الناشط المصري علاء عبد الفتاح خلال إحدى جلسات محاكمته (رويترز)

الناشط المصري علاء عبد الفتاح خلال إحدى جلسات محاكمته (رويترز)

القاهرة- تطورات متسارعة تشهدها قضية الناشط المصري علاء عبد الفتاح، في ضوء المناشدات والضغوط الدولية الكبيرة لدفع سلطات بلاده نحو الإفراج عنه، فمن ينتصر في هذه القضية، وما انعكاساتها على الملف الحقوقي بمصر، وأجندة مؤتمر المناخ “كوب 27” الذي تستضيفه القاهرة وتعول عليه الكثير؟

وتوقع سياسي مصري -في حديثه للجزيرة نت- الإفراج قريبا عن عبد الفتاح، في حين استبعد نشطاء ذلك بعد سلسلة تغريدات للإعلامي والبرلماني المقرب من السلطات مصطفى بكري، قال البعض إنها تعبر عن موقف غير رسمي للسلطات المصرية.

 

منذ اليوم الأول لانطلاق القمة بمنتجع شرم الشيخ السياحي، الأحد الماضي، تصاعدت المطالب المحلية والدولية لإطلاق عبد الفتاح، وتزايدت أكثر مع وصول شقيقته سناء سيف إلى مقر القمة للضغط للإفراج عن شقيقها الذي دخل إضرابا شاملا عن الطعام والماء، وتتخوف أسرته على حياته.

ويبدو أن ملف الناشط المصري سيشهد مزيدا من الزخم خلال الساعات القادمة، في ضوء ما نقلته عدة وسائل إعلام غربية أن قضية حقوق الإنسان ستكون حاضرة بقوة في محادثات الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته لمصر يوم الجمعة.

هذا الأمر كان قد ألمح إليه الحقوقي الشهير حسام بهجت، بالمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين من أجل إنقاذ مؤتمر المناخ، بعد أن كان الملف الحقوقي من أهم نقاط نقاشات من التقاهم السيسي من زعماء العالم بشكل منفرد.

وتواجه مصر انتقادات متكررة -عادة ما تنفيها- لسجلها الحقوقي، وتزايدت وتيرتها منذ الإعلان عن استضافتها قمة المناخ، التي يشارك فيها عشرات من القادة والوفود الحكومية، في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

 

انعكاسات على المجال العام

تعقيبا على سؤال بشأن الضغوط الدولية المطالبة بإطلاق علاء، يرى عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية (رسمي) أنها “تدخل في الشأن المصري”.

وفي حديث للجزيرة نت، شدد ربيع على أن هذه الضغوط والمطالبات، وإن كانت مرفوضة، فإنه يجب مناقشة الأسباب التي أوصلت إليها.

ربيع -وهو عضو بمجلس أمناء الحوار الوطني (المعني بإدارة مبادرة الحوار السياسي التي أطلقها السيسي قبل أشهر)- قال إن هذه الأسباب تتمثل في الأمور الخاصة بمحاكمات قضايا الرأي وتجاوز الحبس الاحتياطي المدد القانونية والدستورية، إضافة إلى انسداد الأوضاع في المجال العام بمصر.

وطالب نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات -لتجاوز هذه الأمور- أن تكون سياسات الإفراجات أكثر اتساعا وأفق رحب، على أن تشمل الجميع وليس شخصا مشهورا موصى عليه بشكل أو بآخر فحسب، محذرا من تداعيات خنق الرأي العام في بلاده.

وقبل سفرها لشرم الشيخ للمشاركة في قمة المناخ، قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامار، إن منظمتها وثقت اعتقال والتحقيق مع 1540 شخصا في مصر خلال الأشهر الستة الأخيرة، مقابل الإفراج عن 766 شخصا خلال نفس الفترة تقريبا.

 

وخلال مؤتمر صحفي عقد في مقر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالقاهرة، أضافت كالامار “ومع ذلك فنحن نرحب بحالات إطلاق السراح تلك، وهي توضح أن هذا الأمر يبدو ممكنا ومرتبطا بالإرادة السياسية”.

