الحكومة أم النقابة؟.. جدل حول تعديل قانون نقابة المهندسين بمصر
القاهرة – “سأقاتل حتى يتم اعتماده وخروجه للنور”، بهذه العبارات أعاد نقيب مهندسي مصر طارق النبراوي الروح لمسار تعديل قانون النقابة، بعد توقف دام ما يقرب من عامين، وذلك إثر الموافقة المبدئية لمجلس الشيوخ (الغرفة التشريعية الثانية) على مشروع حكومي بتعديل قانون النقابة رقم 66 لسنة 1974، وهو القانون الذي وصفه نائب من الأغلبية البرلمانية بالترقيع، بينما رفضت الحكومة الوصف.
ويترقب أكثر من 750 ألف مهندس -أعضاء النقابة- أول جمعية عمومية في مارس/آذار القادم لمناقشة مشروع القانون الذي أعدّته النقابة، قبل تقديمه لمجلس النواب (الغرفة التشريعية الأولى).
وبينما اعتبر مراقبان للعمل النقابي أن مشروع القانون الحكومي أمر مقلق، لتجاوزه فكرة أن قوانين النقابات توضع عن طريق النقابيين لا الحكومات، أكد مصدر مسؤول في النقابة وجود توافق بين الحكومة ومجلس النقابة على إصدار قانون يواكب تطلعات المهندسين.
والعام الماضي شهدت انتخابات النقابة خسارة النقيب السابق ووزير النقل السابق هاني ضاحي أمام المهندس طارق النبراوي الذي ينتمي لتيار الاستقلال النقابي، وهو تيار يدعو لاستقلال النقابات المهنية عن سيطرة الحكومة.
تصحيح المسار
في هذا السياق، توقع مصدر نقابي أن تحظى تعديلات مجلس نقابة المهندسين بعد اعتمادها من الجمعية العمومية القادمة في مارس/آذار المقبل بقبول الحكومة وتمريرها هذا العام ضمن مشروعها المقدم لمجلس النواب.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال المصدر النقابي إن “القانون الحالي مر عليه أكثر من 49 عاما، وسط متغيرات كبيرة في الواقع الهندسي تتطلب تعديله”، واصفا المشروع المقدم من الحكومة بأنه جيد، لكن لمجلس النقابة ملاحظات إضافية.
وكشف المصدر -رفض ذكر اسمه- أن أهم التعديلات ترتكز على النواحي المالية، إذ لا يزال القانون الحالي يتحدث عن حساب الدمغة الهندسية بالمليم الذي ألغي منذ سنوات (الجنيه يساوي ألف مليم)، وتعديل شروط قيد أعضاء النقابة الجدد، في ظل الأعداد الكبيرة التي تتقدم بعد التوسع غير المنضبط بسوق التعليم الهندسي، وتوسيع صلاحيات المجلس الأعلى للمهندسين (أعلى سلطة منتخبة بالنقابة يرأسها النقيب).
وأمام اجتماع حاشد للمهندسين في 27 يناير/كانون الثاني الماضي، تعهد نقيب المهندسين طارق النبراوي بتحديد ضوابط جديدة لقيد المهندسين خريجي الكليات أو المعاهد الخاصة، لمواجهة حالة الركود والبطالة، خاصة أن أغلب الدول العربية أصبحت طاردة للمهندس المصري، نتيجة انخفاض المستوى التعليمي، وفق بيان رسمي.
ورقة انتخابية وتوقيت صعب
في هذا الإطار، يصف العضو الأسبق بمجلس النقابة العامة للمهندسين بمصر أحمد حسين علي طرح تعديل قانون النقابة في الوقت الحالي بأنه ورقة انتخابية من المجلس الحالي، بهدف الحشد والدعم في الانتخابات المقبلة، لكنه يخشى من عدم مناسبة التوقيت في ظل عزوف أعضاء النقابة، و”عدم وجود إرادة حكومية حقيقية تقدر حقوق النقابات”، وفق تقديره .
