الأكسجين قد يكون متوفرا بكمية كبيرة في اللب الداخلي للأرض (جين ليو - فيز دوت أورغ)

الأكسجين قد يكون متوفرا بكمية كبيرة في اللب الداخلي للأرض (جين ليو - فيز دوت أورغ)

يعد الأكسجين المادة الأساسية للحياة وأحد أكثر العناصر وفرة على كوكب الأرض؛ فكمية هذا العنصر في الغلاف الجوي هي ما يجعل الأرض كوكبا صالحا للحياة.

وما يزال من غير المعروف ما إذا كان الأكسجين موجودا في أماكن أخرى بخلاف الغلاف الجوي، مثل لب الأرض الذي تتكون نواته أساسا من الحديد، حيث يسود الضغط المرتفع الشديد وظروف درجة الحرارة العالية.

 

بحسب دراسة نشرتها في دورية “ذا إنوفيشن”(The Innovation)، فقد كشف فريق دولي برئاسة مركز الأبحاث المتقدمة لعلوم وتكنولوجيا الضغط العالي (Center for High Pressure Science & Technology Advanced Research) في الصين، أن الأكسجين قد يكون متوفرا بكمية كبيرة في اللب الداخلي للأرض، ما من شأنه أن يساعد في فهم أعمق لعملية تكوين قلب الأرض وتاريخ تطوره، كما ستكون لهذا الاكتشاف تأثيراته على معرفة الإشارات الناتجة عن الزلازل.

اللب الداخلي الصلب للأرض، هو واحد من أكثر الأماكن غموضا على هذا الكوكب (غيتي)

اللب الغامض

وبحسب البيان الصحفي الصادر عن المركز -والمنشور على موقع “فيز دوت أورغ” (Phys.org)– فإن اللب الداخلي الصلب للأرض هو واحد من أكثر الأماكن غموضا على هذا الكوكب، وهو في أقصى درجات الحرارة والضغط على الأرض، مع ضغط يزيد على 300 غيغا باسكال، ودرجة حرارة حوالي 6 آلاف كلفن.

ونظرا لأن اللب الداخلي بعيد جدا عن متناول البشر، فإن العلماء يستنتجون كثافته وتكوينه الكيميائي من الإشارات الزلزالية الناتجة عن الزلازل.

وفي الوقت الحاضر، يُعتقد أن العناصر الخفيفة، وخاصة تلك المعادن الحاملة للمياه، موجودة في اللب الداخلي، لكن نوع هذه العناصر ومحتواها لا يزالان موضع نقاش، إلا أن الأدلة الكونية والجيوكيميائية تشير إلى أنه يحتوي على الكبريت، والسيليكون، والكربون، والهيدروجين.

وقد أكدت التجارب والحسابات أيضا أن هذه العناصر تختلط بالحديد النقي لتكوين أكسيد الحديد (Feo)، تحت درجات حرارة عالية، وظروف ضغط مرتفع في عمق الأرض، ولهذا عادة ما يتم استبعاد الأكسجين من اللب الداخلي، ويرجع ذلك أساسا إلى أن أكاسيد الحديد، ذات التركيبات الغنية بالحديد لم يتم العثور عليها مطلقا في بيئات السطح أو الوشاح.

 

من ناحية أخرى، يشير البيان إلى أن محتوى الأكسجين في جميع أكاسيد الحديد المعروفة كبير جدا، حيث يساوي 50% ذريا، وهو ما اعتمدت عليه الدراسة الجديدة والتي توصلت إلى اكتشاف أن لب الأرض غني بالأكسجين.

أكاسيد الحديد، ذات التركيبات الغنية بالحديد لم يتم العثور عليها مطلقا في بيئات السطح أو الوشاح (غيتي)

هل النواة الداخلية غنية بالأكسجين حقا؟

بحسب دراسة سابقة لفريق علمي من جامعة طوكيو اليابانية، نشرتها دورية “نيتشر” (Nature)، فإن الهيدروجين يؤثر بشكل كبير على خصائص مواد عديدة، إذ يُعتقد أن معظم الهيدروجين الموجود في كوكب الأرض حديثا يوجد في جزيئات الماء، التي تشكل الكثير منها المعادن الحاملة للمياه.

ولذلك فمن الأهمية بمكان أن نفهم ثبات ودورة مثل هذه المعادن المائية في باطن الأرض، لذلك فقد أدَّت هذه الحاجة إلى إجراء دراسات عديدة للمعادن المائية تحت ضغط عال، وحرارة عالية.

وقد أفاد الباحثون في الدراسة المنشورة بدورية نيتشر، بأن أكسيد الحديد الغني بالأكسجين، يكون مستقرا عند ضغط أكبر من حوالي 76 غيغا باسكال، وأن هذه المادة قد تمكِّن من حدوث دورات لم تكن معروفة للهيدروجين والأكسجين في وشاح الأرض.

ولهذا ووفقا للبيان الصحفي، ومن أجل الاقتراب من درجة حرارة وضغط القلب، وضع الباحثون في الدراسة الجديدة، الحديد النقي وأكسيد الحديد على أطراف سندان من الألماس وتم تسخينهما بشعاع ليزر عالي الطاقة، وبعد العديد من المحاولات، وجد الباحثون أن تفاعلا كيميائيا يحدث بين الحديد وأكسيد الحديد.

كما تكشف نتائج هذه التجربة المعملية، أن أكسيد الحديد الغني بالحديد يمكن أن يوجد بثبات عند نحو 200 غيغا باسكال. وفي ظل هذه الظروف، يشكل أكسيد الحديد الغني بالحديد بنية سداسية الشكل، حيث يتم ترتيب طبقات الأكسجين بين طبقات الحديد.

 

وبالتالي ووفقا لهذه التجربة التي بينت تشكل أكسيد الحديد، بفعل الضغط المرتفع الشديد وظروف درجة الحرارة العالية، بالإضافة إلى توافر المعادن الحاملة للمياه في لب الأرض، فإن هذا ما يجعل العلماء يتوقعون وجود الأكسجين بكمية وفيرة في باطن الأرض.

المصدر : فيز دوت أورغ + مواقع إلكترونية

About Post Author