الاتحاد الأفريقي للرياضيات يختار التونسي علي البقلوطي أفضل عالم رياضيات في أفريقيا لعام 2022
أهلته مساهماته العلمية والبحثية المتواصلة في مجال الرياضيات منذ حوالي ربع قرن للحصول على جائزة أفضل عالم رياضيات في أفريقيا الفئة أ. إنه العالم التونسي البروفيسور علي البقلوطي الذي حاز منذ أيام على هذه الجائزة التي تمنح مرة كل 4 سنوات من قبل الاتحاد الأفريقي للرياضيات إلى الخبراء في هذا العلم المقيمين والعاملين في القارة الأفريقية، تقديرا لمسيرتهم ومنشوراتهم وإبداعهم في هذا المجال.
ويستعد البقلوطي، الذي يعد أول تونسي في تاريخ الجائزة، لتسلم اللقب في الأول من أغسطس/ آب المقبل بالعاصمة الكونغولية برازافيل، تزامنا مع الملتقى الدولي الذي ينظمه الاتحاد الأفريقي للرياضيات.
البحث في الفرضيات وحل الإشكالات
تطور الشغف لدى البروفيسور علي البقلوطي حينما انفتحت أمامه فرصة الدراسة في فرنسا، حيث دخل إلى مرحلة البحث التي توجها بإحرازه شهادة الدكتوراه سنة 1995.
وأشار البقلوطي في حوار مع الجزيرة نت عبر الهاتف إلى أهمية التجربة التي خاضها في فرنسا، وأهمية الأساتذة الذين ساهموا في عمله البحثي، معتبرا أن كل ذلك شجعه على المواصلة وتطوير المكتسبات عند عودته إلى تونس.
وتسنى له تعميق البحث في عديد الفرضيات ومحاولة إيجاد الحلول للكثير من الإشكالات الرياضية الملغزة، وبين البقلوطي أن رحلة البحث تخللها نشر العشرات من المقالات التي يربو عددها على 80 مقالاً في مجلات دولية محكمة، بالإضافة إلى عدة كتب بحثية، كما ساهم في تأطير عشرات الطلبة في مرحلة الدكتوراه، وربط صلات مع عديد المخابر البحثية في العالم.
الترغيب في الرياضيات
ويشير البروفيسور علي البقلوطي إلى أن العمل البحثي لا بد أن يوازيه نشاط مجتمعي، معتبرا أن تونس بها عديد المواهب التي تحتاج إلى الصقل والتأطير والمتابعة.
ومن هنا كان الهدف لبعث جمعية الرياضيات التونسية التي يرأسها منذ سنوات، ويرتكز عملها على إبراز المنتوج الوطني في الرياضيات على مستوى دولي، وذلك بإصدار نشرتين تصدر الأولى في الولايات المتحدة الأميركية “تونيزيان جورنال أوف ماثيماتيكس” (Tunisian Journal of Mathematics)، والثانية في بريطانيا “أدفانسز إن بيور آند أبلايد ماثيماتيكس” (Advances in Pure and Applied Mathematics).
كما يُعتبر البروفيسور علي البقلوطي بالإضافة إلى ذلك عضوا عاملا قارا في الأكاديمية التونسية للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” منذ 2016، وهو أيضا عضو مؤسس للمعهد المتوسطي لعلوم الرياضيات حيث يشغل فيه منصب نائب المدير منذ 2012.
الرياضيات التطبيقية والرياضيات البحثية.. أية علاقة؟
يقول البروفيسور علي البقلوطي إن الإبداع في مجال الرياضيات ليس مسألة جينية، وإنما هي موهبة تحتاج إلى الصقل والعناية، معتبرا أن تونس تضم عديد المبدعين في مجال الرياضيات.
ويميز البقلوطي بين مجالي الرياضيات البحثية والرياضيات التطبيقية، ففي حين تهتم الأولى بدراسة المفاهيم الرياضية المجردة وتناقش نظرية الحساب والكميات، فإن الثانية تركز على الطرق الرياضية المستخدمة في تطبيقات الحياة الحقيقية في الهندسة والعلوم والاقتصاد والمالية والإحصاء والإعلام وغيرها.
وأشار البقلوطي إلى الدور الكبير الذي تضطلع به الرياضيات التطبيقية في معاضدة جهود وأعمال المشتغلين في مجال الرياضيات البحثية، مقدرا أنه لا يمكن الارتقاء بالمجال البحثي دون الاعتماد على نتائج الرياضيات التطبيقية التي تتوفر كاختصاص في أغلب الجامعات التونسية، موضحا أن هذه الجامعة تزخر بطاقات علمية تفرض نفسها على مستوى عربي ودولي إذا ذللت بعض المصاعب وتوفرت الإمكانيات، مشيرا إلى تقدم تونس على مستوى التصنيفات الدولية عربيا وأفريقيا.
الرياضيات والتنمية
يعتبر البقلوطي أن الرياضيات ليست مجرد مادة علمية تدرس، بل ينبغي ان تكون مسهمة في التنمية، ناهيك أنها تسهم في الدول المتقدمة مثل فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا بنسبة تتراوح بين 8% إلى 12% في خلق مناصب الشغل، وهي نسبة يأمل أن تتحقق في تونس.
وفي هذا الإطار، يدعو البقلوطي إلى ضرورة زيادة الترغيب بالرياضيات وشحذ الأذهان باتجاه التفكير الرياضي الصحيح، منبها إلى أهمية علم الرياضيات في بناء إنسان يفكر بمنهجية وموضوعية على أسس رياضية سليمة، مشددا على ضرورة إنشاء مركز بحث يخص علوم الرياضيات والفيزياء في تونس، نظرا لأهمية هذا العلم وتطبيقاته في تنشيط الاقتصاد وتقديم آليات مثمرة لعدة اختصاصات أخرى.