القاهرة – مع انطلاق موسم العمرة كل عام، يتجدد الجدل في مصر بشأن حقيقة التكاليف المبالغ فيها وفقا للمعتمرين، في حين تقول شركات السياحة إنها حقيقة يفرضها واقع المصروفات بين الرسوم وتذاكر الطيران وتكاليف الإقامة والتنقلات.
لكن الجدل هذه المرة أخذ أبعادا أخرى إثر فرحة لم تكتمل بين راغبي العمرة بشأن انخفاض كبير في تكاليفها، والتحرر مما يصفونه باستغلال شركات السياحة، وهو ما فتح باب تساؤلات عدة عن أسباب ارتفاع أسعار العمرة في مصر، رغم تأكيد مسؤولين في المملكة العربية السعودية على سهولة استخراج التأشيرة وانخفاض سعرها.
ما فتح باب تلك التساؤلات هي تصريحات لوزير الحج والعمرة السعودي توفيق بن فوزان الربيعة خلال مؤتمر صحفي بالسفارة السعودية بالقاهرة الأسبوع الماضي، قال فيها إنه بات من الممكن الحصول على تأشيرة لأداء مناسك العمرة شاملة الإقامة بمبلغ 4400 جنيه فقط (من دون تذاكر السفر) في أقل من 24 ساعة من خلال التسجيل والحجز عن طريق منصة “نسك”.
وتعد تكلفة إصدار التأشيرة التي أعلن عنها الوزير متدنية مقارنة بأسعار برامج العمرة في مصر من قبل شركات السياحة المعتمدة والتي تبدأ من نحو 25 ألف جنيه وحتى 50 ألف جنيه (الدولار يساوي 19.73 جنيها) بحسب نوع البرنامج، حيث توجد عدة مستويات.
وكشف الربيعة أنه تم إلغاء جميع القيود الصحية (المتعلقة بفيروس كورونا) والعمرية ومن دون سقف لأعداد المعتمرين، وذلك ضمن التسهيلات التي تقدمها المملكة لتيسير قدوم المعتمرين من أنحاء العالم كافة، مشيرا إلى أن بلاده أتاحت فرصة أداء العمرة لجميع زائري المملكة وجميع أنواع التأشيرات، إضافة إلى تمديد فترة تأشيرة العمرة من 30 يوما إلى 90 يوما، والسماح للمعتمر بالتنقل دون قيود.
فرحة لم تكتمل
استقبل المصريون تصريحات الوزير بحفاوة وفرحة كبيرتين لسببين، أولهما أنهم سوف يتحررون من قبضة شركات السياحة وإجراءات الحصول على تأشيرة، وثانيهما أنهم سيتمكنون من أداء العمرة بسعر يقل كثيرا عن أسعار تلك الشركات، إلا أنهم اكتشفوا لاحقا أن التسجيل ليس متاحا لعموم المصريين إنما لفئات محددة.
واتضح لاحقا أن التسجيل من خلال منصة “نسك” خاص بحاملي تأشيرات دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وحاملي تأشيرة شنغن ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي، والأمر ليس متاحا لعموم المصريين.
ويبلغ عدد شركات السياحة المنظمة لرحلات العمرة لهذا العام نحو 1883 شركة سياحة، تحصل على عدد معين من التأشيرات لإتاحتها لعملائها الراغبين في أداء نسك العمرة.
في حين بلغ عدد المعتمرين المصريين في موسم العمرة لعام 1440 هـ، الذي سبق عام جائحة كورونا، 541 ألف معتمر، حيث احتلت مصر المرتبة الأولى عربيا، والرابعة بين جنسيات العالم التي أدت العمرة في ذلك العام. وجاءت في المراكز الثلاثة الأولى باكستان، تليها إندونيسيا، ثم الهند.
جدل حول الأسعار
لم ينته الجدل حول خيبة الأمل في التسجيل عبر منصة “نسك” حتى عاد الحديث مجددا عن المبالغة في أسعار رحلات العمرة في مصر مقارنة بكثير من دول العالم، مدللين على ذلك بإمكانية الحصول على التأشيرة والإقامة لمدة عدة أيام لأداء العمرة بمبلغ يقل كثيرا عن الذي يدفعونه في بلدهم.
