6 نجاحات و4 إخفاقات.. كشف حساب نصف فترة حكم بايدن
واشنطن- في مثل هذا اليوم قبل عامين، تسلم الرئيس جو بايدن مقاليد الحكم في واشنطن قادما من دهاليز نصف قرن من الممارسة السياسية في قلب العاصمة واشنطن ليصبح الرئيس الـ46 للولايات المتحدة. وتعهد بايدن في خطاب تنصيبه بأن يكون “رئيسا لكل الأميركيين”، وأضاف “أعدكم أنني سأقاتل من أجل أولئك الذين لم يدعموني بنفس القدر من القوة التي أقاتل بها من أجل من دعموني”.
وكانت رئاسة بايدن قد بدأت في ظروف عاصفة واستثنائية، إذ جاءت بعد أسبوعين من اقتحام الآلاف من أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب مبنى الكابيتول في محاولة لعرقلة التصديق على نتائج الانتخابات، ورفض ترامب نفسه الإقرار بخسارته الانتخابات.
لكن ما قاله بايدن لم يتحقق، إذ إن أميركا مستمرة في انقسامها مع اتساع دائرة الخلافات بين الديمقراطيين والجمهوريين.
وبعد عامين في الحكم، يوافق 43% فقط من الأميركيين على طريقة إدارة بايدن لشؤون البلاد، وذلك في وقت بدأ فيه الرئيس مواجهة واقع جديد في واشنطن مع انتقال أغلبية مجلس النواب إلى الجمهوريين.
وفي تحليلها لسجل بايدن في الحكم خلال العامين المنقضين، رصدت الجزيرة نت 6 نجاحات كبيرة لبايدن، مقابل 4 إخفاقات.
أولا. النجاحات:
خطة الإنقاذ الأميركية لمواجهة “كوفيد-19”
كان أحد أول أعمال بايدن كرئيس هو محاولة السيطرة على جائحة فيروس كورونا من خلال تمرير خطة الإنقاذ الأميركية التي بلغت قيمتها 1.9 تريليون دولار.
وأرسل البيت الأبيض للأميركيين من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط دفعات مالية قدرها 1400 دولار شهريا، كما مدد بايدن إعانة بطالة فدرالية بقيمة 300 دولار أسبوعيا لنحو 9.7 ملايين شخص عاطل عن العمل، ووسع مؤقتا برنامج الائتمان الضريبي للأطفال، وخصص 7.25 مليارات دولار لقروض الأعمال الصغيرة و128 مليار دولار في شكل منح للوكالات التعليمية الحكومية.
ودفع بايدن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها لإنتاج وتوزيع وتتبع لقاحات كوفيد-19 وتوفيرها بالمجان في جميع أنحاء البلاد.
مشروع قانون البنية التحتية
وقّع بايدن على مشروع قانون بنية تحتية بقيمة تريليون دولار ليصبح قانونا في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ومن شأنه إصلاح الطرق والجسور والسكك الحديدية والمطارات والمركبات الكهربائية في البلاد، ويتضمن القانون توفير 284 مليار دولار لهذه الاحتياجات. وتم تخصيص 65 مليار دولار للإنترنت السريع في المجتمعات الريفية والنائية، و73 مليار دولار لبنية الطاقة المتجددة، و55 مليار دولار لمياه الشرب النظيفة.
قانون للسلامة من الأسلحة النارية
في أعقاب إطلاق النار الجماعي في مدرسة مدينة أوفالدي بولاية تكساس، ومتجر بمدينة بافلو بولاية نيويورك، وهما الحادثان اللذان وقعا في نفس الأسبوع، ونتج عنهما مقتل 19 طفلا، و12 بالغا؛ وقّع بايدن على أكبر مشروع قانون للسلامة من الأسلحة النارية يمرره الكونغرس منذ ما يقرب من 30 عاما. وعلى الرغم من أهميته التاريخية، فإن مشروع القانون كان محدودا إلى حد ما مقارنة بما كان يريده دعاة السيطرة على الأسلحة. وقبل توقيعه على مشروع القانون في يونيو/حزيران 2021، قال بايدن إنه على الرغم من أن الإجراء لم يحقق كل ما كان يأمل فيه، فإن التشريع من الحزبين سينقذ الأرواح في النهاية.
تصنيع أشباه الموصلات داخل أميركا من خلال قانون “تشيبس”
تم تمرير قانون “تشيبس” (CHIPS) في أغسطس/آب 2022، وتم تخصيص ما يقرب من 53 مليار دولار من التمويل الفدرالي لتصنيع رقائق أشباه الموصلات في الولايات المتحدة بدلا من الاعتماد على الصين أو كوريا أو تايوان، أو غيرها في إنتاجها.
ووفقا للبيت الأبيض، فإن مشروع القانون “سيعزز أبحاث أشباه الموصلات الأميركية وتطويرها وإنتاجها، مما يضمن قيادة الولايات المتحدة في التكنولوجيا التي تشكل الأساس لكل شيء من السيارات إلى الأجهزة المنزلية إلى أنظمة الدفاع”.
قانون الحد من التضخم
نجح بايدن في تمرير قانون إعادة البناء بشكل أفضل، وهو مشروع قانون إنفاق اجتماعي ضخم يصل إلى ما يقرب من 2 تريليون دولار. وتضمنت العديد من الوعود التي قطعها بايدن في حملته الانتخابية لعام 2020، مثل إصلاح الرعاية الصحية الرئيسية، وإجازة ما قبل الروضة الشاملة والإجازة العائلية مدفوعة الأجر، وتخصيص 550 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ تم تمويلها جزئيا من خلال زيادة الضرائب على الشركات والأغنياء.
