أبو دية كان نقيبا في الشرطة الفلسطينية (الجزيرة)

أبو دية كان نقيبا في الشرطة الفلسطينية (الجزيرة)

الخليل- “اللهم تقبلني شهيدا خالصا مخلصا في سبيلك، فقد بعت (لك) نفسي”.. تلك خاتمة وصية الشهيد الفلسطيني حمدي شاكر أبو دية الزماعرة الذي استشهد في اشتباك مع الجيش الإسرائيلي صباح أول أمس الثلاثاء جنوبي الضفة الغربية.

واستهل الشرطي المشتبك وصيته بالآية الكريمة “أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير”، ثم أضاف “وجدت نفسي ألبي نداء الله (…) في سبيل الدفاع عن حرمة المقدسات وكرامة الإسلام والمسلمين”.

 

وتابع “أنا لا أدين لأي تنظيم أو حزب أو حركة بأي انتماء، وأفرغت نفسي لوطني”.

واستشهد الزماعرة في اشتباك مسلح مع قوة من الجيش الإسرائيلي شرقي بلدة حلحول شمالي مدينة الخليل.

لم نعهد الخذلان

وفي حسابه على فيسبوك كتب في أيامه الأخيرة “اعتدنا الموت في فلسطين ببنادق الاحتلال، لكننا لم نعهد الخذلان والعار”.

الجزيرة نت زارت منزل عائلة الزماعرة والتقت زوجته ووالدته، للتعرف على تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة شرطي فلسطيني قرر الاشتباك مع جيش الاحتلال.

– صبرية الزماعرة /والدة الشهيد حمدي أبو دية (الجزيرة نت/عوض الرجوب)
والدة الشهيد أبو دية قالت إنه لا سبيل أمام الشعب الفلسطيني إلا الصبر (الجزيرة)

قبلة الوداع

“يوم الجمعة كان حمدي عندي، سلم عليّ وباس إيدي، وكان مستعجل بده يروح يصلي الجمعة”، تقول والدته الثمانينية صبرية الزماعرة.

 

وأضافت أن ملامح حمدي كانت توحي بأنه منشغل أو شارد الذهن، فسألته إن كان يواجه مشكلة أو يحتاج مالا فأجاب بالنفي، ثم غادر إلى الصلاة، وقبل أن يصل الباب عاد وقبّل يديها ثانية فأثار ذلك شيئا في نفسها.

تضيف والدة حمدي أنه كان يطلب منها أن تكثر له من الدعاء بالهداية والرحمة وأن يرضى الله عنه، موضحة أنه كان “عنيدا، محبا للناس ومحبا لفلسطين، مثقفا، كثير القراءة، يكره الغيبة”.

وتقول إنها مؤمنة بأن ما جرى مكتوب لابنها، وتبدي ارتياحها “لأنه كان يصلي ومقبلا على الله، ويحب وطنه”.

 

تعود بنا المسنة الثمانينية إلى عام 2005 حين اعتقله جيش الاحتلال ومنعها من زيارته “لقد ذاق قسوة السجن وما زالت في قلبه: ذلّوه، ضربوه، عذبوه، وهذا ترك أثرا في نفسه وعلى حياته، وقرر ألا يعود للسجن مرة أخرى بأي ثمن”.

وبعد تجرع ألم اعتقاله ثم استشهاده بعد ذلك بسنوات عديدة، تؤمن المسنة الفلسطينية بأنه لا سبيل أمام الشعب الفلسطيني إلا الصبر “حتى يأتي الله بأمره”.

– الشهيد حمدي أبو دية الزماعرة (الصورة من زوجته للجزيرة نت)
أبو دية كان يقدم محاضرات ودورات تدريبية في علم النفس داخل جهاز الشرطة وفي عدد من الجامعات (الجزيرة)

 مقبل غير مدبر

مع استشهاد حمدي -وهو من مواليد 1982- باتت زوجته ندوة حنتش أمام مسؤولية مضاعفة، فهي من الآن بمنزلة الأب أيضا لطفلتيها ألما وميلا، وطفلها ميلاد، لكنها تقول إن أمرها بيد الله “ربنا ما بضيعنا” وتستعد برباطة جأش لتحمل مسؤوليتها.

 

“كان حمدي مقبلا على الله بشكل لافت في الشهور الأخيرة، يقرأ القرآن، يواظب على صلاته في وقتها، يساعد الآخرين، يحب الله بشكل عجيب” تضيف زوجته.

وتقول إنه أقسم لها أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- 4 مرات، و”كان يستيقظ من النوم مستبشرا ومسرورا”، بل أخبرها عدة مرات أن الله طلبه ويريد أن يلبي النداء، وكان شجاعا وجريئا.

 

وتضيف ندوة أن حمدي اعتقل عام 2005 وذلك قبل زواجهما، وكان يحدثها كثيرا عن لذة الحرية، حيث مكث في السجن 4 سنوات، “واستشهد مقبلا غير مدبر، مكملا مسيرة نضالية طويلة اختارها واختار نهايتها”.

والشهيد نقيب في الشرطة الفلسطينية حاصل على درجة البكالوريوس في التنمية الاجتماعية، وقدم محاضرات ودورات تدريبية في علم النفس داخل جهاز الشرطة، وفي عدد من الجامعات الفلسطينية والكليات العسكرية.

وعما ورد في وصيته بأنه لا ينتمي لأي فصيل، قالت زوجته إنه كان يُصر على ذلك في حياته، ويؤكد دائما أنه ابن فلسطين وأن فلسطين لكل الفلسطينيين.

– زوجة وأطفال الشهيد حمدي أبو دية (الجزيرة نت/عوض الرجوب)
أسرة الشهيد حمدي أبو دية (الجزيرة)

تحقيق ميداني

وخضعت زوجة الشهيد لتحقيق ميداني عندما دهمت قوات الاحتلال منزلها بعد استشهاد زوجها بساعات، وقالت إن الضابط الذي حقق معها أخبرها بأن حمدي مسؤول عن 3 عمليات استهدفت الجيش والمستوطنين في الأيام الأخيرة في محيط الخليل.

 

وتوسعت في السنوات الأخيرة ظاهرة العمليات الفردية، مما شكل إزعاجا وتحديا للدوائر العسكرية والأمنية الإسرائيلية في تعقب المنفذين.

وقتلت قوات الاحتلال 17 فلسطينيا منذ مطلع 2023، بينهم عدد من الأطفال.

المصدر : الجزيرة

About Post Author