زالوجني أجرى إصلاحات عميقة بالجيش الأوكراني (رويترز)

زالوجني أجرى إصلاحات عميقة بالجيش الأوكراني (رويترز)

منذ 24 فبراير/شباط 2022، وقف فاليري زالوجني، معشوق الأوكرانيين غير التقليدي، بزيه العسكري في وجه القوات الروسية في معركة أشبه ما تكون بوقفة داود في وجه جالوت، وارتفع اسمه عندما صد الهجوم على كييف، وسطع نجمه بعد تحرير خاركيف وخيرسون في هجوم مضاد مذهل.

بهذه المقدمة، افتتحت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية ترجمتها للقائد فاليري زالوجني الذي رفعه الأوكرانيون في شعار “الله وزالوجني معنا” إلى مصاف الآلهة، وخلدوا اسمه بين أعلى القادة العسكريين الأسطوريين للقوزاق، ووضعوا صوره على أسوار المدن التي حررتها قواتهم وعلى المدارس في جميع أنحاء البلاد.

 

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم باتريك سان بول- أن اسم زالوجني لمع على جبهة دونباس عام 2014، واكتسب سمعة هناك كقائد مبتكر وغير تقليدي، بعد أن حقق نجاحات مدوية في الجيش الذي اجتاحه الانفصاليون بدعم من القوات الروسية، قبل أن يعين قائدا للجيش الأوكراني في يوليو/تموز 2021، ليجدد القيادة العليا بأكملها ويغرس فيها ثقافة احترام المرؤوسين والضباط الميدانيين.

يقول الجنرال فيكتور نزاروف، مستشار زالوجني الذي قاتل معه في دونباس، إن قائده يستمع للقادة الميدانيين ويترك لهم استقلالية كبيرة، ولكنه في النهاية هو من يتخذ القرار ويحدد الإستراتيجية، أما المسؤول عن التطبيق النهائي في تنفيذ الأوامر فهو الموظف الميداني.

وقبل بدء الهجوم الروسي، توقعت العواصم الغربية وقيادة الناتو هزيمة القوات الأوكرانية في غضون 72 ساعة أمام ثاني أكبر جيش في العالم، وكان الكرملين يأمل في رؤية القوات الأوكرانية تنهار والناس يرحبون به كمنقذ، ولكن العكس هو ما حدث، إذ قاومت القوات الأوكرانية وانتفض الشعب وظهرت نقاط ضعف الروس التي لم يكن يتخيلها أحد.

 

هدوء وإستراتيجية محكمة

وفي مواجهة العملاق الروسي، يحتفظ زالوجني -حسب الكاتب- بهدوئه ويصقل إستراتيجيته، يقول الجنرال نزاروف إن قائده “من هواة التاريخ العسكري. إنه يستوحي من القائد العام البيزنطي فلافيوس أرماتوس الذي كان مبدأه مواجهة خصمه بقوة أصغر منه، ولكنها أكثر قدرة على الحركة وأفضل تدريبا ولديها معرفة عميقة بميدان المعركة، حيث يلعب الاستطلاع الذكي دورا مهما، ولذلك يقوم زالوجني بالكثير من المناورات ويحاول تجنب القتال المباشر. تكتيكه هو استنزاف العدو”.

 

ويتفاعل زالوجني بسرعة مع تحركات العدو وأخطائه، فقد أدرك منذ الأيام الأولى في كييف أن الخدمات اللوجستية نقطة ضعف الروس، ويوضح الجنرال فيكتور ياهون من جهاز المخابرات الأوكرانية ذلك قائلا “إستراتيجيتنا هي ضرب لوجستيات العدو” حيث تواجه القوات الروسية التي تستخدم القطار صعوبة بمجرد أن تكون على بعد أكثر من 100 كيلومتر من محطة كبيرة “وهذا هو سر منعنا لهم من الاستيلاء على المدن التي بها تقاطعات كبيرة للسكك الحديدية”.

وإذا كان الجيش الروسي يعطي انطباعا أوليا بأنه قوي، فسرعان ما ظهر أنه يستخدم تكتيكات قديمة، قائمة على “تطبيق الأوامر بغض النظر عن النتائج” ويقول الجنرال نزاروف “لم يغيروا (الروس) إستراتيجيتهم منذ 200 عام. سرعان ما لاحظنا أنهم كانوا يستخدمون الصور النمطية الكلاسيكية. نحن نستغل ضعفهم لصالحنا. مشكلتهم الرئيسية أن أرواح جنودهم لا تهم. إنهم يكتشفون الإنترنت لأول مرة وقدرتهم ضعيفة للغاية على استخدام الأسلحة المتطورة”.

ويعتقد الجنرال ياهون أن التكتيك الروسي لم يتغير منذ الحرب العالمية الثانية، في حين قام الجيش الأوكراني بإصلاحات عميقة منذ الهجوم الروسي الأول عام 2014، كما تم إصلاح هيكل القيادة بشكل شامل، وتوضح حنا ماليار، نائبة وزير الدفاع “الرئيس فولوديمير زيلينسكي غيّر القيادة العليا للجيش بالكامل. لسنا أعضاء في الناتو لكن معاييرنا الآن أقرب إلى معاييره” مضيفة “نحن ممتنون لشركائنا الغربيين. لولا أسلحتهم لما كنا هنا”.

 

الاستعداد لهجوم كبير

وعلى الرغم من انخفاض حدة القتال منذ استعادة خيرسون واستقرار الجبهة في دونباس، فإن الأوكرانيين يرون أن موسكو تستعد لهجوم كبير وستحاول مرة أخرى، عاجلا أم آجلا، السيطرة على كييف، يقول زالوجني في مقابلة مع الأسبوعية البريطانية ذي إيكونوميست (The Economist) إن هجوما كبيرا يمكن أن يقع “في فبراير/شباط أو مارس/آذار إن لم يقع نهاية يناير/كانون الثاني”.

ومع القصف الروسي على البنية التحتية للبلاد الذي يهدف إلى إغراق السكان في الظلام والبرد، أصبحت أوكرانيا بأكملها في خط المواجهة، وما يقلق زالوجني أنه “عندما تبدأ زوجات الجنود والأطفال في التجمد، ماذا ستكون الحالة الذهنية للمقاتلين. هل يمكننا تجهيز الاحتياطيات للقتال بدون ماء أو تدفئة أو كهرباء؟

 

وتطالب أوكرانيا -التي تخشى من ضربات جديدة قد تعطل البنية التحتية الكهربائية للبلاد بشكل دائم- بوسائل مضادة للطائرات أكثر فعالية، من حلفائها. ويزداد إحساس زالوجني بالإلحاح لأن كييف تخشى من تآكل الدعم الغربي، فيقول “الشيء الأهم هو عدم خشية العدو. فمحاربته ممكنة ويجب أن يكون ذلك هنا وفورا”.

المصدر : لوفيغارو

About Post Author