الغرب وعدها بـ58 مليار دولار من المساعدات العسكرية.. سيناريوهات حرب روسيا على أوكرانيا في 2023
كييف – لا شك في أن حرب روسيا على أوكرانيا كانت من أبرز أحداث عام 2022، وأن مقاومة الأوكرانيين بدعم غربي كبير شكلت صدمة لموسكو، وعززت -على ما يبدو- عزم كييف على رفض الحوار وتحرير كامل أراضيها في 2023، رغم حجم الخسائر والأضرار التي لحقت بالبلاد.
فرغم أن بداية الحرب كانت صدمة على الأوكرانيين أنفسهم، وحسمت جدل إنكارهم لها رغم تحذيرات غربية كثيرة، ورغم أن القوات الروسية وصلت سريعا إلى مسافة فصلتها عن حدود مدينة كييف نحو 7 كلم فقط، فإن مشهد الحرب تغير بعد شهر واحد، واستطاعت أوكرانيا بعدها “تحرير” نحو 54% من الأراضي التي دخلتها روسيا شمالا وشرقا وجنوبا.
وخلال الشهور الماضية، أقدمت كييف على خطوات وصفها قادتها بالموجعة للجانب الروسي كضرب الطراد “موسكو” -أسطورة البحرية الروسية- وتفجير “جسر القرم”، وقصف عدة مواقع حساسة في عمق روسيا، قبل أن تتحوّل موسكو نحو التركيز على قصف منشآت الطاقة والمياه الحيوية في أوكرانيا.
ولا يبدو أن للحل السياسي التفاوضي أي مستقبل قريب، لاسيما بعد ضم روسيا 4 مقاطعات أوكرانية إلى حدودها رغم الرفض الدولي، وتمسك أوكرانيا بتحرير كامل أراضيها بالقوة، بما في ذلك القرم وكامل إقليم دونباس، كما تتمسك كييف بمعاهدة أمنية دولية توقف الحرب وتمنع تكرارها.
وفي شهرها الـ11، تطرح الحرب الروسية على أوكرانيا تساؤلات عدة، تخص مسارها المتوقع في 2023، وأفق نهايتها من المنظور الأوكراني.
هل تُستهدف كييف مجددا؟
في حديث مع الجزيرة نت، اعتبر الخبير العسكري في المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية ميكولا بيليسكوف، أن أبرز التطورات المتوقعة تتمثل في عودة كييف إلى بنك أهداف روسيا في 2023، وأن موسكو ستحاول تكرار محاولة السيطرة عليها، حسب قوله.
ورأى أن الرئيس الروسي فلاديميير بوتين “يسعى إلى ذلك فعلا مع نهاية الشتاء في سنوية الحرب، لأنه يدرك أن بقاء كييف هزيمة له، وأنه إذا لم تسقط لن يسيطر على أوكرانيا، ولن تهدأ جبهات الحرب التي تجاوزت تكلفتها المالية والسياسية والعسكرية والبشرية حدود التوقعات في الكرملين”.
ما الذي تنتظره أوكرانيا؟
وفي المقابل، تتجه أوكرانيا -على ما يبدو- نحو الحصول على مزيد من الدعم الغربي في 2023 بشقيه المالي والعسكري، وفي هذا الإطار جاءت أول رحلة يجريها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى خارج البلاد منذ بداية الحرب.
يقول رئيس مؤسسة “الخيارات الأوكرانية” للدراسات الإستراتيجية أوليكسي كوشيل للجزيرة نت: ستحصل أوكرانيا على رقم مؤكد قدره 18 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي، وتنتظر تفعيل قانون “ليند ليز” في واشنطن للحصول على معدات عسكرية بقيمة تفوق 40 مليار دولار.
وأوضح أن هذه الأرقام مبنية إلى ثقة بنتها كييف مع شركائها الغربيين خلال 2022، وقناعة الشركاء بأهمية ردع روسيا. وأضاف” أعتقد أن حصولنا على نظم “أيريس” و”ناسامس” و”باتريوت” للدفاع الجوي مؤشر على ذلك، وعلى إمكانية الحصول على أنواع فعالة أخرى من الأسلحة والذخائر الدفاعية والهجومية في 2023.
هل المفاوضات ممكنة؟
ويكاد معظم الأوكرانيين، ومعظم الروس، يجمعون على استحالة إجراء أي مفاوضات قريبة لإنهاء الحرب بطرق سياسية سلمية.
ويرى الخبير كوشيل أنه “لن تكون هناك مفاوضات في 2023، أو في منتصفها على أقل تقدير، المفاوضات ستبنى على ما تشهده أرض المعركة، وكلا الطرفين يضع خططا تؤكد أنها ستزداد اشتعالا وسخونة”.
ويضيف “قبل الحسم، بالنسبة لنا أي مفاوضات ستعني الاستسلام لروسيا أو تجميد الصراع، وهذا -في كلا الحالتين- يصب في صالح موسكو ولن يرضى به الأوكرانيون”.
متى ستنتهي الحرب؟
ولعل السؤال عن موعد وكيفية نهاية الحرب من أكثر الأسئلة أهمية وصعوبة، خاصة وأن إجاباته تخضع للكثير من الحقائق الملموسة والعوامل المتغيرة.
ومع ذلك، يقول الخبير العسكري في المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية ميكولا بيليسكوف، في حديث مع الجزيرة نت، إنه “اعتمادا على ما شهدناه خلال الأشهر الماضية، وعلى حجم الدعم الذي وصلنا والمتوقع، نستطيع -نظريا- القول إن مسار الحرب سيشهد تحولا جذريا مع نهاية فصل شتاء صعب على الطرفين، وأننا سنصل فعلا إلى حدود 24 فبراير/شباط الماضي مع نهاية فصل الصيف أو بداية الخريف”.
وتابع “يؤكد كثير من المسؤولين أن تحرير أراضي القرم وكامل إقليم دونباس ممكن في 2023، ولكني أرى أن هذا يخضع لحسابات سياسية وعسكرية معقدة، محلية ودولية”.
وقال بيليسكوف إن هذه التوقعات: ممكنة إذا لم تقدم روسيا على “مجزرة نووية” انتقامية، لأن وسائلها الأخرى استُنفدت، ولم تؤد إلى تحقيق نصر سريع يخضع كييف خلال 3 أيام كما أرادوا في الكرملين، أو كل أوكرانيا خلال 10 شهور.
لكن، يبقى الأكيد أن هذا “التفاؤل” الأوكراني مرتبط بحقيقة الدعم الغربي قبل أي شيء آخر، وهي حقيقة تطرح كثيرا من التساؤلات حول صمود الغرب في مواقفه، وإمكانية أن يتراجع أمام كبر فاتورة الحرب، والضغوط الداخلية التي تتعرض لها كثير من دوله، وإمكانية أن تلجأ روسيا فعلا إلى أسلحة الدمار الشامل، التي هددت بها مرارا.