وسط فرز دولي حاد على خلفية الموقف من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، تحتفظ تركيا بعلاقات جيدة مع كل من موسكو وكييف، مستغلة ذلك في طرح مساعي وساطة. فهل تنجح تركيا في ذلك؟

أثمرت الوساطة التركية سابقا توافقات بشأن صادرات الحبوب وتبادل أسرى الحرب في أوكرانيا. ولكن تبقى عقدة المنشار هي خفض التصعيد ووقف الاقتتال ولو جزئيا، تمهيدا لأجواء قد تقود إلى إنهاء الحرب والذهاب إلى اتفاق شامل للسلام.

 

وتعترض هذا الهدف التركي تعقيدات جمّة لعل أهمّها هيمنة منطق الاقتتال والتسلح على مسارات الأزمة. ففي الوقت الذي تصعد فيه روسيا هجماتها، أعلن مكتب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك اعتزام حكومته تسليم 14 دبابة من طراز “تشالنجر2” وأسلحة ثقيلة أخرى إلى أوكرانيا في الأسابيع المقبلة.

وبهذا الصدد، قال الخبير الإستراتيجي والمحلل السياسي في مركز “سيتا” للأبحاث مراد أصلان -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/1/15)- إن المسار التقليدي لفض أي نزاع يقتضي بالضرورة استمرار الجهود الدولية لتحقيق ذلك.

فرصة جديدة

وأوضح أن ما تقدمه تركيا لا يرتبط ارتباطا كبيرا بمجريات الميدان، ولكنها فرصة جديدة لكلا الطرفين حتى يفكرا في حل محتمل للحرب في أوكرانيا رغم أن الظروف لم تنضج بعد للقيام بهذه الخطوة.

وأضاف أن إنهاء الحرب في أوكرانيا يعتمد على مسار طويل، ولكن الوضع الحالي هو أنه تمّ تغيير القيادة العسكرية الروسية، أما أوكرانيا فهي “ضعيفة” لأنها تعتمد على الدعم الغربي اعتمادا كاملا، معتبرا أنه بعد شهرين من الآن يمكن للطرفين تحديد قدرتهما على تحقيق أهدافهما العسكرية.

 

في المقابل، اعتبر الخبير العسكري والضابط السابق في المخابرات العسكرية البريطانية فرانك ليدويدج أن القوى الغربية تنظر إلى تركيا كوسيط منصف وعادل في هذه الأزمة، ولكن المصالح الأوكرانية لا تسمح بوقف القتال، موضحا أن كييف تقدمت بظروف صعبة لوقف إطلاق النار، ولذلك لا يتوقع أن ينال أي عرض تركي إعجاب الأوكرانيين، ولن تقبل روسيا بشروطهم.

تعنت الطرفين

كذلك أكد تعنّت الجانبين الأوكراني والروسي وتحملهما مسؤولية ضياع فرص التفاوض بينهما، مشيرا إلى أن تركيا تمضي قدما في محاولة حل الأزمة رغم احتدام القتال على الأرض، موضحا أن ما يجعل كييف ترفض أي وقف لإطلاق النار هو أنه سيخدم المصالح الروسية ويعطيها ميزة وتقدما في القتال على الأرض.

من جهتها، علقت السفارة الروسية لدى بريطانيا على هذه التطورات بالقول إن دبابات “تشالنجر2” البريطانية لن تساعد القوات الأوكرانية في تغيير الوضع على الأرض، بل ستصبح هدفا مشروعا للقوات الروسية. وأشارت إلى أن إرسال هذه الدبابات لن يقرِّب من نهاية الأعمال القتالية، بل سيسهم في تصعيدها.

ويشار إلى أن تعزيز المدد العسكري الغربي لمصلحة أوكرانيا لا يقتصر على بريطانيا فقط، فقد نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” ( Wall Street Journal) عن مسؤول ألماني قوله إن برلين ستفي بتعهدها بإرسال دبابات قتالية لأوكرانيا إذا انضمّ الحلفاء الغربيون إلى هذا المسعى.

ومن جهته، أعلن رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي أنه سيجري خلال زيارته لبرلين محادثات بشأن تسليم دبابات ألمانية الصنع.

 
المصدر : الجزيرة

About Post Author