أعلنت حربا على المثليين.. قوانين روسية جديدة تجرّم الدعاية للشذوذ الجنسي
موسكو- اعتمد مجلس الدوما (البرلمان) الروسي -اليوم الخميس- مشروع قانون يحظر الدعاية للمثليين ومزدوجي الميل الجنسي والتأثير على الهوية الجنسية للأطفال وتغيير نوع الجنس.
وبحسب القانون الجديد الذي أُقر بالإجماع، ستحظر الدعاية بين القاصرين والبالغين على حد سواء، وشددت العقوبة على الترويج للاعتداءات الجنسية على الأطفال، وإعادة تحديد الجنس (تغييره).
وفيما يبدو تحسبا لاستغلال أية ثغرات في المصطلحات والمفاهيم، أوضح نص القانون الجديد أن الدعاية تعني نشر معلومات أو القيام بأفعال ذات طابع علني تهدف إلى تكوين مواقف جنسية غير تقليدية، والعمل على الترويج لها، وكذلك تشويه فكرة التكافؤ الاجتماعي والعلاقات الجنسية التقليدية.
تعديلات أخرى
ويتضمن الحظر -من بين أشياء أخرى- الصور والوصف بالكلمات، مما يعني أن القاصرين والبالغين أصبحوا الآن ممنوعين من مشاهدة العلاقات الجنسية غير التقليدية، أو القراءة عنها والاستماع إليها.
كما تضمّن القانون تعديلات على قانون الجرائم الإدارية، وعلى وجه الخصوص المادة المتعلقة بالغرامات على دعاية المثليين بين القاصرين، بحيث تم تنقيحها بشكل كبير.
وتمّ فرض عقوبات على الدعاية بين البالغين، أي أن الحظر شمل جميع المواطنين الروس، بغض النظر عن العمر. وتضمنت التعديلات التي أُدخلت في القراءة الثانية لمشروع القانون، توسيع مادة الغرامات لتشمل تشجيع تغيير الجنس.
ومشروع القانون الذي سيذهب الآن إلى مجلس الاتحاد وبعده لتوقيع الرئيس، لا يفرض فقط حظرًا على دعاية المثليين، ولكن أيضًا على الاعتداء الجنسي على الأطفال، والمعلومات التي تشجع المراهقين على تغيير جنسهم.
وتنطبق القيود ذات الصلة على وسائل الإعلام والإنترنت والسينما والإعلان والكتب والخدمات السمعية البصرية.
حرب على مراحل
وفي عام 2013، تمَّ اعتماد قانون حظر الدعاية للمثلية الجنسية، وظهر في قانون الجرائم الإدارية بند تحت عنوان: “الدعاية للعلاقات الجنسية غير التقليدية بين القاصرين”، ورُفعت الغرامة عليها لتصل إلى مليون روبل (حوالي 15 ألف دولار). ورأى خبراء حينها أن هذا المقياس أدى لتراجع ارتكاب هذا النوع من الجرائم.
ومن الأمثلة على ذلك، قرار إحدى المحاكم في مدينة سامارا الروسية بإدانة إحدى المواطنات بتهمة “الترويج لعلاقات جنسية غير تقليدية”، وأمرتها بدفع غرامة قدرها 50 ألف روبل (أكثر من 7 آلاف دولار).
وكان سبب ذلك قيام المواطنة بإعادة نشر أخبار وروابط لمواقع ما يسمى بـ”تحالف الشباب من أجل الحقوق الجنسية” على منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى مشاركة منشورات أجنبية حول إجراء استفتاء في إيرلندا حول تقنين الزواج من نفس الجنس، وإقامة معرض في سانت بطرسبيرغ حول المراهقين الروس المثليين.
والآن، تم رفع قيمة الغرامات على الترويج للاعتداء الجنسي على الأطفال على الإنترنت وفي وسائل الإعلام لتصل إلى 800 ألف روبل على الأشخاص العاديين، ومليوني روبل على المسؤولين، و10 ملايين روبل على الشركات والمؤسسات.
على نار هادئة
وانقضى الكثير من الوقت نسبيا بين القراءة الأولى والثانية لمشروع القانون، رغم أن القرارات “الأيديولوجية” عادة ما يتم اتخاذها بشكل أسرع، مما يتوافق مع ما يراه مراقبين من أن المناقشات والصياغة الدقيقة و”سد كل الثغرات الممكنة” في النص هي ما تفسر الوقت الطويل.
فعلى سبيل المثال، لا تشكل الاستشارة القانونية والنفسية في هذا السياق فعلا دعائيا، إذ لا تشكل عملا جماهيريا ولا نشرا عاما للمعلومات.
“نهاية كابوس”
يقول الناشط الاجتماعي فلاديمير كوليسنيكوف إن إقرار القانون يشكّل “نهاية كابوس” اجتماعي، ومن شأنه أن يساعد في حماية الناس ومستقبل البلاد من “الظلام، والقيم الغريبة المنافية للطبيعة البشرية التي يروّج لها عدد كبير من البلدان الأوروبية”.
ويضيف كوليسنيكوف -للجزيرة نت- أن مؤسسات ودوائر غربية، وتحت شعار حماية حقوق الإنسان والأقليات الجنسية، استخدمت الفوضى التي غرقت فيها البلاد في مرحلة التسعينيات، والانفتاح الذي ساد بعد تلك المرحلة وإلى الآن، وتمكّنت إلى حد كبير من الترويج لمظاهر ومفاهيم غريبة عن عادات وقيم المجتمع الروسي المتعدد الأديان والأعراق.
إضافة إلى ذلك، يعتبر الناشط الروسي أن القيم المنافية للطبيعة البشرية يمكن أن تؤثر سلبا، ليس فقط على نفسية الأطفال “الهشة”، ولكن أيضًا على المؤشرات الديمغرافية، معتبرا المعايير الأوروبية مرفوضة وغريبة وعدوانية وذات طابع “تدخّلي” وتسبب غضبًا عامًا واسع النطاق داخل المجتمع.
سد الطريق على التأويلات
من جانبه، قال الخبير في الشؤون القانونية إيفان سيرغييف إن التشريعات الجديدة “لا تهدف بأي حال من الأحوال إلى الانتقال إلى نظام الرقابة، ولكن إلى حماية القيم التقليدية، وكذلك الأطفال وكافة شرائح المجتمع من الاستفزازات والتأثير المدمر والسلبي للمحتوى”.
ويرى -في حديث للجزيرة نت- أن من ميزات القانون الجديد أنه “سد الطريق” أمام التأويلات التي لطالما يروج لها المثليون أو المدافعون عنهم، مثل الفرق بين تغيير الجنس والتحول الجنسي، بحيث تسبب جهل النواب في السابق بهذه التفاصيل في تقديم خدمة لمجتمعات المثليين، وتعزيز وجهة نظرهم.