تقدم صحيفة “ليبيراسيون” (Liberation) الفرنسية مختارات من القصص المذهلة عن عالم التجسس الروسي الغامض في خضم الحرب مع أوكرانيا، تذكر بأيام “لجنة أمن الدولة” أو جهاز “كي جي بي” (KGB) الشهير، عندما كان الجواسيس السوفيات يتدفقون على العالم أيام الحرب الباردة.
وفي تسجيل صوتي للصحيفة، تسرد الصحفية سالومي كوردولي 5 قصص حدثت مؤخرا تتعلق بجواسيس روس، وتسلط الضوء على التدخل المتكرر الذي يستهدف دولا بعينها، مستكشفة الأساليب المختلفة التي يستخدمها العملاء لتحقيق مآربهم كالمراقبة والقرصنة والتسلل والتخابر، كما تفضح الإستراتيجيات التي تنتهجها الدول الضحية لمواجهة هذا العمل.
وأحدث هذه القصص -كما يروي الفيديو- كانت إيقاف مواطن روسي في النرويج، قدم إلى البلد على أنه باحث برازيلي وعمل في جامعة بشمالي البلاد، في منطقة ذات أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا، وقد أُوقف الرجل واتهم بالعمل لصالح المخابرات العسكرية الروسية بعد أن تكرر ذهابه وعودته من وإلى روسيا، وهو ما لا يفعله الجواسيس عادة.
وفي النرويج دائما، أوقف كذلك 7 مواطنين روس بعد اتهامهم بتطيير مسيرات بصورة غير مشروعة لتصوير مناطق إستراتيجية في شمالي البلاد، وقد وجد بينهم أندري ياكونين نجل رئيس سكك الحديد الروسية المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين.
أما القصة التي أحدثت ضجة كبيرة -حسب التسجيل الصوتي- فهي اكتشاف آثار جواسيس روس على موقع “لوبونكوين” (Leboncoin) الفرنسي للإعلانات، وهم يحاولون تجنيد باحثين فرنسيين شباب، ويستهدفون بالأساس الشبان المختصين في الهندسة والعلوم السياسية، ممن يتوقع حصولهم على مناصب مهمة في الإدارة الفرنسية أو الصناعة في المستقبل، وقد قاموا بـ12 محاولة تجنيد خلال سنتين.
قصة أخرى تظهر محاولة تسلل في هولندا، كما يقول التسجيل، وذلك عندما أوقف جاسوس روسي السنة الماضية عند وصوله إلى مطار أمستردام، وقد تقدم بوصفه برازيليا تم قبوله عضوا في المحكمة الجنائية الدولية التي تحقق الآن في جرائم الحرب في أوكرانيا، مما يعني أنه كان -لو لم يكشف أمره- سيقدم للكرملين معلومات ثمينة للغاية، وقد ظهر أنه يعمل لصالح المخابرات العسكرية الروسية.
وأخيرا سرد التسجيل قصة قرصنة حاسوب رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ليز ستراس من قبل قراصنة روس لمدة سنة كاملة، وذلك عندما كانت وزيرة للخارجية مكلفة بالقضايا المتعلقة بالحرب في أوكرانيا.
وأشار التسجيل إلى أن الروس طوروا طرقا جديدة من التجسس والتدخل تزري بسيادة الدول، وخاصة الدول المجاورة، وتشمل هذه الطرق تجنيد الجواسيس والعمل الاستخباراتي والمراقبة والتسلل والقرصنة، مما يساعد موسكو على التقدم خطوة على أعدائها أينما كانوا في هذا العالم.
ومن أجل محاربة هذه الطرق، تنتهج الدول الضحية إستراتيجيات مختلفة، كما يوضح التسجيل، بحيث تسعى دول الجوار إلى إقامة جدار مع روسيا مثل فنلندا وبولندا، إذ قررت فنلندا التي تمتلك أطول حدود مع روسيا منع دخول أي مواطن روسي يحمل تأشيرة سياحية.
من جانبها، قررت النرويج رفع ميزانية الدفاع بـ10% السنة القادمة، وهي تفكر صراحة في إعادة أي مواطن روسي إلى حدود بلاده، أما فرنسا فتعمل بطرق مختلفة لمواجهة التجسس الروسي، فهي تلجأ حينا لطرد الجواسيس إلى بلدهم، وحينا تعزلهم بصورة سرية.
وخلص التسجيل إلى أن هناك تحديا سياسيا وإستراتيجيا وراء هذه القصص، يثبت أن التهديد الروسي يتخذ أشكالا متعددة، وأن موسكو لا تريد التوقف عنه مطلقا.