القدس – رغم الأوضاع المعيشية الصعبة وتصنيف نحو 80% من المقدسيين تحت خط الفقر، فإنهم رفضوا أن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام الكارثة التي قلبت الحياة في الشمال السوري والجنوب التركي رأسا على عقب.
ومن العاصمة المقدسة انطلقت حملات تبرعات، أبرزها في بلدة بيت حنينا شمالي المدينة، وجمع أهالي البلدة خلال يومين فقط 200 ألف دولار أميركي في حملة تستمر 3 أيام.
تكاتف مقدسي
ويقول الشاب المقدسي عبد الكريم درويش، أحد المتطوعين في حملة “سوريا تستغيث.. بيت حنينا وبيت المقدس تلبي النداء”، إن الاتصالات انهالت على شباب مساجد بيت حنينا للمطالبة بانطلاق حملة تبرعات على غرار التي انطلقت قبل عام لإغاثة اللاجئين في الشمال السوري.
وأخذ شبان البلدة على عاتقهم مسؤولية فتح باب التبرعات، ولاحظ درويش خلالها حرص المتبرعين على عدم الكشف عن هوياتهم بتعمد إرسال المبالغ مع الأطفال، فضلا عن قدوم مواطن من إحدى قرى الضفة الغربية إلى مسجد الدعوة في بيت حنينا لإيداع مبلغ مالي، رغم بعد المسافة واضطراره لاجتياز الحواجز العسكرية.
وبالعودة إلى عبد الكريم درويش، فقد كان وقع خبر الزلزال في تركيا وسوريا قاسيا عليه لاسيما أنه عاد قبل أشهر من هاتين الدولتين، موضحا “سافرت إلى جنوب تركيا ومن هناك دخلت إلى مناطق اللاجئين في الشمال السوري وعايشت معاناتهم عن قرب.. تفقدنا القرية التي أنشئت من تبرعات أهالي بيت حنينا هناك، وحملتُ معي حزنهم، ويؤلمني حالهم الذي ازداد سوءا الآن”.
تبرعات مستمرة
وفي مناطق الشمال السوري بُنيت 100 وحدة سكنية للاجئين السوريين في قرية حملت اسم “بيت حنينا”، وضمت القرية مسجدا ومدرسة وسوقا، ومن المفترض أن تنتقل 100 عائلة لاجئة للسكن في هذه الوحدات في الفترة القريبة المقبلة.
وحول التبرعات الحالية وآلية التصرف بها، أكد درويش أن جزءا منها وصل بالفعل كمعونات عاجلة، تمثلت في توفير الأغطية والمواد الغذائية والمساكن المؤقتة والأدوية، في حين سيخصص الجزء الآخر لبناء وحدات سكنية إضافية مع ارتفاع عدد اللاجئين جراء الزلزال الأخير.
وفي بلدة “صور باهر” جنوب المدينة انطلقت حملة تبرعات بُعيد صلاة الجمعة لصالح المتضررين من الزلزال في سوريا، وقال محمد دويات، أحد المتطوعين في الجمعية الخيرية الإغاثية “أجنادين”، إن أهالي البلدة تبرعوا بـ35 ألف دولار أميركي.
ولم تواجه الجمعية صعوبات في إيصال المعونات العاجلة، إذ إنها تعمل مع اللاجئين السوريين منذ عام 2011، ويركز عملها منذ عام 2015 على اللاجئين على الحدود التركية السورية، حيث لفت دويّات إلى أنه منذ وقوع الزلزال تمكنت الجمعية من توفير الأدوية والمواد الغذائية والخيام للاجئين المتضررين ضمن قوافل الإغاثة العاجلة.
حضور الداخل الفلسطيني
وفي الداخل الفلسطيني، انطلقت حملات تبرع عديدة، جاءت عن طريق الجمعيات أو عبر نصب خيام في بعض البلدات أو بمبادرات فردية من أجل توفير مستلزمات الإغاثة العاجلة للمتضررين السوريين.
وأكد الشاب إبراهيم خليل، الذي ينحدر من قرية “البعينة- نجيدات” في الداخل الفلسطيني، للجزيرة نت أن الحديث يدور عن مبالغ كبيرة لا يمكن حصرها في هذه المرحلة، وأن المعونات العاجلة ستصل للاجئين عبر جمعيات خيرية في تركيا.
أما في الضفة الغربية فأعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية أن حصيلة التبرعات التي جمعت بُعيد صلاة الجمعة في المساجد بلغت قرابة مليون دولار أميركي بعد إطلاق حملة “أغيثوهم” التي دعا إليها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ولا يقف الأمر عند ذلك، ففي قطاع غزة خصصت وزارة الأوقاف هناك خطبة الجمعة للحديث عن الزلزال المدمر وإرسال رسائل تضامن لتركيا وسوريا، وقال وكيل الوزارة عبد الهادي الآغا للجزيرة نت إن الغزيين لن ينسوا ما قدمته تركيا لهم، كما لن ينسوا تضامن الشعب السوري معهم، وإن الوزارة تجري الآن ترتيبات للنظر في إمكانية إطلاق حملة تبرعات من غزة رغم ضيق حال أهلها.