 

توقعات متضاربة

ومتفقا مع الطرح السابق، يتوقع السياسي مجدي حمدان، القيادي بالحركة المدنية (أكبر تجمع معارض داخل مصر) أن يتم الإفراج عن عبد الفتاح خلال ساعات، مستنكرا التهاون الشديد في عدم الإفراج عنه قبيل انعقاد القمة.

وفي حديث للجزيرة نت، أشاد حمدان بأسرة عبد الفتاح، قائلا إنها كانت من الذكاء والدهاء بانتظار هذه اللحظة (قمة المناخ) في وضع مخططها لتسليط الضوء على قضيته وحبسه، مشيرا إلى أن جنسيته وأسرته البريطانية قد تدفع رئيس الوزراء (البريطاني) سوناك بتهيئة الإفراج عنه ومغادرته مصر.

وحول انعكاسات الزخم الراهن على الملف الحقوقي، قال حمدان إنه كان يجب على لجنة العفو الرئاسي أن تسرع برفع ملفات معتقلي الرأي، خاصة وأن عدد المفرج عنهم (عبر اللجنة) لا يزيد على 700، بينما رصدت الحركة المدنية أكثر من ألفي اسم كانت قد رفعت للجنة لتقديمها لرئيس الجمهورية لإصدار عفو عن أصحابها.

وحذر حمدان من الآثار السلبية على التمويلات التي تنتظرها بلاده من القمة، قائلا إن لغة الدولة المصرية لا تتفق مع لغة الديمقراطية، وما ينص عليه الدستور فيما يخص بحماية أصحاب الرأي.

 

في المقابل، قال الإعلامي والبرلماني المقرب من السلطات المصرية مصطفى بكري إن الرئيس أبلغ رئيس الوزراء البريطاني أن عبد الفتاح لم يحصل على الجنسية البريطانية بشكل نهائي، وكتب بكري سلسلة من التغريدات مساء اليوم الأربعاء، قال نشطاء إنها تعني رفضا مصريا للإفراج عن عبد الفتاح.

 

إضراب كلي

وبناء على ما ذكرته أسرته، فإن اليوم هو الرابع لإضراب عبد الفتاح عن الماء، والخامس من إضرابه الكلي عن الطعام، بعد قرابة 7 أشهر من الاضراب الجزئي، الذي بدأه في أبريل/نيسان الماضي.

ولا تزال والدته ليلى سويف، الأكاديمية والناشطة السياسية والحقوقية، تنتظر رسالة منه خارج سجن وادي النطرون (شمال القاهرة) خوفا من وفاته، كما أن أسرته “قلقة من احتمال تعرضه للتعذيب من خلال الإطعام القسري”.

ويقضي عبد الفتاح، وهو وجه بارز في ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، حكما بالسجن 5 سنوات بتهمة “بث أخبار كاذبة” وقد أمضى جزءا كبيرا من العقد الماضي في السجن. وحصل على الجنسية البريطانية من خلال أمه المولودة في هذا البلد، ضمن مساعي عائلته للبحث عن أي وسيلة “قد تبدو مستحيلة” لتحريره، كما ورد في بيانٍ سابق لها.

في المقابل، هناك تصريحات رسمية متكررة تنفي إضرابه تماما، وتقول إنه بحالة جيدة ويتلقى رعاية طبية منتظمة، وهو ما نفته أسرته وطالبت بزيارة قنصلية من السفارة البريطانية بمصر باعتباره مواطنا بريطانيا.

 

تشكيك رسمي

في مقابلة على هامش قمة المناخ، مع قناة “سي إن بي سي” CNBC الأميركية، قال وزير الخارجية سامح شكري، عن إضراب عبد الفتاح، إنه على ثقة من أن سلطات السجون ستقدم الرعاية الصحية اللازمة والمتاحة لجميع السجناء.

وعند سؤاله حول ما إذا كان ذلك يعني إطعامه قسريًا، قال “هناك إضرابات سابقة عن الطعام لم يكن من الممكن التحقق من صحتها” مشيرا إلى أن الإضراب “اختيار شخصي” يُعامل طبقًا للقواعد واللوائح المصرية.

