وضعت تركيا مطالبها وشروطها لعدم البدء في توغل بري شمالي سوريا، لكن مواقف الأطراف المعنية -خاصة واشنطن وموسكو- لم تتبلور بعد، مما يجعل المنطقة مفتوحة على كل السيناريوهات.
ووفق ما ذكرت مصادر رسمية تركية للجزيرة، فإن روسيا تبذل جهودا لتلبية مطالب لأنقرة في شمال سوريا كبديل عن العملية العسكرية، ويتمثل أهم مطلب في انسحاب ما تسمى “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) من منبج وعين العرب (كوباني) وتل رفعت بواقع 30 كيلومترا عن الحدود التركية، وقالت أنقرة إنها أعطت مهلة زمنية للقبول بشروطها وإلا فسيكون البديل عملية برية.
من جهته، أكد الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أن العملية العسكرية التركية البرية قد تبدأ في أي وقت، وأن ذلك يعتمد على تقييم المراجع المعنية.
وقال الكاتب والمحلل السياسي محمد أجيت لقناة الجزيرة ضمن برنامج “ما وراء الخبر” إن تركيا حينما تتخذ قرارا نهائيا من أجل حماية أمنها وسلامة أراضيها فلا روسيا ولا أميركا يمكنهما التصدي لها، مؤكدا في السياق نفسه أن تركيا تحاول أن تبني علاقة جيدة مع النظام السوري، لكن الأخير لا يمكنه التصدي لما سماها الأنشطة الإرهابية في شمال سوريا.
وكانت تركيا اشترطت عودة مؤسسات النظام السوري بديلا عن “قوات سوريا الديمقراطية”، بما فيها القوات الأمنية وحرس الحدود، وأعطت أنقرة مهلة زمنية لتلبية شروطها وإلا فسيكون البديل عملية برية.
ولا يمكن لروسيا أن تؤثر على المستجدات الجارية في الشمال السوري أو الضغط على تركيا، لأنها -كما يقول مدير مركز الدراسات التركية الجديدة في موسكو يوري مافاشيف- لم تعد تمتلك التأثير الكبير بسبب حربها في أوكرانيا، ولأن الكثير من قواتها أخرجت من سوريا، وأن اهتمامها بالعملية العسكرية التركية هو بهدف إحداث شرخ في العلاقات بين واشنطن وأنقرة باعتبار أن القوات الكردية غير الشرعية هي تحت إمرة القوات الأميركية في سوريا.
ووصف مافاشيف علاقات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره السوري بشار الأسد بالصعبة جدا والغريبة، مشيرا إلى أن الدور الإيراني في سوريا لا يرضي روسيا ولا تركيا.
وبينما تبذل موسكو مساعيها هنا وهناك من أجل منع التوغل التركي البري في شمالي سوريا تردد واشنطن مخاوفها من أن يستفيد تنظيم الدولة الإسلامية من التصعيد القائم.
بدوره، أكد عضو مجلس الأمن القومي الأميركي السابق تشارلز كابتشن لبرنامج “ما وراء الخبر” أن العملية البرية التركية ستكون لها تبعات بشأن التصدي لتنظيم الدولة، مبينا أن مثل هذه العملية قد تفتح الباب على مصراعيه لاستمرار اقتتال لا ينتهي في سوريا.
وكان منسق الاتصالات في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي قال إن من حق تركيا دفع ما وصفه بالإرهاب عن نفسها، غير أنه أشار إلى معارضة بلاده أي تحرك قد يؤثر على مواصلة الحرب على تنظيم الدولة أو يوقع ضحايا بين المدنيين.