جمهوريون يعتقدون أنه قادر على الفوز.. هل تكون الانتخابات النصفية منطلق ترامب نحو الرئاسة في 2024؟
واشنطن- ينشغل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بجدول أعمال مزدحم لدعم المرشحين الجمهوريين في الانتخابات النصفية، ويتنقل اعتبارا من اليوم الجمعة بين 4 ولايات هي أيوا، وبنسلفانيا، وفلوريدا، وأوهايو في إطار حملته المسماة “أنقذوا أميركا”.
ويحاول ترامب تأكيد هيمنته على الحزب الجمهوري من خلال ظهوره في مؤتمرات انتخابية يدعم فيها مرشحين من أنصاره ممن يشاركونه الادعاء بـ”تزوير انتخابات 2020″، إضافة إلى دعمه مرشحين جمهوريين تقليديين لا يشاطرونه الموقف نفسه.
تفرغ للانتخابات رغم التحقيقات
وكانت المحكمة العليا الأميركية قد علقت أمس الثلاثاء وبصورة مؤقته طلب الديمقراطيين في الكونغرس للحصول على الإقرارات الضريبية لدونالد ترامب ضمن تحقيقات تجريها لجنة تابعة لمجلس النواب في موارده المالية.
وكان ترامب قد أستأنف على قرار سابق صدر من محكمة فدرالية يقضي بضرورة تقديم الإقرارات الضريبية قبل حلول الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
ولا يعني هذا التعليق المؤقت بطبعه أن المحكمة العليا ستحكم لصالح ترامب، لكنه سيمنح القضاة المزيد من الوقت لمراجعة القضية قبل الموعد النهائي.
وتمثل الإقرارات الضريبية لترامب هدفا للديمقراطيين منذ دخوله حلبة العمل السياسي في منتصف عام 2015، وتجاهل ترامب عرفا سياسيا أميركيا راسخا برفضه الإفراج عن إقراراته الضريبية، وهو ما كان يقوم به أغلب المرشحين الرئاسيين من أجل الشفافية.
ولم تكن الإقرارات الضريبية هي كل ما يشغل بال ترامب بعيدا عن الانتخابات، إذ يخضع حاليا لـ4 تحقيقات منفصلة يمكن أن تؤدي إلى اتهامات جنائية، وفي أوائل أغسطس/آب الماضي فتش مكتب التحقيقات الفدرالي مقر إقامته في مارالاغو بجنوب فلوريدا بشأن بمزاعم تتعلق بنقله وثائق سرية بشكل غير قانوني من البيت الأبيض.
وفي الوقت نفسه، تجري وزارة العدل تحقيقا عقب انتهاء جلسات الاستماع بمجلس النواب في الهجوم على مبنى الكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني 2021 ودور ترامب في الحدث.
ويقود المدعي العام لمنطقة أتلانتا تحقيقا في الجهود التي يبذلها ترامب وحلفاؤه لإلغاء خسارته في انتخابات 2020 بولاية جورجيا، ويتابع المدعي العام لمنطقة مانهاتن تحقيقا جنائيا مع منظمة ترامب بشأن مزاعم تشمل الاحتيال والتهرب الضريبي.
ومن المفارقات أن تفتيش منزل ترامب كان له تأثير إيجابي في حشد الجمهوريين حول الرئيس السابق.
زعيم لكل الجمهوريين
أعلن ترامب دعم ما يقارب 400 مرشح جمهوري في الانتخابات التمهيدية للحزب خلال الأشهر الماضية بين المتنافسين على مختلف المستويات التنفيذية والتشريعية في الولايات الخمسين، وفاز نحو 90% منهم.
وقبل أيام من الانتخابات النصفية توسع دعم ترامب ليشمل كل المرشحين الجمهوريين، وفي الوقت ذاته أظهر استطلاع حديث أجرته صحيفة “يو إس إيه توداي” (USA Today) بالتعاون مع مؤسسة “إبسوس” (Ipsos) لاستطلاعات الرأي أن ترامب لا يزال ينظر إليه على أنه زعيم الحزب الجمهوري، إذ تعتقد أغلبية الناخبين الجمهوريين أنه قادر على الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ويجب أن يكون مرشحهم في انتخابات عام 2024.
وشارك في الاستطلاع 2345 ناخبا جمهوريا يعتقد 82% منهم أن ترامب قادر على الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ويرى 59% من الناخبين الجمهوريين أن ترامب يجب أن يكون المرشح الجمهوري للرئاسة في عام 2024، في حين يرى 41% منهم أن الحزب الجمهوري يحتاج إلى التغيير ويجب ألا يترشح ترامب.