ويتهم البعض شركات السياحة باستغلال رغبة المعتمرين في أداء العمرة للتربح من ورائهم، ويقولون إن تكلفة أداء العمرة أكثر بكثير من القيمة الحقيقية، في المقابل تقول شركات السياحة إنها لا دخل لها في ارتفاع الأسعار، لأنها تحصل على عدد محدد من التأشيرات بأسعار مرتفعة، إضافة إلى تراجع قيمة الجنيه أمام جميع العملات وبالتالي ارتفاع أسعار الخدمات.
وإزاء تلك المزاعم، رد عضو مجلس إدارة غرفة شركات السياحة علاء الغمري بالقول إن هناك سوء تقدير وفهم لما يقال بشأن تكلفة برامج العمرة، التي اعتقد البعض أنها تبلغ 4400 جنيه غير شاملة تذكرة الطيران التي قد تصل لنحو 6500 جنيه، ومدة الإقامة 5 أيام في مكة فقط، ولا تتضمن الذهاب إلى المدينة المنورة والإقامة فيها لعدة أيام آخر.
وبشأن أسعار برامج العمرة لدى شركات السياحة، أوضح الغمري، وهو صاحب شركة سياحية، أنها تبدأ من 23 ألف جنيه للدرجة الاقتصادية وتزيد حتى 45 ألف جنيه للدرجات السياحية والفاخرة، وتمتد ما بين 10 و14 يوما شاملة التأشيرة والتنقلات وتذاكر الطيران، بحسب حديثه للجزيرة نت.
الموضوع لا علاقه له بمشاعر مُقدسه وخلافه.
الموضوع بزنس بحت ولكن للحقيقة تأشيرات العُمره والحِج خارج مصر أسعارهم أقل من مصر بكثير كما قرأت.!!
وهنا طبعًا شركات السياحة تستغل الموقف وترفع في أسعار المناسك كما يحلو لها لأن الدولة تستفيد أيضًا.
حتى حِج القُرعه أصبح للصفوه فقط.!— Khaled_moneim (@Khaledmoneim2) October 13, 2022
بلبلة في السوق
اجتزاء الحقيقة حول التكلفة الفعلية لأداء شعيرة العمرة أثار بلبلة في السوق المصري، بحسب عضو غرفة شركات السياحة هاني عبد الباسط، مشيرا إلى أن “بعض الراغبين في أداء العمرة قاموا بسحب مقدمات حجوزاتهم وجوازات سفرهم من بعض الشركات بسبب هذا اللبس الذي حدث للجميع، وهز الثقة في السوق، ولكنهم عادوا بعد أن اتضحت الرؤية”.
وأضاف عبد الباسط، صاحب إحدى الشركات المنظمة لرحلات السياحة الدينية بالقاهرة، أن أداء العمرة في مصر يخضع لإجراءات يحددها وينظمها القانون لضمان سلامة وأمن المعتمرين من قبل شركات معتمدة ومسجلة رسميا.
ولفت إلى أن قيام الحكومة بإنشاء بوابة العمرة المصرية التي صدر بها قانون العام الماضي، والتي لا يمكن إجراء العمرة إلا من خلال التسجيل بها عبر إحدى شركات السياحة المعتمدة وليس من خلال العميل نفسه.
هو ده سعرها الطبيعي من زمان بس
شركات السياحة عندنا بتلبسها للسعودية لما اكتشفو إن في مصر بيسمسرو من الدين
عمرة المولد النبي من ٢٠ ألف إلي ٣٠ ألف— أحمد الزيات (@ahmedelzeyat) October 15, 2022
قانون جديد لتنظيم العمرة
في منتصف عام 2021 أصدرت مصر قانونا جديدا ينظم أداء شعيرة العمرة، وهو قانون رقم 72 لسنة 2021، والذي نص على إنشاء البوابة المصرية للعمرة، وتنفيذ الشركات السياحية رحلات العمرة.
وتقول الحكومة المصرية إن البوابة الإلكترونية تهدف إلى إحكام الرقابة على الشركات المنظمة للعمرة، وتقديم أفضل الخدمات للمعتمرين، مما يسهم في القضاء على ظاهرة السمسرة وعلى الشركات غير المرخصة التي تنظّم هذا النوع من الرحلات، كما تسهم في الحد من زيادة أسعار رحلات العمرة.
وقالت سامية سامي رئيسة الإدارة المركزية للشركات بوزارة السياحة والآثار ورئيسة اللجنة العليا للحج والعمرة، إن هذا الموسم يعد اختبارا حقيقيا واقعيا لتنفيذ قانون البوابة المصرية للعمرة والتي أسهمت في تحقيق عدة أهداف، أهمها التنظيم الدقيق وسرعة إنهاء الإجراءات.