جهاز فدائيي صدام أُسس عام 1994 وكان يتبع لرئاسة الجمهورية (الفرنسية)

جهاز فدائيي صدام أُسس عام 1994 وكان يتبع لرئاسة الجمهورية (الفرنسية)

بغداد- تباينت آراء العراقيين إزاء قرار المحكمة الاتحادية القاضي بمنح منتسبي جهاز فدائيي صدام السابق حقوقا تقاعدية بعد مرور نحو 20 عاما على اجتثاثهم في أعقاب سقوط النظام السابق إثر الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

ويعد قرار المحكمة الاتحادية ملزما لجميع الهيئات والمؤسسات الحكومية وواجب التنفيذ رغم الرفض الذي يلاقيه القرار من عدد من المؤسسات والمسؤولين في البلاد.

 

وفي معرض توضيحها تفاصيل القرار بينت المحكمة الاتحادية أن المشمولين بالقرار هم من تم نقلهم قسرا -سواء كانوا من المدنيين أو العسكريين- إلى ذلك الجهاز، وأنهم يستحقون رواتبهم التقاعدية عن خدمتهم خارج جهاز فدائيي صدام، ولا تحتسب خدمتهم ضمن الجهاز المذكور خدمة تقاعدية.

وجهاز فدائيي صدام هو قوة عسكرية بمهام خاصة تابعة لحزب البعث والرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وقد أُسس الجهاز عام 1994 ولم يكن جزءا من الجيش العراقي، بل يرتبط برئاسة الجمهورية مباشرة، ويتلقى قادته الأوامر من صدام حسين بواسطة ابنه عدي المشرف على هذه القوات، ولم تكن بحوزتهم أسلحة ثقيلة، وقد تطوع فيه كثير من العراقيين والعرب.

المحكمة الاتحادية العيا، وكالة الأنباء العراقية (واع
قرار المحكمة الاتحادية منح منتسبي جهاز فدائيي صدام حقوقا تقاعدية يثير الجدل بالعراق (وكالة الأنباء العراقية)

قرار منصف

بدوره، وصف النائب عن محافظة ديالى محمد قتيبة البياتي -في تصريح للجزيرة نت- قرار المحكمة بالمنصف، خاصة أن من شملهم القرار لم تسجل ضدهم شكاوى أو أحكام قضائية، فمن حقهم كمواطنين أن يحصلوا على حقوقهم التقاعدية، وعلى الجهات الحكومية والإدارية المضي بتنفيذ القرار.

في المقابل، دعا النائب في الإطار التنسيقي عن حركة “عصائب أهل الحق” حسن سالم جميع الضحايا الذين تضرروا جراء سياسات حزب البعث إلى رفع الدعاوى القانونية “ضد البعثيين وأنصار النظام السابق ومنتسبي الأجهزة القمعية -بمن فيهم فدائيو صدام- إلى جهاز الادعاء العام ودائرة المدعي العام في الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، وتمكين الضحايا من المطالبة باستيفاء التعويض عن الأضرار التي لحقت بهم جراء تلك الجرائم”.

وقال سالم -في مؤتمر صحفي عقده بمبنى البرلمان في أعقاب القرار- “لسنا ضد قيام مصالحة وطنية حقيقية، لكن يجب أن تكون مع من يؤمن بالسلام والقيم الديمقراطية للعراق الجديد”.

 

كما طالب بتفعيل المادة (11) من قانون هيئة المساءلة والعدالة رقم (10) لسنة 2008، والتي تنص على أن “يحاكم حزب البعث المنحل كحزب ونظام لارتكابه الجرائم ضد الشعب العراقي”.

 

سجلات الجرائم

من جانبها، أكدت هيئة المساءلة والعدالة (هيئة اجتثاث البعث سابقا) أن القرار شمل من ليس في سجلاتهم جرائم، وأن الخدمة التقاعدية تحتسب لهم عن المدد التي قضوها خارج جهاز فدائيي صدام، وذلك بعد مراجعتهم الهيئة وتقديم الأدلة.

وقال صلاح الجبوري نائب رئيس الهيئة -في تصرح للجزيرة نت- إن الهيئة لا تستطيع في الوقت الحاضر تحديد أعداد المشمولين بقرار المحكمة الاتحادية، ولكن يمكن لهيئة التقاعد أن تحدد ذلك تباعا.

وعن طبيعة الحقوق، قال السياسي المستقل المقيم في لندن صادق الموسوي -الذي أيد قرار المحكمة- إن أغلب الذين انتموا إلى جهاز فدائيي صدام كانوا مجبرين على الانضمام إلى ذلك الجهاز ولديهم خدمة طويلة في مؤسسات الدولة كموظفين حكوميين.

