تعاني المساجد والأضرحة والمعالم الإسلامية في الهند من حملة هدم تشنّها حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، في محاولة منها لإحداث تجانس ثقافي يستند إلى هيمنة الهندوس المطلقة على البلاد.
وأفاد تقرير لموقع قناة الجزيرة الإنجليزية الإلكتروني بأن مسجد “شاهي” في مدينة براياغراج بولاية أوتار براديش، الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن السادس، تعرض للهدم بالجرافات في 9 يناير/كانون الثاني الماضي، رغم أنه كان من المفترض أن تنظر محكمة محلية في التماس بوقف خطط إدارة المدينة، وفق إمام المسجد.
ومع أن هذا الحادث كان جديرا بأن يثير غضب الرأي العام، فإنه بالكاد تصدّر عناوين الأخبار، ذلك لأن تدمير الصروح والمباني باستخدام الجرافات بات أمرا عاديا في الهند وفقد عنصر الصدمة، حسب تقرير سارة أثير في الموقع الإخباري للجزيرة الإنجليزية.
ولم يكن مسجد شاهي أول مسجد تاريخي يُضحّى به من أجل مشروع توسيع الطريق العام؛ ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي هدمت السلطات مسجدا عمره 300 عام في منطقة مظفرناغار في ولاية أوتار براديش.
مسجد آخر يعد أحد أكبر وأقدم دور عبادة المسلمين، بُني قبل 800 عام، هو مسجد “شامسي الجامع” في مدينة بوداون بولاية أوتار براديش، أصبح محل نزاع العام الماضي عندما رفع مزارع هندوسي في المنطقة دعوى قضائية، بدعم من جماعة “أخيل بهارات هندو ماهاسابها” الهندوسية المتطرفة، ادعى فيها أن المسجد أُقيم على أنقاض معبد هندوسي من القرن العاشر.
ادعاءات كاذبة
وتقول الكاتبة في تقريرها إن الادعاء بعدم شرعية المسجد يستند إلى رواية هندوسية متطرفة بأن معظم المساجد الهندية كانت في الواقع معابد في وقت ما وحوّلها الحكام المسلمون التاريخيون بالقوة إلى مساجد.
وعلى الرغم من أن معظم المؤرخين اليوم يدحضون تلك الادعاءات لعدم كفاية الأدلة المادية على صحتها، فإنها تحظى بتأييد شعبي كبير.
وانتقدت الكاتبة، وهي مهندسة معمارية وكاتبة صحفية، حكومة حزب بهاراتيا جاناتا بزعامة مودي، واصفة إياها بأنها تتسم بنزعة “تدمير مُلحّة”. وأوضحت أن محاولات الحزب لإحداث تجانس ثقافي في البلاد عبر إعادة تسمية الأماكن بمصطلحات هندوسية صريحة، بدأت بتبنّي إستراتيجيات جديدة مثل هدم المعالم الإسلامية والتنقيب عن آثار قد تكشف عن جذور هندوسية للمواقع الدينية الإسلامية.
ولم يسلم حتى تاج محل، النصب التذكاري ذو الأهمية العالمية، من الادعاءات المتكررة للجماعات الهندوسية اليمينية المتطرفة التي لا تستند إلى أي دليل، بأنه كان معبدا هندوسيا.
حرب على التاريخ
ويلفت التقرير إلى أن مصير المسلمين في الهند وصل إلى لحظة فارقة، حيث قدمت جماعات هندوسية متطرفة عشرات الالتماسات ضد مساجد في جميع أنحاء البلاد.
وشهدت السنوات الأخيرة أيضا عودة مجموعة غير رسمية من المتطوعين الهندوس إلى ممارسة أنشطتها باستغلال المواكب الدينية لفرض سيطرتها على دور العبادة الإسلامية، بما في ذلك المساجد والأضرحة.
وأعادت كاتبة التقرير إلى الذاكرة هدم مسجد بابري بمدينة أيوديا في ولاية أوتار براديش، الذي يعود إلى العصر المغولي، في 6 ديسمبر/كانون الأول 1992، وعدّت ما حدث حربا تشن على التاريخ.
وقالت إن النسيج الاجتماعي غير المتجانس للمدن الهندية قد تغير عن طريق العنف، حيث أعيد تنظيم المساحات الحضرية على أسس دينية.
كذلك فإن ولايات عديدة في الهند مرت بتجارب فريدة تمثلت في إعادة توصيف معالم إسلامية باعتبارها مواقع دينية هندوسية، مثل إقليم كشمير وولايتي أوتارأخاند وأوتار براديش.