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول حسين علي إن هناك واقعا صعبا يواجه المهندسين يتطلب تعديلات تشريعية تراعي الظروف الاقتصادية السيئة، ومن ثم فلا مبرر لقبول ما ورد في مشروع قانون الحكومة من فرض مزيد من الرسوم والغرامات والضرائب على المهندسين.
ويقترح العضو الأسبق بمجلس النقابة العامة أن تضم التعديلات وجوب وجود تعاون حقيقي بين النقابة والحكومة، بحيث تتم كل المشاريع الهندسية تحت إشرافها، بخلاف الموجود حاليا وهو اعتبار النقابة مجرد استشاري للدولة غير ملزم لها، مع منح المهندسين العاطلين عن العمل دعما ماديا من صندوق اشتراكات النقابة.
كما اقترح المتحدث تحويل الرسوم الهندسية المستحقة للنقابة إلى نسبة من قيمة المنتج الهندسي النهائي، بشكل لا يؤثر على أسعارها حتى لا يتضرر المستهلك النهائي، مع وضع تشريع يمنع دخول موارد النقابة في أي مشروعات، دون موافقة الجمعية العمومية للمهندسين.
ويرى أن أعداد المهندسين الجدد لا تشكل عائقا أمام المهنة، وإنما هي دفعة إيجابية للاقتصاد والتنمية، بشرط معالجة المستوى التعليمي المتدني، مع رفع النقابة المستوى العلمي للمهندس، وهو الأمر الذي فشلت فيه كل المجالس بلا استثناء.
الرسوم الأكثر جدلا
من جانبه، يرى مدير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان الحقوقي أحمد العطار أن أي قانون للنقابات يجب أن يخرج من النقابيين وليس من الحكومة، ولذلك فنقابة المهندسين مطالبة بتقديم قانون مناسب لأعضائها إذا استطاعت ذلك في ظل الوضع الحالي، وإلا فالأفضل التأجيل.
وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف العطار أن المناخ الحقوقي الحالي ما زال غير مبشر بتمرير تعديلات على قانون أي نقابة، “في ظل عدم رغبة السلطات بفتح المجال العام للمجتمع المدني وبالتحديد في النقابات”، موضحا أن الشبكة ستراقب مراحل إصدار القانون في حال الإصرار على تمريره، لضمان الحقوق النقابية ورصد أي مساس بها.
وحظي مشروع قانون الحكومة بتعديل قانون نقابة المهندسين (25 مادة) على موافقة مجلس الشيوخ في مايو/أيار 2021، بينما لم يقرّه بعد مجلس النواب.
واتهم النائب أبو النجا المحرزي عضو مجلس الشيوخ عن حزب مستقبل وطن (الأغلبية البرلمانية) الحكومة بما سماه “ترقيع قانون نقابة المهندسين” الذي نفاه وزير شؤون المجالس النيابية المستشار علاء الدين فؤاد، مؤكدا أن “الحكومة لا ترقع قوانين”، حسب صحف حكومية.
وأحدثت المادة الرابعة من القانون الحكومي جدلا بسبب الرسوم المقررة للقيد بمبلغ 500 جنيه بدلا من الرسم الحالي 10 جنيهات (الدولار يساوي نحو 30 جنيها).
وتضمنت المادة 11 غرامة للأعضاء المتخلفين عن المشاركة في انتخابات النقابة بغير عذر، بينما حددت المادة 45 إيرادات النقابة ومن بينها رسوم اشتراكات المكاتب الهندسية والمكاتب الهندسية الاستشارية، بما لا يتجاوز في كل حالة 25 ألف جنيه، وأوجبت على كل عضو مقيد بالنقابة أن يدفع ألف جنيه رسم اشتراك عن كل سنة من سنوات الإعارة أو التعاقد بالخارج.