وقد توقف هذا الجزء الأصلي في الكونغرس، ولكن بعد أشهر من المفاوضات، عاد إلى الظهور تحت اسم مختلف، هو “قانون الحد من التضخم”.
واستغرق الأمر ما يقرب من عام حتى تم تمرير القانون عندما حسم تصويت نائبة الرئيس كامالا هاريس في مجلس الشيوخ، في حين حصل على موافقة مجلس النواب بأغلبية 220 صوتا مقابل 207 أصوات، دون أن يصوت أي جمهوري لصالحه.
قيادة تحالفان دوليان ضد روسيا والصين
نجح بايدن في قيادة حلف الناتو وتشكيل جبهة غربية موحدة ضد الغزو الروسي لأوكرانيا. وقاد بايدن جهود فرض عقوبات دولية على روسيا، ونجح في مد أوكرانيا بأكثر من 50 مليار دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية. كذلك نجح بايدن في دفع الدول الغربية لزيادة دعمها العسكري وتدريب القوات الأوكرانية، وأكد بايدن بوضوح لروسيا أن أي اعتداء على أي شبر من أراضي حلف الناتو سيمثل اعتداء مباشرا على الولايات المتحدة.
وعلى الجانب الآخر من العالم، قاد بايدن تأسيس تحالف أوكوس الثلاثي مع بريطانيا وأستراليا، وتم الاتفاق على منح أستراليا غواصات تعمل بالطاقة النووية لكبح طموحات الصين التوسعية في منطقة المحيطين الهادي والهندي. كما قاد بايدن جهود تأسيس تحالف رباعي مع اليابان والهند وأستراليا لنفس الغرض. وفي الوقت ذاته أرسل بايدن عدة تحذيرات صارمة للصين تحذرها من مغبة الإقدام على غزو تايوان.
ثانيا. إخفاقات بايدن:
ارتفاع التضخم لمستويات قياسية
تدهور الوضع الاقتصادي بصورة عامة خلال سنتي حكم بايدن، ووصلت معدلات التضخم لنسب قياسية هي الأكبر خلال الـ40 عاما الماضية، وتبع ذلك ارتفاع الأسعار خاصة المواد الغذائية ووقود السيارات.
كما أضر تراجع مؤشرات أسواق الأسهم بحسابات التقاعد لملايين الأميركيين، وهناك تخوف من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية وبدء مرحلة ركود خاصة بعدما رفع البنك المركزي الأميركي سعر الاقتراض قصير الأجل بنسبة 0.75% خلال 4 مرات العام الماضي.
فوضى الانسحاب من أفغانستان
بعد 20 عاما من احتلالها، أدى الانسحاب الأميركي “الفوضوي” من أفغانستان إلى تراجع كبير في شعبية بايدن وصورة أميركا العالمية، وترك تأثيرات سلبية على مصداقيتها بين حلفائها العسكريين.
وتسببت فوضى الانسحاب في مقتل 13 جنديا أميركيا كانوا يقومون بمهام حراسة مطار كابل. كما يُعتقد أن إدارة بايدن تركت الجيش الأفغاني رهينة في يد حركة طالبان، وهو ما سمح لها بالسيطرة عليه وعلى معداته العسكرية الأميركية. ويتهم الجمهوريون بايدن بالمسؤولية عن التراجع في مجال حقوق المرأة في أفغانستان.
تدهور أزمة الحدود الجنوبية مع المكسيك
يُتهم الرئيس بايدن بالتسرع في إلغاء سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب الخاصة بالهجرة على الرغم من نجاحها في كبح جماع طوفان المهاجرين غير النظاميين عن طريق بناء سور حديدي خفّض أعدادهم لمستويات مقبولة، قبل أن ينقلب الحال ويوقف بايدن بناء السور، وهو ما أوصل أعداد المهاجرين غير النظاميين إلى معدلات مرتفعة قياسية.
ويلقي الجمهوريون باللوم على بايدن لتجاهله أزمة الهجرة والحدود الجنوبية المفتوحة خاصة بإلغائه قانون المادة 42، والذي قلل من أعداد المهاجرين غير النظاميين لأميركا.
فضيحة الوثائق السرية
وقبل أيام من حلول الذكرى السنوية الثانية لبدء حكم بايدن، فوجئ الأميركيون بفضيحة احتفاظ بايدن بوثائق حكومية سرية للغاية في مكتب خاص به بواشنطن، إضافة لوثائق في منزله بولاية ديلاوير تعود لفترة عمله كنائب للرئيس السابق باراك أوباما. واضطر ميريك غارلاند، وزير العدل لتسمية روبرت هور، محققا خاصا للتحقيق في “نقل غير مصرح به والاحتفاظ بوثائق سرية أو سجلات حكومية أخرى بطرق غير قانونية”.
وهكذا، وبعد عامين في الحكم، يبلغ بايدن الآن من العمر 80 عاما، وهو أكبر رئيس أميركي على مدار التاريخ، وسيصبح عمره 82 بحلول موعد انتخابات 2024 التي ينوي الترشح فيها لفترة حكم ثانية.