اللاذقية – من مَصيف يزرع البهجة في قلوب زواره إلى مدينة منكوبة تستقبلك ببناء منهار عند مدخلها، لتتوالى بعده مشاهد الخراب على امتدادها طولا وعرضا، هكذا أصبحت مدينة جبلة السورية الأكثر تضررا من الزلزال المدمر في محافظة اللاذقية السورية.
بعد انقضاء 8 أيام على الفاجعة التي خلفها الزلزال، لا تزال عمليات إزالة الأنقاض والبحث عن الجثث مستمرة في المدينة حتى الساعة، وذلك نظرا لاتساع رقعة الدمار الذي لحق بالمباني، وصعوبة وصول الآليات وفرق الإنقاذ إلى جميع المناطق.
ويعيش سكان المدينة حالة من الترقب والخوف، فإلى جانب انهيار عدد كبير من الأبنية بشكل كامل، هناك مئات الأبنية المتصدّعة والآيلة للسقوط، مما اضطر الأهالي إلى إخلاء منازلهم واللجوء إلى مراكز الإيواء، أو إلى قرى ريف جبلة الأقل تضررا.
شبح الخوف
يقول الحاج حيدر (66 عاما) “أخبروني أن منزلي مهدد بالسقوط، وتهدم منزل حفيدتي فتوفي زوجها البالغ من العمر 24 عاما، وتضررت منازل أبنائي الثلاثة وأخلوها، وهم الآن يبحثون عن شقق للإيجار في قرى جبلة حيث ثبت أنها أكثر أمنا”.
في حديثه للجزيرة نت، أضاف حيدر “نحمد الله على كل شيء، فعلى الرغم من وفاة أحد أقربائنا وخروجنا من منازلنا، فإن مصابنا يبقى أهون من مصاب غيرنا من أهل المدينة، كان الله في عونهم”.
وكانت عائلات بأكملها قد لاقت مصرعها جراء الزلزال الذي ضرب المدينة، مثل عائلة ياسر أبو راشد وعائلة مازن حاج عمر وعائلة إياد صافتلي وغيرها من العائلات.
شح المساعدات
في سياق متصل، تشهد جبلة نقصا كبيرا في المواد الغذائية والدواء واحتياجات الأطفال من حليب وحفاظات على خلفية إغلاق المحال التجارية، وعدم توزيع ما يكفي من المساعدات.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت مناشدة لتأمين الطعام والشراب والأغطية والدواء للأهالي المنكوبين في مناطق متفرقة من المدينة.
وأغلقت معظم المحال في جبلة أبوابها منذ حلول الزلزال على المدينة فجر السادس من فبراير/شباط الجاري، إما بفعل الأضرار التي ألحقت بهال، وإما لانتظار اللجان الفنية للكشف عن سلامة المباني قبل إعادة فتحها.
كل ذلك أدى إلى فقدان العديد من السلع الغذائية، وتعطل الكثير من الأعمال في المدينة، متسببا في تفاقم معاناة الأهالي المنكوبين وغيرهم من سكان المدينة.
في حين تعمل الصيدليات بالتنسيق بين بعضها بعضا وفق آلية “المناوبة” لتوفير الدواء على مدى الساعة وتجنب الأخطار، وهو ما تفعله أيضا بعض محال البقالة.
اتهامات بالفساد
ويقول مؤيد (37 عاما) -أحد المتطوعين في عمليات الإغاثة- إن “المساعدات لن توزع على الأهالي إلا بعد أن يأخذ كل مسؤول نصيبه كما جرت العادة في سوريا”.
ويضيف في حديث للجزيرة نت “لاحقا سيتم توزيع جزء بسيط من المساعدات على الأهالي في الملعب البلدي وغيره من مراكز الإيواء، رفعا للعتب ليس إلا”.
ويواجه المتطوعون صعوبات في نقل المساعدات العينية إلى المدن الساحلية المنكوبة؛ حيث تعترضهم الحواجز العسكرية الموجودة بكثرة، وإذا لم يتم منعهم أو مطالبتهم بتسليم المساعدات، فإنهم يُطالبون بدفع إتاوات للسماح بإدخال المساعدات، بحسب ما أفاد به أحد المتطوعين للجزيرة نت.