دانيال رادكليف تجاوز أسوار الدور الأيقوني لهاري بوتر وبات يقفز من دور جريء إلى آخر غريب (الجزيرة)

دانيال رادكليف تجاوز أسوار الدور الأيقوني لهاري بوتر وبات يقفز من دور جريء إلى آخر غريب (الجزيرة)

في سن الـ12 من عمره تحوّل الطفل البريطاني دانيال رادكليف من ممثل صغير واعد إلى نجم سينمائي يعرفه الكبار قبل الصغار، بعدما أصبح “هاري بوتر” الساحر الطفل في سلسلة أفلام مقتبسة من الروايات الشهيرة التي تحمل الاسم ذاته.

التصق الدور بدانيال فأصبح في أذهان الملايين الطفل الذي نجا. وطوال العقد الأول من الألفية الثالثة، حاول الممثل الصغير أن يسبق ظله ويطلق موهبته من سجن الدور الواحد، وها هو اليوم يجني حصاد نجاحه، ليصبح أحد أكثر ممثلي هوليود حرية في الاختيارات.

 

الطفل الذي نجا من هوليوود

في الخامسة من عمره، أخبر دانيال رادكليف والديه بأنه يرغب في التمثيل فأخذا الأمر بجدية، وأدخلاه في الكثير من اختبارات الأداء. وحصل على أول أدواره الكبيرة بعد ذلك بـ5 سنوات في مسلسل من حلقتين مقتبس عن رواية تشارلز ديكنز الشهيرة “ديفيد كوبرفيلد” عام 1999، وهو الدور الذي كان بداية نجاحه، ليس فقط لأنه الظهور الأول له على الشاشة، بل لأنه عرَّفه على الممثلة ماغي سميث التي رشحته لصناع “هاري بوتر”، ومن ثم شاهد المخرج كريس كولومبوس لقطات من المسلسل وقرر اختياره للدور.

لم يرغب والدا دانيال في تقديمه تجربة أداء لهذا الدور، لأن ذلك يعني توقيعه عقداً لـ7 أفلام في لوس أنجلوس، فقدمت الشركة المنتجة “وارنر براذرز” عقداً بفيلمين فقط مع التصوير في بريطانيا.

سرعان ما أصبح دانيال الطفل الأشهر في العالم، مما وضعه تحت ضغط كبير خلال فترة بلوغه وأدى إلى اضطرابات عدة في حياته، منها إدمانه الكحول خلال تصويره الأفلام الأخيرة من “هاري بوتر”. واستمر في ذلك حتى عام 2010، عندما أقلع دانيال الشاب عن تلك الآفة، بمساعدة عائلته وأصدقائه.

غالباً ما يقع المشاهير الجدد في براثن الكحول والمخدرات، فالشهرة السريعة والحياة المليئة بأشخاص مستغلين والخيارات غير المحدودة تقود إلى طرق مظلمة تشوّش الذهن، وتعظّم من نقاط الضعف. وكثيرون سواه ذابت نجوميتهم بسبب اضطرابات المراهقة والشهرة مثل ليندسي لوهان وباريس هيلتون. على عكس هؤلاء، لم تتسرّب أخباره السيئة إلى الصحف الصفراء حتى تحدث هو بنفسه عن الأمر وعن رحلة إقلاعه عن الإدمان.

لا يخاف الأدوار المختلفة

ربما كانت السنوات العشر الأولى من القرن الـ21 هي الأكثر إنتاجية لدانيال رادكليف، إذ حصل خلالها على شهرة واسعة عالمياً والكثير من المال. ولكن العشرية الثانية كانت الأكثر إبداعاً، فقد أخذ عددا كبيرا من الأدوار المتنوعة منها جثة في فيلم “رجل الجيش السويسري” (Swiss Army Man) والشاعر آلن غينسبرغ في “أقتل أعزاءك” (Kill Your Darlings)، وعميل “إف بي آي” في “إمبريوم” (Imperium)، ليثبت موهبته كممثل لا يخاف من تغيير جلده مع كل مشروع بل يبحث كذلك بنشاط عن أكثر الأدوار غرابة واختلافاً عن أعماله السابقة.

وفي أحدث أعماله الفيلم التلفزيوني “ويرد آل يانكوفيتش” (Weird Al” Yankovic)، يقدم الممثل الشاب السيرة الذاتية للمغني والنجم آل يانكوفيتش في خيار يبدو متماشياً مع المسيرة الجريئة لدانيال في السنوات القليلة الماضية، فالساحر الصغير قبل سنوات يقدم الآن دور عازف الأكورديون الأشهر بشعره المجعّد وقميصه المنقوش.

امتلك دانيال سمعة الممثل المثير للاهتمام في خياراته، فهو مغامر يتنقل بين الأفلام المختلفة بخفة. والفيلم الأخير الذي اتبع النهج الساخر في تناوله السيرة الذاتية لبطله كان مثالياً كخطوة جديدة في مسيرة تبدو عشوائية، ولكنها ليست كذلك.

 

في حواره مع “هوليود ريبورتر” (Hollywood Reporter)، قال دانيال “عندما أنهيت بوتر كنت أحاول معرفة ما ستكون عليها مسيرتي المهنية اللاحقة، وأردت أن أصبح ذلك النوع من الممثلين الذين يختارون أدوارا مثيرة للاهتمام”.

وأشار إلى أن نجاحه الكبير في دور علق في أذهان الملايين كـ “هاري بوتر” كان يمكن أن يكون عثرة في مسيرته فلا يرغب به المخرجون في أفلامهم، لأنه سيظل الساحر الصغير للأبد.

ولكسر هذه الصورة النمطية كان أول أعماله بعد انتهاء سلسلة “هاري بوتر” هو فيلم الرعب “المرأة ذات الرداء الأسود” (The Woman in Black)، المقتبس عن رواية بالاسم ذاته نشرت عام 1983، إذ قدم في هذا العمل شخصية مغايرة تماما لدوره الأيقوني.

ونجح الفيلم تجاريا بتحقيقه 127 مليون دولار، وأصبح أعلى فيلم بريطاني من حيث الإيرادات عام 2012، وأولى الخطوات الثابتة للمرحلة الثانية والأهم في مسيرة دانيال رادكليف.

وعلى عكس مخاوف الممثل الطموح ومصائر الكثير من الممثلين الآخرين الذين اشتهروا في طفولتهم ثم “أفل نجمهم” بعد ذلك، استطاع الشاب الذي يقترب الآن من منتصف الثلاثينيات تجاوز أسوار الدور الأيقوني، ليجني حرية يتمناها كثير من الفنانين، فهو لا يحتاج إلى التنازل وتقديم أدوار غير ملائمة أو حبس نفسه في توقعات الجمهور، بل يقفز من دور جريء إلى آخر غريب.

المصدر : الجزيرة + وكالات

About Post Author