عبء ترامب
من ناحية أخرى، هناك ما يثير بعض التعقيدات التي خلقها ترامب لنفسه، فقد بادر الرئيس السابق إلى دعم عدد من المرشحين الذين يُنظر إليهم على أنهم عائق أمام جهود الحزب الجمهوري لاستعادة أغلبية كلا المجلسين، ويتخلف بعض المرشحين الجمهوريين المدعومين من ترامب عن منافسيهم الديمقراطيين في استطلاعات الرأي وجمع التبرعات.
ومن بين هؤلاء المرشحين الذين أيدهم ترامب في مجلس الشيوخ محمد أوز في ولاية بنسلفانيا، وبليك ماسترز في ولاية أريزونا، بالإضافة إلى دوغ ماستريانو المرشح لمنصب حاكم ولاية بنسلفانيا، وتيودور ديكسون في ميشيغان.
ودفع تأييد ترامب مرشحين يمينيين إلى خلافات داخل الحزب الجمهوري تتعلق بجودتهم وقدرتهم على هزيمة منافسيهم الديمقراطيين.
وألقى زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل باللوم على ترامب لوضعه الحزب في هذا الموقف الضعيف، وهو ما قابله ترامب بهجوم شديد عليه.
ودفعت علاقات ترامب “غير الجيدة” مع عدد من الوجوه الجمهورية القوية مثل دوغ دوسي حاكم ولاية أريزونا وكريس سونونو حاكم ولاية نيوهامشير إلى تجنبهم محاولة الحصول على بطاقة الحزب للترشح لمجلس الشيوخ بسبب هجمات الرئيس السابق.
منطلق لمحاولة رئاسية ثانية
تشير بعض الدلائل إلى ظهور جمهوري قوي من شأنه أن يؤدي إلى تغيير السيطرة الحزبية في مجلس النواب وربما في مجلس الشيوخ، وتعد هذه أخبارا جيدة جدا لدونالد ترامب.
وإذا فقد الحزب الديمقراطي السيطرة على مجلسي الكونغرس أو على مجلس النواب فقط -كما يتوقع الكثيرون- فستنتهي تحقيقات المجلس في أحداث السادس من يناير/كانون الثاني 2021، وقد تبدأ تحقيقات يقودها الجمهوريون حول اتهامات بالفساد ضد هانتر بايدن ابن الرئيس الأميركي.
ولن تشهد رئاسة بايدن فقط حالة من الجمود التشريعي إذا خسر الديمقراطيون أحد أو كلا مجلسي الكونغرس، بل سيمثل ذلك منطلقا مثاليا لترامب ليضع نفسه في وضع يسمح له بمحاولة رئاسية ثانية.
ومنذ خسارته أمام بايدن في 2020 واصل ترامب تعزيز سيطرته على الحزب الجمهوري، إذ نجح في الإطاحة بخصومه داخل الحزب، وعلى رأسهم النائبة ليز تشيني ابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني.
وانتخبت ليز -وهي جمهورية محافظة قوية تقليدية- قبل عامين عن ولاية وايومنغ بأكثر من 70% من الأصوات، لكنها لم تحصل بعد هجومهما على ترامب إلا على 30% من الأصوات.
ولا تعكس الإطاحة بتشيني فقط حجم نفوذ ترامب على الحزب الجمهوري، ولكن أيضا تراجع التيار الجمهوري التقليدي وتغيير بوصلة الحزب الجمهوري في اتجاه اليمين.
العيون على ترامب 2024
ستظهر الانتخابات النصفية ما إذا كان تأييد الرئيس السابق ترامب لا يزال قويا بما يكفي لإعادة تشكيل الحزب الجمهوري من خلال اكتساح أنصاره من المرشحين في سباقاتهم.
وإذا فاز عدد كافٍ من مرشحي ترامب فستظهر قدرته على إعادة تشكيل الحزب الجمهوري، وإذا خسروا فهذا يعني أن قوته ليست بالمستوى المتصور عند خوض انتخابات على المستوى الوطني.
وعموما، كان ترامب حاضرا بقوة في حملة الانتخابات النصفية 2022، فقد أيد وعقد تجمعات لجميع أطياف الجمهوريين، ومن هنا لن يندهش أحد إذا بادر ترامب وأرجع مكاسب الجمهوريين -في حال تحققها- إلى دوره وشخصه.
ويرى خبراء أن ترامب قد يستغل فوز الجمهوريين بالانتخابات النصفية كخلفية لإطلاق حملته الرئاسية (2024) بصورة رسمية.