حذرت من أن “كل هذه السلوكيات خطرة ومزعزعة للاستقرار الى حد كبير”، وحضت كوريا الشمالية على “الامتناع عن استفزازات جديدة”.
“العالم يحبس أنفاسه”
وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي أعلن أمس الخميس أن العالم “يحبس أنفاسه” قبل تجربة نووية محتملة لكوريا الشمالية تم التحذير من إجرائها منذ أشهر.
وقال غروسي للصحافة على هامش اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن أوكرانيا إن “الجميع يحبسون أنفاسهم لأن تجربة نووية أخرى ستكون تأكيدا جديدا لبرنامج نووي يتحرك بكامل قوته بطريقة مثيرة للقلق بشكل لا يصدق”.
وأضاف “مزيد من الاختبارات يعني بالطبع أنهم يحسّنون الاستعدادات وبناء ترسانتهم. لذلك نحن نتابع ذلك من كثب. نأمل ألا يحدث ذلك، لكن المؤشرات للأسف تشير إلى الاتجاه الآخر”.
وكان صاروخ قد حلق فوق اليابان الشهر الماضي. كما زعمت كوريا الشمالية أنها أجرت تدريبات نووية تكتيكية. وحذرت الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية الأربعاء من أن إجراء بيونغ يانغ تجربة نووية سيستدعي “ردا غير مسبوق”.
كما حذر البنتاغون في استراتيجيته النووية الجديدة المنشورة الخميس من أن تنفيذ كوريا الشمالية ضربة نووية سيعني “نهاية نظام” بيونغ يانغ.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية في الوثيقة إن “أي هجوم نووي من جانب كوريا الشمالية ضد الولايات المتحدة أو حلفائها وشركائها سيكون مرفوضا وسيؤدي إلى نهاية هذا النظام. ليس هناك أي سيناريو يستطيع نظام كيم أن يستخدم فيه أسلحة نووية ويبقى”.
ترسانة الرعب
وتأتي التجربة الصاروخية الجديدة والتحذيرات من التجربة النووية الجديدة لكوريا الشمالية لتعيد إلى الأذهان المخاوف من ترسانة الصواريخ الباليستية والرؤوس النووية التي تمتلكها بيونغ يانغ وطورتها منذ خمسينيات القرن الماضي.
فبعد 5 عقود من العمل على برنامجها النووي أجرت بيونغ يانغ في العام 2006 أول تجربة نووية تحت الأرض، وتلتها عدة تجارب إلى أن خلف الزعيم الشاب كيم جونغ أون والده في 2011. وشهد البرنامجان الصاروخي والنووي تطورا متسارعا في عهده.
وفي التاسع من سبتمبر/أيلول 2016، أجرت بيونغ يانغ تجربتها النووية الخامسة. وأكد النظام وقتها أنه اختبر رأسا نوويا يمكن تثبيته على صاروخ بعيد المدى.
في مايو/أيار 2017، أجرت كوريا الشمالية تجربة لصاروخ باليستي يراوح مداه بين المتوسط والبعيد وهو من نوع هواسونغ-12. وقد اجتاز 700 كيلومتر قبل أن يسقط في بحر اليابان.
وبعد شهرين فقط، أعلنت كوريا الشمالية نجاحها في الرابع من يوليو/تموز -يوم العيد الوطني الأميركي- في اختبار صاروخ قادر على بلوغ ألاسكا وقدّمته هدية إلى “الأميركيين الأوغاد”.
وفي الثالث من سبتمبر/أيلول 2017، أجرت بيونغ يانغ تجربتها النووية السادسة التي اعتبرت الأقوى، وقدّرت مجموعات رصد قوة القنبلة بـ250 كيلوطن، أي ما يوازي 16 مرة حجم القنبلة الأميركية (15 كيلوطن) التي دمّرت هيروشيما عام 1945.
وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، أجرت كوريا الشمالية تجربة على صاروخ جديد عابر للقارات من طراز “هواسونغ-15” يمكنه أن يحمل “رأسا ثقيل الوزن” قادرة على ضرب البر الأميركي، بحسب بيونغ يانغ. وبعد أيام قليلة، تعهد الزعيم الكوري الشمالي جعل بلاده “أقوى قوة نووية في العالم”.
وبعدها مر برنامج بيونغ يانغ للتجارب النووية والصواريخ الباليستية بعدة مراحل، تراوحت بين التجميد في ظل المفاوضات مع واشنطن وبين استئنافه في فترة تعثر تلك المفاوضات.
لكن في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، كشفت بيونغ يانغ في عرض عسكري عن صاروخ هواسونغ-17، الذي قُدّم باعتباره أقوى صاروخ باليستي عابر للقارات.
وخلال السنتين الماضيتين أجرت كوريا الشمالية عدة اختبارات لصواريخ بعيدة وقصيرة المدى، وكثفت من تلك الاختبارات مؤخرا وكان أبرزها في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري حين أطلقت صاروخا باليستيا ذا مدى بين المتوسط والبعيد وفق الجيش الكوري الجنوبي.
وحلق الصاروخ فوق اليابان، للمرة الأولى منذ عام 2017، مما دفع طوكيو إلى تفعيل نظام الإنذار والطلب من سكان بعض المناطق الاحتماء.
ولا تصرح بيونغ يانغ بحجم ما لديها من رؤوس نووية أو صواريخ باليستية، كما لا يدخل هذا النوع من الأسلحة في إحصائيات القوة العسكرية للدول التي تقوم بإعدادها عادة جهات غير رسمية.