كما شكك شكري في تمتع الناشط المصري بالجنسية البريطانية، مشيرا إلى عدم إتمامه إجراءات حصوله عليها.

في السياق ذاته، لم يختلف التفاعل غير الرسمي كثيرًا مع تطورات قضية عبد الفتاح، وهو ما بدا في واقعة طرد قوات الأمن التابعة للأمم المتحدة النائب البرلماني عمرو درويش من قاعة مؤتمر حقوقي دولي أقيم على هامش مؤتمر شرم الشيخ، تحدثت فيه سناء سيف، عن وضع شقيقها والمعتقلين السياسيين في مصر.

ما تعرض له درويش، وهو أحد أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب (المدعومة من النظام) تكرر مع الحقوقية نهاد أبو القمصان التي زعمت في لقاءات صحفية أنه تم منعها من الحديث خلال المؤتمر.

 

وفي مقابل ما وصفه البعض بـ “التحريض” من قبل إعلاميين ومحسوبين على السلطات المصرية، خرجت تحذيرات من مقربين للنظام من تداعيات الأمر، ومطالبات بضرورة سرعة الإفراج عن عبد الفتاح.

 

ضغوط متصاعدة

منذ اليوم الأول لقمة المناخ، بدا لافتا تحول اهتمامات الإعلام الدولي وناشطي المناخ وحقوق الإنسان نحو قضية الناشط المصري وملف معتقلي الرأي في البلاد، ووفق رصد لبيانات رسمية وتقارير صحفية، تمثلت أبرز الضغوط والمطالب الغربية للإفراج عن عبد الفتاح، في:

  • اليوم الأربعاء قالت منظمة العفو الدولية إنه “لا يمكن تحقيق عدالة مناخية من دون حقوق الإنسان. طالبوا عبد الفتاح السيسي بالإفراج عن عبد المنعم أبو الفتوح وكل معتقلي الرأي في مصر”.
  • الرئيس الأميركي بايدن يعتزم إثارة مسألة حقوق الإنسان خلال زيارته لمصر، واجتماعه الثنائي المرتقب مع السيسي.
  • البيت الأبيض قلق حيال قضية عبد الفتاح وظروفه في السجن.
  • الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد أن السيسي تعهد خلال لقائهما على هامش القمة، يوم الاثنين، بمراعاة صحة الناشط المصري.
  • المستشار الألماني أولاف شولتس وجه نداء للإفراج عن عبد الفتاح من شرم الشيخ قائلاً “لابد أن يكون الإفراج عنه ممكنا، حتى لا ينتهي إضرابه عن الطعام بالموت”.
  • رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، أشار خلال اجتماع مع السيسي في شرم الشيخ، الاثنين، إلى “قلقه العميق” بشأن عبد الفتاح.
  • سوناك أكد أن حكومته ملتزمة تمامًا بحل قضية عبد الفتاح، وأنه يظل يمثل أولوية لها “سواء كمدافع عن حقوق الإنسان أو كمواطن بريطاني”.
  • سناء سيف قالت: إن تدخل سوناك بشكل عاجل يمكن أن يوفر لأخيها مقعدًا على الطائرة التالية إلى لندن، بحسب ما نقله موقع “مدى مصر”.
  • السفير البريطاني السابق لدى مصر جون كاسون (2014 -2018)، قال في مقال له إن الإفراج عن عبد الفتاح “عامل رئيسي في العلاقات بين البلدين”.
  • المفوض الأممي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، طالب بالإفراج الفوري عن عبد الفتاح.
  • كليمان فول، المقرر الأممي المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، دعا إلى الإفراج الفوري عن عبد الفتاح، وحذر من أن “حياته في خطر”.
  • صباح الاثنين، بدأت 3 صحفيات مصريات إضرابا عن الطعام في مقر نقابتهن، وسط القاهرة، للمطالبة بالإفراج عن عبد الفتاح.
  • في المقابل، أعلنت بعثة مصر لدى الأمم المتحدة رفضها لبيان المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان، بشأن المطالبة بالإفراج عن عبد الفتاح، وقالت إنه “مواطن مصري تمت محاكمته وإدانته ويقضي عقوبته حاليا”.

 

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

About Post Author