في خطوة إستراتيجية للتنويع بعيدا عن الدولار، تكثف البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم جهودها لتجميع احتياطيات الذهب.
وقال موقع أويل برايس الأميركي في تقرير مشترك مع “زيرو هيدج” إن المخاوف بشأن العجز المالي المستمر في الولايات المتحدة والضغوط التضخمية تدفع نحو هذا التحول، رغم استقرار الدولار وارتفاع العائدات الحقيقية.
ويسلط هذا الاتجاه، الذي أبرزته عمليات الاستحواذ الكبيرة على الذهب في الصين وألمانيا وتركيا، الضوء على الجهود العالمية الرامية إلى حماية الأصول الاحتياطية من الانخفاض المحتمل في قيمة الدولار والمخاطر التي تهدد النظام المالي.
ووفقا لأويل برايس فإن الارتفاع في أسعار الذهب، الذي وصل إلى أعلى مستوياته خلال 50 عاما مقابل معظم العملات الرئيسية، لا يُعزى إلى عوامل تقليدية مثل صناديق الاستثمار المتداولة أو الشراء الموسمي. وبدلا من ذلك، تؤثر المشتريات الكبيرة التي تقوم بها البنوك المركزية على صعود المعدن الثمين.
وأكد رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي جيروم باول في وقت سابق، التزام بنك الاحتياطي الفدرالي بخفض أسعار الفائدة هذا العام.
ومع ذلك، تتبنى البنوك المركزية الأخرى نهجا أكثر حذرا. ويشير الارتفاع الأخير في أسعار الذهب إلى أن البنوك المركزية العالمية تعمل بنشاط على تكديس المعدن الثمين لتخفيف المخاطر المرتبطة بالعجز المالي المستمر للدولار، والذي يهدد بتآكل قيمته الحقيقية والمساهمة في المزيد من التضخم.
وبينما ظل الدولار مستقرا وارتفعت العائدات الحقيقية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، واصلت أسعار الذهب ارتفاعها.
يشار إلى أن أسعار الذهب ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة للجلسة الرابعة على التوالي أمس الجمعة، وسط توقعات متزايدة بشأن خفض أسعار الفائدة في يونيو/حزيران المقبل.
وزادت أسعار الذهب في المعاملات الفورية 9% إلى 2179.16 دولارا للأوقية (الأونصة) عند الإغلاق أمس الجمعة، في حين ارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 1% إلى 2186.2 دولارا.
وارتفع المعدن النفيس بنسبة تزيد عن 6% منذ بداية الشهر الحالي.
كانت البنوك المركزية في الصين وألمانيا وتركيا الأكثر نشاطا في تعزيز حيازاتها من الذهب على مدى الأشهر الـ6 الماضية، وهو ما يشير إلى بذل جهود متضافرة لتنويع احتياطياتها.
ويشير موقع أويل برايس إلى أنه في السنوات الأخيرة، كانت صناديق الاستثمار المتداولة من المشترين الرئيسيين، تمتلك ما يقرب من 2500 طن من الذهب. ومع ذلك، انخفضت حيازات هذه الصناديق حتى مع ارتفاع سعر الذهب بالدولار، وهو ما يشير إلى حدوث تحول في ديناميكيات السوق.
ويشير صعود الذهب مؤخرا إلى مستويات قياسية جديدة إلى أن البنوك المركزية، وليس صناديق الاستثمار المتداولة، من المرجح أن تقود الارتفاع في المرحلة المقبلة.
وتنجذب البنوك المركزية بشكل متزايد إلى الذهب باعتباره أحد الأصول الصلبة الموجودة خارج النظام المالي عند امتلاكها بشكل مباشر.
علاوة على ذلك، فإن الرغبة في التنويع بعيدا عن الدولار تشكل الدافع المهيمن. وكان العجز المالي الضخم المستمر في الولايات المتحدة سببا في جعل البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم تشعر بعدم الارتياح إزاء الاحتفاظ بكميات مفرطة من الدولارات.
وتتعزز هذه المشاعر بفعل المغالاة في قيمة الدولار على أساس تعادل القوة الشرائية في مقابل عملات الأسواق المتقدمة الرئيسية وفقا لمجلة “زيرو هيدج”.
ومع استمرار التوترات الجيوسياسية، التي تجسدت في الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية على غزة وتوترات البحر الأحمر تعمل البنوك المركزية على تعزيز احتياطياتها من الذهب كوسيلة لحماية أصولها.