قال خبيران أميركيان إن على حكومة الولايات المتحدة مكافحة جموح التضخم بكل ما أوتيت من إمكانيات، وإن أحد الحلول يكمن في فتح باب الهجرة أمام العمالة الأجنبية، إذا أقر صناع السياسة بذلك، لأن استقدام العمال الأجانب وحده “كفيل بسد النقص في أسواق العمل”.
وأشار غوردون هانسون -أستاذ السياسة الحضرية في كلية هارفارد كينيدي- وزميله ماثيو سلوتر -أستاذ إدارة الأعمال الدولية في كلية دارتموث- إلى أن الانخفاض السريع في معدلات الهجرة جعل من الصعب على أسواق العمل الأميركية أن تؤدي مهامها بكفاءة.
وفي مقالهما المشترك المنشور بمجلة “فورين أفيرز” (Foreign Affairs)، قال الخبيران إن الزيادة الحادة في معدلات التضخم استرعت انتباه صانعي السياسات الاقتصادية في جميع أنحاء العالم.
وبغض النظر عن عدم الاتفاق على من يقع عليه اللوم في هذه الزيادة، فإن هناك تسليما على نطاق واسع بأن محافظي البنوك المركزية هم من سيكون عليهم كبح جماح التضخم الآن. ومع ذلك، مثلما كشف وباء كورونا المستجد عن نقاط ضعف جديدة في سوق العمل، فقد سلط الضوء على الحاجة إلى حلول أكثر شمولا في السياسات الاقتصادية لحل اختناقات العرض ونقص العمالة، وفق المقال.
وكانت أسعار السلع الاستهلاكية في الولايات المتحدة ارتفعت -على أساس سنوي- بمعدل 7.7% أكتوبر/تشرين الأول، وللشهر التاسع على التوالي فوق 7%.
وعزا الكاتبان ذلك إلى استمرار ارتفاع الطلب على السلع وتعثر العرض. وتتركز كل الأنظار على الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي للولايات المتحدة) لتهدئة الطلب عن طريق رفع أسعار الفائدة. لكن السياسة النقدية -طبقا للمقال- لطالما تباطأت في التعامل مع المتغيرات التي تطرأ على معدلات التضخم المرتفعة ونسب الفائدة المتدنية، مما يجعل مهمة الاحتياطي الفدرالي أكثر صعوبة في التأثير على قرارات 122.4 مليون أسرة، و164.5 مليون عامل، و35.1 مليون شركة داخل الولايات المتحدة.
وثمة شيء آخر يمكن أن يفعله صانعو السياسة الأميركية لمحاربة التضخم، وهو توسيع نطاق الهجرة إلى البلاد لكل من العمال المهرة والأقل مهارة لتعزيز قدرة الاقتصاد الأميركي على الإمداد، وفقا لهانسون وسلوتر في مقالهما.
ويرى الأكاديميان أن السماح بدخول مزيد من المهاجرين إلى الولايات المتحدة من شأنه أن يساعد في تلبية الطلب الزائد على العمالة حاليا، الذي سيحد بمرور الوقت من تصاعد الأجور والأسعار.
وأُتيحت في أكتوبر/تشرين الأول 10.3 ملايين فرصة عمل في الولايات المتحدة، بزيادة 4.3 ملايين عن إجمالي عدد الأميركيين العاطلين عن العمل.
ويرى الأستاذان الجامعيان -في مقالهما- أن التوسع على المدى القصير في إصدار التأشيرات التي تتيح لأصحاب العمل توظيف العمال الأجانب المهرة في مهن متخصصة، وتلك التي تسمح باستقدام عمال أجانب غير زراعيين لأداء أعمال موسمية، سيساعد أرباب العمل على التغلب على هذا النقص الحاد في العمالة. وعلى المدى الطويل، فإن القيام بذلك من شأنه أن يساعد أيضا في تهدئة التضخم.
وأرجع الكاتبان أحد عوامل تباطؤ معدلات الهجرة إلى الركود الكبير الذي بدأ عام 2007، قبل أن يعقبه انتعاش بطيء، الأمر الذي حال دون قدوم العمال الأجانب إلى الولايات المتحدة.
غير أن سياسة الهجرة الأميركية، بدورها، جعلت دخول المهاجرين إلى الدولة أكثر صعوبة. فقد اتخذت واشنطن، قبل تفشي وباء كوفيد-19، إجراءات صارمة ضد الهجرة غير الموثقة، لكنها أبقت على إصدار تأشيرات العمل المؤقتة ثابتة.
ويخلص مقال فورين أفيرز إلى أن التوسع في برامج تأشيرات الدخول سيخفف على الفور من نقص العمالة، وهو السبب الذي يزيد من تكلفة إنتاج السلع وتقديم الخدمات، التي تُحمّلها الشركات في ما بعد على المستهلكين.