كاتب أميركي: لا داعي للذعر من بوتين.. حتى القادة اليائسون يميلون إلى تجنب الكارثة
حذر عالم سياسي أميركي من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يلجأ إلى عمل ذي عواقب “وخيمة” في حربه على أوكرانيا، إذا ما شعر أن ظهره إلى الحائط.
لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة إيموري، دان رايتر، أضاف مستدركا أنه لا يرى مدعاة للذعر من بوتين “فحتى القادة اليائسون يميلون إلى تجنب الكارثة”.
ومع ذلك يقر رايتر -في مقال له بمجلة فورين أفيرز الأميركية (Foreign Affairs) أن لبوتين أدوات “قذرة” بإمكانه استخدامها، فقد أظهر بالفعل استعداده لإصدار أوامر بضربات جوية تقليدية وضربات صاروخية ضد أهداف مدنية، بما في ذلك المراكز السكانية والبنية التحتية لشبكة الكهرباء في أجزاء كثيرة من أوكرانيا.
الأمر الأكثر قتامة
على أن الأمر الأكثر قتامة -وفق المقال- هو أنه لا يمكن استبعاد احتمال لجوء بوتين إلى نشر أسلحة كيميائية أو بيولوجية ضد أهداف أوكرانية، مثلما فعل أسلافه السوفيات في حربهم ضد أفغانستان.
ويرى الكاتب أن رد الفعل الأميركي “الباهت نسبيا” على استخدام الرئيس السوري بشار الأسد أسلحة كيميائية في الحرب الأهلية المستعرة في بلاده، واستخدام موسكو لغاز الأعصاب ضد المنشقين الروس الذين يعيشون في بريطانيا عام 2018، قد يشجع بوتين على المضي قدما في نشر تلك الأسلحة.
ولعل أكثر ما يثير قلق العديد من المراقبين تلميح بوتين المتكرر بالأسلحة النووية. وبوصفها دولة نووية، يمكن لروسيا أن تستخدم قنبلة نووية تكتيكية في محاولة قصوى لتغيير مسار الحرب.
خبر سار من التاريخ
ويتساءل كاتب المقال: هل سيتجنب بوتين الخيار النووي حتى لو ازداد يأسا؟ ويجيب قائلا إن الخبر السار هو أن التاريخ يشير إلى أنه من غير المرجح أن ينفذ بوتين أسوأ ما يخاف منه الغرب.
ذلك أنه سيأخذ في الحسبان -كشأن القادة الآخرين الذين سبقوه- ما إذا كانت أفعاله قد تساعده بالفعل على الفوز، وقد يحجم عن التفكير في التحركات التي قد تعرض روسيا لخسائر أكبر، أو الأسوأ من ذلك، تقويض حكمه في الداخل.
وإذا فشلت روسيا في حربها ضد أوكرانيا، فقد يشكل ذلك تهديدا حقيقيا لتشبث بوتين بالسلطة. ومن غير المرجح حدوث انقلاب عسكري عنيف، أو ثورة شعبية على غرار ثورة 1917 التي أطاحت بحكم القياصرة في روسيا وأفضت إلى إنشاء الاتحاد السوفياتي.
لكن من الممكن -برأي الكاتب- تخيل إطاحة بوتين من السلطة دون إراقة دماء، على شاكلة ما جرى للرئيس السوفياتي نيكيتا خروتشوف في عام 1964 أو ميخائيل غورباتشوف في عام 1991.
احتمال مخيف
ويتخيل أستاذ العلوم السياسية في مقاله أن النخب الروسية قد تتواصل سرا مع بوتين وتبلغه بأن الوقت قد حان لرحيله، دون احتجاجات شعبية أو من غير اعتقاله. ومع ذلك، فإن نرجسية بوتين وجنون العظمة قد تجعله يرى حتى هذا النوع من الخروج المنظم غير مقبول، بل قد يرى في تعرض مستقبل سلطته للخطر دافعا له لمواصلة إلحاق مزيد من الدمار والألم بأوكرانيا.
قد يأمل الرئيس الروسي في دفع كييف لتقديم تنازلات، لكنه من غير المحتمل أن يلجأ إلى تبني أكثر الخيارات قسوة، حسبما ورد بالمقال.
لم يكترث للغرب بشأن سوريا
ويضيف الكاتب “صحيح أن بوتين اتخذ في السنوات الأخيرة خطوات كبيرة لقطع علاقاته مع الغرب، وأعلن بصوت عال عدم اكتراثه برفض الغرب لقبضته المشددة على المجتمع الروسي، ودعمه لحكومة الأسد في سوريا، وتدخله في انتخابات الدول الغربية، وغزوه أوكرانيا، وأمور أخرى”.
لكن المبادرة باستخدام سلاح نووي سيكون أمرا مختلفا، لأنه الشيء الوحيد الذي قد يدفع العالم بأسره -بمن فيهم حلفاء روسيا المهمون مثل الصين- إلى الابتعاد عن روسيا وسحب دعمهم لها، كما يعتقد كاتب المقال.
وربما يكون هناك رد فعل عنيف داخل روسيا نفسها، لا سيما إذا استخدمت النووي لأول مرة دون تدخل حلف الناتو المباشر في الحرب.
عواقب لا يريدها بوتين
على أن استخدام سلاح نووي قد يفتح الأبواب التي يفضل بوتين تركها مغلقة، إذ قد تنخرط قوات من الناتو أو قوة جوية مباشرة في حرب أوكرانيا. وبالطبع هناك احتمال أن يرد الناتو بالمثل وهو أمر لا تريده روسيا، خاصة بالنظر إلى الترسانة “المتفوقة” التي تمتلكها الولايات المتحدة، حسب زعم أستاذ العلوم السياسية الأميركي.
ويخلص الكاتب إلى القول إن إيجاد مخرج من الحرب وخسائرها البشرية المتصاعدة بات أكثر إلحاحا، مما يعني ضرورة الدخول في محادثات “حقيقية” بشأن ما يجب أن تكون عليه شروط السلام.
ويختتم رايتر مقاله بإسداء النصح لواشنطن بألا تدع المخاوف “المبالغ فيها” من اتخاذ إجراءات “يائسة” تثنيها عن تعزيز مصالحها الوطنية.