وأوضح الموسوي -في تصريح للجزيرة نت- أن رفع الحظر عنهم سيساعدهم في إعانة عوائلهم من خلال منحهم حقوقا تقاعدية أسوة بأقرانهم، ولا يمكن حرمانهم أكثر بسبب سوء تصرفات القليل منهم.

 
 

مزيد من التعاطف

بدوره، يرى المحلل السياسي عباس الجبوري أن القرار صدر عن المحكمة الاتحادية، وهي محكمة مستقلة بعيدة عن التقاطعات والتجاذبات السياسية، وقراراتها ملزمة، خاصة أن من شملهم القرار أصحاب عائلات تضرروا كثيرا بسبب قطع رواتبهم لنحو عقدين من الزمن.

وأشار إلى أن المحكمة قد استثنت من ثبتت عليهم جرائم ومن قدمت ضدهم شكاوى، ولا يمكن أخذ الجميع بجريرة واحدة، وبالتالي فإن من شملتهم الحقوق هم عراقيون وكانوا يعملون في مؤسسات حكومية بغض النظر عن موقفنا من النظام السابق، حسب قوله.

وأضاف الجبوري -في تصريح للجزيرة نت- أن من ارتكبوا جرائم منهم سيحالون بلا شك إلى المحاكم لينالوا عقابهم العادل، ولكن لا يمكن معاقبة العوائل، مشددا على أن قرار المحكمة جاء بعد أن توفرت لديها جميع الأدلة والقرائن والبراهين.

وفي السياق ذاته، يرى المحلل السياسي يحيى الكبيسي أن القرار قانوني وليس سياسيا، خاصة أن من شملهم القرار كانوا يعملون قبل عام 2003 في دوائر أخرى غير مشمولة بـ”اجتثاث البعث”، وهم غير مسؤولين عن الأوامر الصادرة إليهم للعمل في جهاز فدائيي صدام، لذلك لا ينطبق عليهم قانون المساءلة والعدالة من الأصل.

ولفت الكبيسي -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن القرار لا يمنح جميع فدائيي صدام تلك الحقوق، وإنما شمل ضباطا ومراتب ومدنيين ممن تم نقلهم أو تنسيبهم للعمل مع الجهاز.

Iraqi court rejects lawsuit contesting election results
قرارات المحكمة الاتحادية في العراق نافذة على جميع المؤسسات (الأناضول)

رفض بشدة

ومن بين أشد الرافضين للقرار -على الرغم من أنه ملزم لجميع السلطات في البلاد- زهرة البجاري عضوة الإطار التنسيقي النائبة عن محافظة البصرة، والتي شددت في بيان صادر عن مكتبها على أن “قرار إحالة مليشيا فدائيي صدام الدموية إلى التقاعد هو رقص على دماء الشهداء وآهات المظلومين ونفاق كبير ضد المجاهدين”.

 

وطالبت البجاري -حسب البيان- مؤسسة الشهداء (مؤسسة حكومية تعنى بشؤون الشهداء) والبرلمان والأحزاب بالتدخل العاجل ورفض القرار، معتبرة الأمر وصمة عار في حال تم.

وتأكيدا لما ذكرته المحكمة الاتحادية عن توضيح القرار، بيّن الخبير القانوني علي التميمي أن قرار المحكمة شمل الذين لديهم خدمة خارج جهاز فدائيي صدام، ولم يشمل مدة العمل في الجهاز، وذلك طبقا لما أكدته المحكمة في قرارها 220 سنة 2022، بمعنى عدم شمول الذين نصت عليهم المادة السادسة من قانون المساءلة والعدالة رقم 10 لسنة 2008، وإنما احتسبت الفترة التي عمل فيها الشخص خارج الجهاز خلال وظيفته الحكومية.

ويرى التميمي أن قرار المحكمة سليم وراعى الجوانب الإنسانية للمشمولين، وأن القرار ملزم لجميع السلطات وواجب التنفيذ طبقا للمادة 94 من الدستور.

يذكر أن المحكمة الاتحادية العليا هي أعلى سلطة قضائية في العراق تختص بالفصل في النزاعات الدستورية، وقد أنشئت بموجب القانون رقم 30 لسنة 2005 وفق المادة 93 من الدستور، ومقرها بغداد وتتكون من رئيس و8 أعضاء، وقراراتها باتة وملزمة للسلطات كافة، وهي مستقلة بشكل كامل عن القضاء العادي، وليس لها أي ارتباط بالمحاكم الأخرى.

المصدر : الجزيرة

About Post Author