حرب أوكرانيا.. انفتاح روسي على الحوار وشروط أوكرانية ولندن تتعهد بمزيد من التسليح لكييف
قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك اليوم السبت في أول زيارة يقوم بها إلى كييف إن بريطانيا ستقدم لأوكرانيا منظومات دفاع جوي بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني، وفي حين قال مسؤول روسي إن بلاده لم تغلق باب التفاوض مع أوكرانيا، وضعت أوكرانيا شروطا للسلام مع روسيا.
وأكد رئيس وزراء بريطانيا في بيان عقب لقائه في كييف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن بلاده ستستمر في تقديم دعمها العسكري لأوكرانيا بقيمة مليارين و300 مليون جنيه إسترليني العام القادم.
وقال سوناك إن حزمة المساعدات العسكرية الجديدة تشمل دفاعات جوية وأسلحة مضادة للطائرات ورادارات وعتادا مضادا للطائرات المسيرة، مشددا على أن لندن ستكثف الدعم الإنساني لمساعدة كييف في مواجهة فصل الشتاء القاسي المقبل.
القصف الروسي
وخلال استقباله رئيس الوزراء البريطاني، قال الرئيس الأوكراني إن الهجمات الروسية على منشآت الطاقة في أوكرانيا تستهدف وقف صادراتها من الطاقة لأوروبا وقطع الصلات بها.
وأضاف زيلينسكي أن كل هجوم روسي على منشآت الطاقة هو فعليا هجوم على أوروبا.
وفي سياق متصل، تخشى السلطات الأوكرانية تصاعد أزمة الكهرباء بعدما أكدت أن الهجمات الروسية عطلت نصف منظومة الطاقة في البلاد.
وقالت قيادة عمليات الجنوب الأوكرانية إن قصفا صاروخيا روسيا استهدف، فجر اليوم السبت، بنى تحتية صناعية في مقاطعة زاباروجيا جنوبي البلاد.
جاء ذلك بعدما قال الرئيس زيلينسكي -في خطابه الليلي أمس الجمعة- “وضع إمدادات الطاقة صعب في 17 منطقة وفي العاصمة”.
وأوضح زيلينسكي أن “الأمور صعبة للغاية في منطقة كييف ومدينة كييف ومنطقة أوديسا (جنوب) وأيضا فينيتسيا وترنوبل (غرب)”.
وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء دينيس شميغال أن الهجمات الروسية على البنية التحتية عطلت نصف منظومة الطاقة، متهما موسكو بقتل المدنيين وحرمانهم من الكهرباء والتدفئة والاتصالات خلال فصل الشتاء.
تبادل الاتهامات
سياسيا، قال رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي إن موقف بلاده كان ولا يزال واضحا بأنها لم تغلق باب التفاوض مع أوكرانيا، ولا ترفض مواصلة المفاوضات.
وأوضح المسؤول الروسي أن الرئيس الأوكراني لا يهتم بالمفاوضات، قائلا إن الدليل الأكبر على ذلك هو محاولته جر حلف الناتو إلى صراع مع روسيا بعد حادث سقوط صواريخ في بولندا.
وشدد المسؤول الروسي على أن قرار استئناف المفاوضات يُتخذ في واشنطن، مهما قيل إن الأمر متروك لأوكرانيا، وفق تعبيره.
في المقابل، قال أندريه يرماك كبير مساعدي الرئيس الأوكراني إن السلام مع روسيا لن يكون ممكنا إلا عندما يتم تدمير الجيش الروسي وتستعيد أوكرانيا حدود عام 1991.
وتشمل حدود 1991 المقاطعات الأوكرانية الأربع التي أعلنت روسيا ضمها من جانب واحد، إلى جانب شبه جزيرة القرم.
وسبق هذه التصريحات إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن روسيا لا تبحث عن السلام، بل عن هدنة قصيرة تستجمع فيها قواتها، ولن يؤدي ذلك إلا إلى تفاقم الوضع، حسب تعبيره.
وشدد زيلينسكي -في كلمة وجهها عبر الفيديو للمشاركين في منتدى الأمن الدولي في مدينة هاليفاكس بكندا- على أن أي صيغة للتنازل عن أراضي بلاده أو سيادتها لا يمكن اعتبارها سلاما.
معارك الشرق
يأتي هذا بينما قال الجيش الأوكراني إنه رصد تحركات 7 سفن روسية معادية في البحر الأسود، بينها حاملة صواريخ.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها نجحت في السيطرة على بلدة أوبيتنو القريبة من مطار دونيتسك، بينما تواصل قصف مدينة باخموت وبلدات مجاورة لها بالمدفعية.
من جهته، قال زعيم دونيتسك الموالي لروسيا، دينيس بوشيلين، “قوات العدو تدفع بتعزيزات كبيرة إلى محور باخموت”.
