لاكروا: مع بن غفير .. هل أصبحت معركة الهيكل الثالث في القدس على الأبواب؟
قالت صحيفة “لاكروا” (La Croix) الفرنسية إن وصول وزراء يهود متعصبين إلى السلطة قد يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البالغ الهشاشة في القدس، بعد أن ازداد في الأشهر الأخيرة تدهور الوضع الراهن في المسجد الأقصى وباحاته وما يسميه اليهود جبل الهيكل، حيث التوتر الرئيسي بين اليهود والمسلمين، وبين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وانطلقت الصحيفة، في تقرير بقلم موفدتها الخاصة إلى القدس جولي كونان، من عبور رجال الدين اليهود والسياح المتلهفين للدوس على ساحة الأقصى، مخصصة بالذكر يهودا ليفي الحاخام الإسرائيلي الأميركي، وأحد مؤسسي منظمة تناضل من أجل حق اليهود في الصلاة في ما يسميه جبل الهيكل، وهو يقصد ساحة الأقصى الخاصة بالمسلمين في ظل الوضع القائم المعمول به منذ عام 1967.
وكان هذا الحاخام، وهو مدير مدرسة “يشيفا” الدينية، يذهب يوميا تقريبا منذ 7 سنوات إلى الحرم الشريف، حسب المراسلة. ولكن عدد المتدينين اليهود الذين يتسلقون “جبل الهيكل”، حيث مسرى النبي صلى الله عليه وسلم بالمسجد الأقصى وقبة الصخرة، تزايد في الأشهر الأخيرة.
وأضافت أن هذه البقعة التي لا تتجاوز مساحتها 14 هكتارا تعدّ ثالث أقدس موقع في الإسلام بعد مكة والمدينة، كما تعدّ أقدس موقع في اليهودية، حيث يزعمون أن الملك سليمان أقام فيها هيكله الذي لم يبق منه أثر، إلا أن آلاف السنين من المعتقدات والحروب جعلت من هذه الحجارة والغبار، الواقعة في القطاع الفلسطيني الذي احتلته إسرائيل وضمته عام 1967، المكان الأكثر قدسية في العالم.
حق التواصل مع الله
يقول هذا الحاخام المسلح بجهاز آيفون، والذي يوثق كل خطواته لإدراكه أن معركة الآراء تدور بشكل متزايد على الشبكات الاجتماعية، إن إستراتيجية منظمته تقوم على المساواة في الحقوق؛ “فمن حق الإنسان الأساسي التواصل مع الله وهذا هو المكان الذي أختاره، ونحن نكافح من أجل أن يتمتع الجميع بحرية الصلاة مثل المسلمين، نريد أن يكون المسيحيون قادرين على القدوم والصلاة بصلبانهم وأناجيلهم، واليهود بتوراتهم وشالاتهم”.
وقد أثار قيام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بزيارة باحات الحرم القدسي الشريف الذي يسميه اليهود “جبل الهيكل” موجة من الاستنكار الدولي، فقد سار بن غفير 13 دقيقة في ساحة الأقصى بعد أيام قليلة من تعيينه.
وكان هدفه من ذلك، حسب “لاكروا”، الانتصار لأنصاره و”استفزاز” الفلسطينيين والعالم الإسلامي. وعلق نجيب، وهو عامل فلسطيني من فلسطينيي الخط الأخضر، على ذلك بقوله إن “هذه الاستفزازات ليست مسألة إيمان بل هي مسألة سياسة”، خاصة أن “الديانة اليهودية تمنعها”، حسب قوله.
ومن جانبها، تقول ميليسا جين كرونفيلد الناشطة التي تعمل بشكل غير مباشر في الجيش الإسرائيلي حسب اعترافها -وهي بعيدة كل البعد عن الحياد حسب المراسلة- “لقد عملت لدى إيتمار منذ نهاية عام 2021 وقمت بحملة من أجله. عائلة بن غفير عائلتي في إسرائيل، أتنفس هواءهم. لقد أصبح وجودنا أمرا شائعا، لم يكن هناك أحد لإيقافنا. لن نتراجع أبدا عن الحق الذي اكتسبناه هنا”.
ونبهت المراسلة إلى عشرات الناشطين اليهود الذين يصلون بصوت عالٍ أمام قبة الصخرة، محاطين بحراس وتحت نظر ممثلي هيئة الوقف، وكأن ما كان يؤدي إلى الاعتقال قبل بضع سنوات لم يعد يلفت الانتباه، لأن الجميع يحاول تجاوز الحدود في ظاهرة تكتسب زخما متزايدا، حيث اقتحم 50 ألف شخص ساحة الأقصى عام 2022، وأصبح 50% من اليهود الإسرائيليين يؤدون الصلاة اليهودية في الحرم القدسي عام 2022، مقارنة بـ30% عام 2016.
العمل من أجل عدم الاستقرار
وبالمقابل -كما تقول المراسلة- يعاني الفلسطينيون من التضييق الأمني المتزايد عليهم مما يجعلهم يشعرون بأنهم غير مرغوب فيهم في هذه الأماكن. ويقول أفيف تاتارسكي، الباحث في منظمة “إير أميم” غير الحكومية الإسرائيلية المناهضة للاستيطان، “مع إيتمار بن غفير في الأمن القومي لدينا القليل من الأوهام”، لأن عدم الاستقرار يعد في نظره فرصة لتحقيق ما يريد.
ويتوقع تتارسكي، مثل العديد من المراقبين، أن يكون هذا العام متفجرا بدءا من عيد الفصح اليهودي، حيث يرجح أن ينشط الصهاينة المتدينون في شهر رمضان عندما يأتي المسلمون إلى الباحة ليس بعمل سياسي بل ضمن جزء من حياتهم، فترى الحكومة الإسرائيلية وناشطو الحرم القدسي في ذلك إهانة، قائلين إن عيد الفصح مقدس عندهم، ويتوقع أن يثير ذلك احتجاج الفلسطينيين، وربما يتدهور الوضع بسرعة.