تخلت ليلى عن وظيفتها في مجال تكنولوجيا المعلومات، لتكرس جهودها لاستخدام المسيّرات في جبهة القتال الدائر بين روسيا وأوكرانيا في منطقة دونباس، حيث أشرس المعارك وأشدها كثافة، فكيف هي الآن وما تفاصيل عملها؟
هذا ما ناقشه المراسل الحربي أنتوني لويد -في تقرير له عن هذه السيدة بصحيفة “ذا تايمز” (The Times) البريطانية- إذ ينقل عنها في البداية وصفها لوضعها الحالي بقولها: “في معظم الأيام، أحاول فقط أن أتعلم مزيدا عن كيفية البقاء على قيد الحياة، وكيفية النجاة من القصف والاستمرار في أداء مهمتي وتحسين مهاراتي في اكتشاف الروس بشكل أفضل”.
وتضيف، وهي التي بدت في الصورة وقد أحكمت شد خمارها على رأسها ووضعت لثاما من قماش كثيف، “لقد فقدت 3 مسيرات، الأولى كانت بعد أسبوع واحد فقط من دخولي مجال العمليات.. والواقع أن الروس إذا استعادوا واحدة منها واكتشفوا من أين أطلقت، فإنهم لن يضيعوا أي وقت في محاولة استهدافي، نحن أهداف عالية القيمة، إذ إن المشغل الجيد للمسيّرة هو ذلك الذي يبقى على قيد الحياة”.
ويقول لويد إنه رأى هذه السيدة، البالغة من العمر 33 عامًا، لأول مرة بينما كانت تمارس عملها أواخر الأسبوع الماضي، حيث نقلت مسيّرتها لقطات على شاشة في غرفة عمليات تابعة لكتيبة من اللواء 54 الأوكراني على الجبهة، وكانت ليلى هي من يوجه تلك الطائرة الصغيرة وهي من طراز “مافيك3” (Mavic 3)، وقد دلت عبر تلك العملية على منزل في قرية مجاورة كان قد دخله جنود روس.
ويحكي المراسل أن تلك الصور مكنت قائد اللواء 54، الرائد كيريلو كيريلوفيتش، من الانتقام لبعض رفاقه الذين ضربت سيارتهم للتو مسيّرة روسية انتحارية، فبدوره قام هو بدك ذلك المنزل الخرب الذي أظهرت الصور المرسلة من طرف ليلى 5 عسكريين روس يدخلونه لتوهم.
ويضيف أن الضباط الأوكرانيين أصدروا أوامر لليلى بالحفاظ على موقع طائرتها المسيرة ثابتًا، ليشاهدوا في الشاشة أجسام رمادية تتحرك فيقوموا بإطلاق قذيفتين من مدفع “هاوتزر إم 777” (M777 howitzer) الأميركي على المنزل ويحسموا بذلك مصير الجنود الروس تحت سحابة من الدخان الرمادي.
ويقول المراسل إن ليلى كانت هادئة عندما قابلها صباح اليوم التالي، وقد أخبرته أنها كانت “متخصصة في تكنولوجيا المعلومات عندما بدأ الغزو الروسي قبل عام”، وأن لديها خلفية عن المسيرات، وقد آثرت ترك وظيفتها وتطوعت لتكون في مقدمة الجيش تساعد بالمسيرات، مضيفة أنها لم تُقبل إلا بعد 10 محاولات، لأن الجيش -حسب قولها- يفضل الرجال، لكن في المرة العاشرة كانت محظوظة، وتضيف أنها، خلال خدمتها لمدة 7 أشهر الآن مع اللواء 54، كلف عملها بالمسيرات عديدا من الروس حياتهم.
وتعلق ليلى على أمر وصفته بالغريب، فتقول إنها رأت بالأمس الروس -بعد أن تعرض المبنى، الذي كان فيه رفاقهم، للقصف ولم يخرج منه أحد- يمرون عبر الأنقاض في دورية لهم غير مبالين بمصير من كان بداخل المبنى، حتى أنهم لم يفعلوا أي شيء للاطمئنان على رفاقهم، حسب قولها.
وما يثير إعجاب لويد هو أن هذه المرأة وغيرها من مشغلي المسيرات الأوكرانيين في وحدات الخطوط الأمامية للقتال، يعيشون يوميًا مع تهديد قاتل وقريب، في حين تعتبر حياة الغربيين من مشغلي مثل هذه الأجهزة رائعة، إذ إنهم دائما بعيدون عن الهدف الذي يطاردونه، فيقضون عليه دونما حاجة للقلق بشأن سلامتهم الشخصية.