وأكد بوشيلين أن المعارك مستمرة، وأن قواته تتقدم على طول خط الجبهة في المنطقة.
في غضون ذلك، قال مركز الدفاع الإقليمي التابع لقوات دونيتسك الموالية لروسيا إن 6 مدنيين أصيبوا بجروح في قصف أوكراني على حي كييفكسي شمالي مدينة دونيتسك.
وأضاف مركز الدفاع أن القوات الأوكرانية أطلقت 6 قذائف مدفعية على الحي أصابت مباني سكنية ومبنى الإدارة الإقليمية للمياه بإقليم دونباس.
من جهته، قال عمدة دونيتسك الموالي لروسيا، أليكسي كوليمزين، إن قصفا من جانب القوات الأوكرانية أدى لوقوع أضرار مادية بمجمع “دونباس أرينا” وملعب فريق شاختار دونيتسك لكرة القدم وسط المدينة.
في المقابل، أعلنت قيادة الأركان الأوكرانية صد 6 محاولات تقدم للقوات الروسية بمقاطعة دونيتسك جنوب شرقي البلاد.
وقالت القيادة إن نحو 500 جندي روسي أصيبوا خلال الأسبوع الماضي في محور مايورسك.
ونقل مراسل الجزيرة عن مصادر عسكرية أوكرانية أن المدفعية الأوكرانية تمكنت من توجيه ضربات أعاقت تقدم القوات الروسية في منطقة أفديفيكا.
خطة موسكو
وفي واشنطن، قال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) اليوم السبت إن تصعيد الضربات الصاروخية الروسية في أوكرانيا يستهدف -ضمن أمور أخرى- إجهاد قدرات الدفاعات الجوية الأوكرانية، وهو أمر تأمل موسكو أن يسمح لقواتها بتحقيق الهيمنة على أجواء البلاد.
وقال كولين كال وكيل الوزارة للسياسات -للصحفيين خلال رحلة إلى الشرق الأوسط- إنهم (الروس) في الحقيقة يحاولون إرباك وإجهاد أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية.
وأضاف “نعرف نظرية النصر الروسية، وملتزمون بضمان ألا تثمر، وذلك من خلال ضمان حصول الأوكرانيين على ما يحتاجون إليه، لتظل دفاعاتهم الجوية قوية”.
من جانبه، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن عدم مساعدة أوكرانيا في تأمين مستقبلها قد يؤدي إلى نشأة “عالم من الطغيان والفوضى”.
وأضاف أوستن في كلمة أدلى بها اليوم السبت في منتدى أمني في كندا أن “زملاء بوتين المستبدون يراقبون، وقد يستنتجون أن امتلاكهم أسلحة نووية سيمنحهم رخصة صيد خاصة بهم، وقد يؤدي ذلك إلى تزايد خطير في الانتشار النووي”.
تحذير للناتو
بدوره، أكد حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) أن طائرتين مقاتلتين روسيتين اقتربتا بشكل خطير وغير احترافي -في وقت سابق هذا الأسبوع- من سفن للناتو كانت تجري عملية روتينية في بحر البلطيق.
وأوضحت القيادة البحرية للحلف -في بيان- أن الحادث وقع صباح الثلاثاء الماضي عندما اقتربت طائرتان روسيتان من هذه السفن على ارتفاع 300 قدم (91 مترا) ومسافة 80 ياردة (73 مترا)، من دون أن يرد الطياران على الاتصالات.
وأضاف البيان أن الناتو اعتبر حادثة الاقتراب “خطيرة وغير مهنية”، لأنها تمت في منطقة خطر معروفة، تم تفعيلها لتدريب الدفاع الجوي، نظرا لمستوى ارتفاع الطائرات وقربها، مشيرا إلى أنها زادت من خطر ارتكاب أخطاء في الحسابات وسقطات وحوادث.
ولفت البيان إلى أن قوات الناتو “تصرفت بمسؤولية” إزاء هذه الحادثة، تنفيذا للأنظمة البحرية.
وتابع أن الحلف سيرد بشكل مناسب على أي تداخل مع النشاط الشرعي للناتو في المنطقة من شأنه “تعريض سلامة طائراتنا أو سفننا أو طاقمها للخطر. الناتو لا يسعى إلى المواجهة ولا يمثل أي تهديد”.
يأتي الحادث في ظل تصاعد التوترات بين الناتو وروسيا بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا منذ فبراير/شباط الماضي.
وازدادت المخاوف من وقوع اشتباك بين الجانبين هذا الأسبوع بعد مقتل شخصين بصاروخ في بولندا المجاورة لأوكرانيا والعضوة في الحلف.
وسارع التحالف إلى تهدئة التوتر بالقول إن الحادث ناجم على الأرجح عن صاروخ أطلقه نظام الدفاع الجوي الأوكراني.