اقتربت العملية العسكرية التركية المتوقعة في الشمال السوري، وذلك بشكل أكثر من أي وقت مضى، فقد تم تأجيلها في اللحظة الأخيرة عدة مرات.
وقال الكاتب سرهات أركمان في تقريره الذي نشره موقع “فكرتورو” التركي إن الحراك الإقليمي والعوامل الداخلية في سوريا وصلت إلى درجة فتح باب المرحلة الجديدة التي يجب دخولها لأجل إنهاء الأزمة في سوريا، إذ إن السبب المباشر لعملية “قفل- مخلب” الجوية كان الهجوم الإرهابي الذي نفذه حزب العمال الكردستاني في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في شارع الاستقلال.
لكن العملية البرية المتوقعة الآن لا تتعلق فقط بالعمل الإرهابي في شارع الاستقلال، فقد حاولت تركيا لعدة مرات منذ النصف الثاني من عام 2021 تنفيذ عمليات للقضاء على التهديدات التي يشكلها وجود حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في سوريا، ولكن لم يكن من الممكن إنهاء هذه المحاولات في كل مرة بسبب ردود فعل روسيا والولايات المتحدة، غير أن الظروف مختلفة الآن.
وذكر الكاتب أن تقاطع 3 منظومات أساسية يجعل من الممكن لتركيا البدء في العملية العسكرية في سوريا: الأولى: انخفاض قدرة روسيا على إيقاف تركيا بسبب المشاكل العسكرية والاقتصادية التي سببتها حرب أوكرانيا، الثانية: عدم استعداد الولايات المتحدة لمواجهة تركيا بالكامل بسبب التطورات المحتملة في إيران، أما الثالثة فهي الحاجة إلى تطورات ملموسة في عملية بناء الثقة اللازمة لانتقال العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى المرحلة التالية.
وأفاد الكاتب بأن روسيا لم تتمكن من العثور على ما تريده عسكريا في الشهر التاسع من الحرب على أوكرانيا، وسحبت جزءا كبيرا من قواتها وعناصرها الجوية التي تشكل العمود الفقري لتفوقها العسكري من سوريا.
وأضاف أن التركيز في المجال الاقتصادي في العلاقات بين تركيا وروسيا أدى إلى زيادة الحاجة المتبادلة لبعضهما البعض.
ولفت الكاتب إلى أن الأزمة الداخلية في إيران تتمتع بإمكانيات نمو كبيرة، إذ تطرح عدة أسئلة، منها: ماذا لو تحولت الأزمة في إيران إلى انفجار كبير وأشعلت تحولا كبيرا مثل العراق وسوريا، كيف سيكون تأثيرها بشكل أساسي على المنطقة؟
وقال الكاتب إنه لطالما اعتبرت الولايات المتحدة تركيا أحد أهم الشركاء في الفرص التي يمكن أن يولدها التغيير في إيران، لأن تأثير التحول الثوري المحتمل في إيران قد يؤدي إلى نتائج أكبر من مجموع سوريا والعراق.
وأوضح الكاتب أنه إذا تمكن النظام في إيران من تجاوز هذه الأزمة في وقت قصير فإن هناك احتمالا كبيرا بأن يملأ الفراغ الذي تركته روسيا في سوريا، وفي هذه الحالة سيتم توسيع دائرة نفوذ إيران ضد الولايات المتحدة وروسيا.
وإذا نجت طهران من هذه الأزمة وبدأت في صراع لإنشاء دائرة نفوذ منتشرة في الشرق الأوسط بين الولايات المتحدة وإيران فقد تتحول سوريا هذه المرة إلى أحد الأماكن التي يشتد فيها هذا الصراع، بمعنى آخر: بينما تحاول الولايات المتحدة منع تركيا من اتخاذ خطوات ضد وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا فقد تكون في وضع صعب مع التحركات المتزامنة لإيران وتركيا.
وأشار الكاتب إلى أنه بالإضافة إلى إضعاف حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب فإن العملية إذا أسفرت عن سيطرة النظام السوري على العديد من المناطق التي لا يستطيع عادة التقدم فيها فإنه يمكن لأنقرة ودمشق الاستفادة من آلية عمل وتنسيق ثنائي يخلق أفقا جديدا متوازنا لمصالحهما.