أدى استخدام الأقمار الصناعية لجمع المعلومات الاستخبارية، والاستطلاع والملاحة والاتصالات، إلى تحويل الفضاء إلى أحد المجالات الأكثر ازدحامًا وعرضة لنشوب النزاعات والعمليات العسكرية، وتصاعد التوترات بين الدول التي تستخدمه.
واستجابة للتقدم التكنولوجي السريع وتعدد المصالح والجهات التي تعمل في الفضاء، أصدرت منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) عام 2019 سياسة خاصة ترمي إلى تنظيم استخدامه على نحو مستدام وآمن.
وفي مقال نشرته مجلة ناشونال إنترست (The national Interest) تقول الدكتورة جوانا روزبيدوفسكي، الباحثة بمركز السياسة الدولية والأستاذة المساعدة في جامعة جورج ميسون، إن الحلف يعتبر الفضاء المجال الخامس ضمن مجالات عملياته وحروبه، إلى جانب المجال الجوي والأرضي والبحري والفضاء الإلكتروني.
وتشير الدكتورة روزبيدوفسكي، في مقالها، إلى أن سياسة الفضاء الجديدة نسبيًا التي وضعها الحلف لم تحظ بتغطية تذكر، رغم أنها تسلط الضوء على تفكير الحلف المتطور بشأن الأمن خارج كوكب الأرض والدفاع الجماعي، كما تساعد على تقييم ثغرات الحلف المعلوماتية والتقنية.
وترى أن السياسة المذكورة خطوة أساسية تجعل الحلف في طليعة الجهات التي تضع معايير تنظم الأمن والدفاع واتخاذ القرارات المتعلقة باستخدام الفضاء، على نحو يضمن الأمن والاستقرار.
وأبرزت أن خطوة الناتو تنبع من إدراكه لضرورة توقع التهديدات المستقبلية، وأهمية تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق السياسات والأنشطة في مواجهة العسكرة المتزايدة للفضاء، حتى يتمكن من التغلب على نقاط ضعفه، والتقدم خطوة على منافسيه وضمان الاستغلال الأمثل لأصوله الفضائية في مواجهة الصين وروسيا.
وقد وافق وزراء دفاع الناتو على إنشاء “القيادة الجوية للحلفاء” في مدينة رامشتاين بألمانيا عام 2020 و”مركز التميز الفضائي التابع لحلف الناتو” في مدينة تولوز بفرنسا عام 2021 وفق مقال المجلة.
وأشار المقال إلى أن تسليح الفضاء المستمر نجمت عنه توترات جيوسياسية عديدة، إذ بإمكان أسلحة الفضاء الحركية المضادة، وأشعة الليزر، والتشويش الإلكتروني أو انتحال الإشارات أو أنظمة نقل البيانات، ونشر الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية (ASAT) أن تعطل إلى حد كبير عمليات الناتو، وتؤثر سلبًا على الأصول الفضائية المرصودة للاستخدام المدني والتجاري، وتعيق الأنشطة الاقتصادية على الأرض.