كشف مقال نشرته “نيويورك تايمز” (The New York Times) الأميركية أن مدينة دبي الإماراتية باتت ملجأ للنخبة الاقتصادية الروسية التي أجبرتها ظروف الحرب على الخروج والبحث عن آفاق لإنجاح استثمارات كبيرة، مبرزة أن أثرياء روسيا ما يزالون أثرياء رغم كل شيء.
ونقلت الصحيفة عن مستثمرين روس حديثهم عن أجواء مشجعة للقدوم لدبي لعل أهمها غياب مواقف معادية لروسيا كما هو الحال في أوروبا، إلى جانب أنهم غير قلقين من تجنيدهم للقتال في أوكرانيا، فضلا عن أن الرحلات المباشرة بين الإمارات وروسيا استمرت بدون انقطاع.
وأوضح المقال أن “الشتات الروسي” في دبي يشمل مليارديرات طالتهم العقوبات الغربية، وعناصر من الطبقة الوسطى، إلى جانب مستثمرين صغار عملوا على فتح مشاريع تجارية متوسطة في المدينة الإماراتية.
وبعض المستثمرين الصغار من أصحاب الدخل القليل ينتمون إلى عالم الفن والتكنولوجيا والموظفين في الشركات الغربية التي نقلت أنشطتها من موسكو إلى دبي. وعدد منهم يخشى العودة لروسيا خوفا من التجنيد أو المنع من المغادرة، في حين أكد عدد آخر منهم أنهم غادروا روسيا بسبب معارضتهم للحرب.
وقال إن عددا من الروس الذين تحدثوا لنيويورك تايمز أكدوا أن من أهم عوامل الجذب في دبي غياب أي أثر لحرب أوكرانيا “التي تبدو بعيدة”، حيث لا توجد أعلام أوكرانية معروضة للبيع، كما لا توجد مظاهرات متضامنة مع الأوكرانيين، ومن لديه مشاعر معادية لروسيا يحتفظ بها لنفسه.
وذكر مقال نيويورك تايمز أن وجود الأثرياء الروس في دبي بعدما عزلوا عن الغرب، أظهر كيف تمكن الرئيس فلاديمير بوتين من الحفاظ على “العقد الاجتماعي” الذي يعد مفتاح الدعم الذي يحصل عليه محليا، ويتمثل في السماح للمقربين من السلطة بتكديس الثروات مقابل الولاء.
ونقلت الصحيفة عن الخبيرة السياسية إيكاتيرينا سكولمان قولها إنه يمكن فهم ذلك “العقد الجديد” بين بوتين والنخبة الاقتصادية الروسية كأنه تفويض لها باستغلال الفرص في الدول الصديقة، مع تعهد بعدم الملاحقة القانونية بتهم فساد، ويمكن اعتبار ذلك “تعويضا رسميا” لهم بعد عزلهم عن الغرب إثر اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا.
لكن علنا -توضح نيويورك تايمز- حث بوتين النخب الاقتصادية الروسية على تركز استثماراتهم في بلدهم، وشدد مثلا في خطابه عن “حالة الأمة” الشهر الماضي على ضرورة أن يعيد الأثرياء أصولهم المادية إلى الوطن، بدلا من اعتبار روسيا مجرد “مصدر دخل” لكن من خارج البلاد.
وقالت الصحيفة الأميركية إن تحليلها لسجلات الرحلات في الربيع الماضي كشف أن الإمارات أصبحت الوجهة الأولى للرحلات الجوية الخاصة خارج روسيا، وذلك خلال الأسابيع الأولى بعد اندلاع الحرب على أوكرانيا.
وأضافت أن أرقام الحكومة الروسية -من جهتها- توضح أن الروس أجروا 1.2 مليون رحلة إلى الإمارات عام 2022، مقابل مليون رحلة عام 2019.