شمال سوريا- مع اقتراب أذان المغرب تنهمك النازحة السورية عبير الأحمد في إعداد وجبة إفطار رمضان من محتويات سلة غذائية قدمتها إحدى المنظمات الإنسانية، وذلك داخل مخيمات إيواء المنكوبين جراء الزلزال الذي ضرب شمال البلاد الشهر الماضي.
وعبر موقد صغير تم ركنه في زاوية الخيمة القماشية القديمة، تطهو الأرملة النازحة القليل من الأرز والخضار، في وقت يتحلق أطفالها الصغار وسط الخيمة بانتظار المؤذن للبدء في الإفطار.
تقول أم اليتامى (40 عاما) إنها تحولت بين ليلة وضحاها إلى نازحة تسكن المخيمات، بعد أن ضرب الزلزال المدمر بلدتها في ريف عفرين وتصدعت جدران منزلها، مما أجبرها وأطفالها الأربعة على الخروج على عجل دون عودة.
وفي حديثها للجزيرة نت، تضيف النازحة أنها لم تتمكن من إخراج أي شيء من محتويات المنزل سواء الملابس الشتوية أو مؤنة الطعام التي كانت حضرتها لوجبات الإفطار لشهر رمضان.
وتشير -وهي تغالب البكاء- إلى أنها لم تتخيل يوماً أن تقضي شهر رمضان داخل خيمة منتظرة المساعدات الإنسانية من أجل تحضير سفرة الإفطار، بعيدا عن الأهل والأقارب الذين شتت الزلزال شملهم.
وعن جهود إعادة الإعمار أو تدعيم المنازل المتضررة بفعل الزلزال، أكدت المواطنة الأرملة أن لجنة هندسية حضرت قبل نحو أسبوعين للتقييم وتسجيل الأضرار في مساكن البلدة وعاينت منزلها، دون الإفصاح عن توقيت أو طريقة إعادة بناء المنازل.
غيّب الزلزال ما تبقى من أجواء شهر رمضان شمال غرب سوريا التي تشهد في الأصل سلسلة أزمات مركبة، مما زاد من أعباء الأسر النازحة، حيث باتت الاحتياجات الإنسانية أكبر من أي وقت مضى لأكثر من 4 ملايين مواطن.
ويحاول جمعة الصالح -أحد المنكوبين من الزلزال- استعجال أخيه المقيم في تركيا بإرسال حوالة مالية، بعد أن فقد منزله وورشة صيانة السيارات في ريف عفرين بفعل الزلزال.
يقول الصالح (32 عاما) إن الورشة كانت مصدر رزقه الوحيد، لكنها تهدمت وطمرتها الحجارة لتصبح أثراً بعد عين، مشيراً إلى أنه تمكن من إخراج بعض المعدات من الورشة بمساعدة أقاربه.
ويشتكي الصالح من شح المساعدات الإنسانية في المخيم خصوصاً مع حلول شهر رمضان، لافتاً إلى أن العشرات من عمال الإغاثة حضروا إلى خيمته للاستبيان وتسجيل الاحتياجات، لكن المعونات المقدمة لم تكن بحجم التوقعات..
لكن هذا المواطن -الذي فقد 5 من أقاربه بفعل الزلزال- يفتقد اليوم أجواء الألفة ولمّة العائلة أيام الشهر الفضيل، واجتماع الأقارب على المائدة الرمضانية، ويؤكد أنه بالكاد يستطيع تناول طعام الإفطار نتيجة حالته النفسية الصعبة.
هذه الأوضاع الصعبة، في شهر رمضان، دفعت المسؤولين المحليين في ريف حلب للمناشدة من أجل دعم مخيمات المنكوبين، خاصة مسألة دعم الأسر بالمواد الغذائية وتأمين احتياجات شهر رمضان.
في هذا السياق، أوضح أبو أحمد مدير مخيم الحمام في ريف حلب أن 240 عائلة متضررة من الزلزال تسكن في 180 خيمة، الأمر الذي استدعى سكن أكثر من عائلة داخل الخيمة الواحدة.
ولفت أبو أحمد -في حديث للجزيرة نت- إلى أن المخيم تم استحداثه في الأصل جراء الزلزال، مشيراً إلى أن سكانه يحتاجون وسائل التدفئة والإنارة، كون المنطقة تفتقر في الأساس للخدمات الأساسية من الماء والكهرباء.