القاهرة- بين الحين والآخر تثير قضية تآكل شواطئ مصر الشمالية أو ما يعرف باسم “نحر البحر” الجدل بين المصريين، وسط مخاوف من تأثير التغيرات البيئية ومخاطر سد النهضة الإثيوبي على دلتا النيل أكثر الأراضي الزراعية خصوبة في البلاد.
وتجدد الجدل هذه المرة بعد حملة قام بها رواد قرى الساحل الشمالي اتهموا فيها شركة إعمار المالكة لمشروع قرية “مراسي” بالتحايل على القوانين، وإقامة مارينا عملاق بالبحر تسبب في منع حركة الأمواج والرمال المتجهة طبيعيا من الغرب للشرق منذ آلاف السنين، وكانت تغذي هذه الشواطئ بشكل طبيعي بالرمال وتعويض ما يلتهمه البحر منها كل عام.
لكن القضية تصاعدت بعدما نشر عنها علاء نجل الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، ليدخل الإعلام على خط الأزمة عبر عدد من المذيعين مثل عمرو أديب ولميس الحديدي وأحمد موسى الذين كشفوا عن تفاصيل الأزمة وطالبوا بوضع حل لها، كما عبر رواد مواقع التواصل عن غضبهم من الضرر الذي وقع على الشواطئ.
تصاعد الجدل دفع وزارة البيئة للتدخل ووقف أعمال التكريك في المنطقة إلى حين دراسة الأزمة.
علاء مبارك يسبق الإعلام
البداية كانت الأسبوع الماضي بتغريدة من علاء مبارك قال فيها إن الساحل الشمالي يتعرض لعملية نحر شديد للشواطئ المجاورة لقرية مراسي، وطالب الخبراء بالكشف عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك، وإذا كان بناء مارينا مراسي سبب الأزمة الوحيد أم هناك أسباب أخرى، للتوصل إلى حل لإنقاذ الشواطئ من هذه الكارثة.
وبعد تغريدة علاء مبارك تسابقت وسائل الإعلام إلى تغطية القضية، حيث عرض المذيع عمرو أديب صورا لنحر شواطئ الساحل الشمالي، مشيرا إلى أن التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة مياه البحار إلى جانب بعض أعمال التكريك في شواطئ القرى السياحية كانت سببا رئيسيا في زيادة معدلات النحر بالشواطئ، مؤكدا أن القضية ليست بسيطة ومعقدة وتنذر بالخطر، ويجب التوصل إلى حلول سريعة لحماية الشواطئ.
كما انفعل المذيع أحمد موسى خلال حديثه عن الكتل الصخرية البارزة التي تهدد شواطئ الساحل الشمالي ومنع المواطنين من النزول للمياه، وقال إن الساحل الشمالي شهد تغييرات كبيرة منذ عام 2019 حتى 2022، مشيرا إلى أنه يجب على الجهات المختصة متابعة حالة الشواطئ للحفاظ على سلامة المواطنين.
وتساءل أحمد موسى عن قانونية أعمال الحفر بالكراكات في الساحل الشمالي ومدى مطابقتها للمواصفات الفنية، مشيرا إلى أنه يوجد تقصير في متابعة الشواطئ والأعمال التي تجري فيها.
مارينا إعمار
البعض ألقى باللوم على مشروع مارينا قرية مراسي المملوكة لشركة “إعمار” الإماراتية في الأزمة، ومنهم رئيس جهاز شؤون البيئة المصري الأسبق صلاح حافظ الذي قال إن مشروع المارينا الجديدة هو السبب في أزمة نحر شواطئ الساحل الشمالي، وإن المتخصصين يعلمون جيدا أن نضوب الرمال في هذه المنطقة هو بسبب المارينا وليس لأي سبب آخر.
وفي تصريحات متلفزة أوضح حافظ أن النحر الذي يحدث في المنطقة غير عادي، مشيرا إلى أن التأثيرات البيئية لمشروع المارينا أثبتت مخالفات جسيمة في الرسوم التي تمت الموافقة عليها قبل 5 سنوات، مطالبا بمراجعة الموافقة الأصلية المشروطة لمشروع المارينا وما تم حاليا، فضلا عن إيقاف المشروع وإزالة المخالفات.
كما حمّل محمد مرسي مساعد وزير الخارجية الأسبق شركة إعمار مسؤولية الأزمة، وذلك في سلسلة من المنشورات على حسابه بموقع فيسبوك.
وقال السفير محمد مرسي -وهو أحد الملاك في قرية الدبلوماسيين بجوار مشروع مراسي ومن المتضررين أيضا من نحر البحر- إن هناك خيطا رفيعا بين تشجيع الاستثمار وبين الحفاظ على مقدرات الوطن واحترام مصالح مواطنيه وقوانينه وسيادته.
كما هاجم الإعلامي أسامة منير مشروع مراسي لتسببه في نحر شواطئ الساحل الشمالي، وانتقد قيام السلطات بترك مستثمر يدمر البيئة المصرية بهذا الشكل، مؤكدا أنه لا توجد دولة في العالم تسمح ببناء مرسى يخوت يدمر شواطئها بهذا الشكل.
جهود حكومية
من جانبها، أعلنت وزارة البيئة المصرية إيقاف جميع أعمال التكريك في قرية “مراسي” ضمن مشروع إنشاء مارينا اليخوت بعد تعرض أحد الشواطئ للنحر، ووجود عكارة في مياه البحر بالمنطقة الشاطئية المجاورة للقرية.
وقالت الوزارة -في بيان لها- إنها أخذت التعهدات اللازمة على إدارة قرية “مراسي” السياحية بعدم استئناف أي أعمال جديدة ومغادرة الكراكة للموقع وفك المعدات المتصلة بها، وإنه جار إعداد تقرير للتعرف على أسباب المشكلة ووضع الحلول لها، للعرض على اللجنة العليا للتراخيص في وزارة الموارد المائية والري لاتخاذ القرار المناسب، باعتبارها الجهة المكلفة بإصدار التراخيص لأي أعمال بمنطقة حرم الشاطئ أو البحر.
وأكدت وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد في تصريحات متلفزة أن أي مخالفات في ملف المارينا ستتم إزالتها دون النظر لصاحب المخالفة، وتنفيذ أي إجراءات تصحيحية لإعادة الوضع إلى ما كان عليه على حساب المستثمر.
من جانبه، قال وزير الري الأسبق حسام مغازي إن القوات البحرية المصرية تدير أزمة النحر التي تتعرض لها شواطئ خليج سيدي عبد الرحمن.
وأوضح مغازي في تصريحات متلفزة أن القوات البحرية تتعاون مع مكتب استشاري عالمي دولي لوضع حل لهذه المشكلة، مشيرا إلى أن المكتب يعمل حاليا على إعداد التقرير النهائي ووضع الحلول النهائية لها.