صادرات بـ384 مليون دولار.. ما حصيلة عامين من التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين؟
عد مرور عامين على تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل فيما أطلق عليه الاتفاق الإبراهيمي، شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين الخليجيين وتل أبيب تناميا ملحوظا بعد توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية الثنائية في العديد من القطاعات.
وفور الإعلان عن تطبيع العلاقات في سبتمبر/أيلول 2020 وبعد أيام قليلة لم تتجاوز الأسبوعين، شهدت العلاقات الاقتصادية الإماراتية الإسرائيلية تطورات متسارعة، حيث وقّع عدد من الشركات الإماراتية والإسرائيلية اتفاقات ركزت على التعاون في مجال الخدمات المالية وإزالة الحواجز المالية أمام الاستثمار بين البلدين فضلا عن تشجيع الاستثمارات المشتركة في أسواق المال بجانب التعاون في الخدمات المصرفية بالإضافة إلى توقيع اتفاقات بشأن السياحة والتكنولوجيا والطاقة، والرعاية الصحية والأمن.
وبعد نحو 6 أشهر من التطبيع، أعلنت الإمارات عن إنشاء صندوق بقيمة 10 مليارات دولار يستهدف الاستثمار بقطاعات إستراتيجية في إسرائيل تشمل الطاقة والتصنيع والمياه والفضاء، والرعاية الصحية والتكنولوجيا الزراعية.
وسيركز الصندوق على مبادرات التنمية وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين، وسيتم تمويل الصندوق من مخصصات حكومية ومؤسسات القطاع الخاص.
وتقول الإمارات إن تأسيس الصندوق يهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين اثنين من الاقتصادات المزدهرة في المنطقة وفتح المجال للاستثمارات وخلق فرص الشراكة لدفع النمو الاجتماعي والاقتصادي بينهما وفي المنطقة.
كما شكلت أبو ظبي وتل أبيب لجنة اقتصادية مشتركة برئاسة وزارتي الاقتصاد بهدف إزالة الحواجز وتحفيز التجارة الثنائية حيث تم إطلاق محادثات للتوصل إلى اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة لتعميق العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بينهما تحت مظلة اتفاقية التطبيع.
قفزة في الصادرات
وهناك أيضا اتفاق نفطي بين البلدين يرمي إلى نقل النفط إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر، ثم عبر خط أنابيب إلى إسرائيل فإلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط، ليتم شحنه بعد ذلك إلى أوروبا.
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أنه في الفترة من 2020 إلى 2021، ارتفعت الصادرات الإماراتية إلى إسرائيل من 115 مليون دولار إلى 632 مليونًا، فيما قفزت الصادرات الإسرائيلية السنوية إلى الإمارات من 74 مليون دولار إلى 384 مليونًا.
وقد بلغت قيمة التجارة البينية بين الإمارات وإسرائيل أكثر من 3.5 مليارات درهم (نحو 953 مليون دولار) حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2021، وتجاوزت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية بين الجانبين 2.9 مليار درهم (نحو 790 مليون دولار) خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021.
كما جرى التوقيع على أكثر من 60 اتفاقية للتعاون الإستراتيجي بين الإمارات وإسرائيل، فضلا عن محادثات لاستكشاف آفاق تعاون أرحب في مجالات الطيران والخدمات اللوجيستية والطاقة المتجددة والأمن الغذائي وتحلية المياه والذكاء الاصطناعي وغيرها من مجالات وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة.
توقيع اتفاقية تجارة حرة
وقال رئيس مجلس الأعمال الإماراتي-الإسرائيلي دوريان باراك، في مايو/أيار الماضي، إنّ “التجارة بين الإمارات وإسرائيل ستبلغ ملياري دولار في عام 2022، وترتفع إلى حوالي 5 مليارات دولار في 5 سنوات، مدعومة بالتعاون في قطاعات الطاقة المتجددة والسلع الاستهلاكية والسياحة وعلوم الحياة.
وأضاف أن ما يقرب من ألف شركة إسرائيلية ستعمل في الإمارات ومن خلالها بحلول نهاية العام.
وفي إطار استمرار تطوير التعاون الاقتصادي، وقعت أبو ظبي وتل أبيب في نهاية مايو/أيار الماضي، اتفاقية تجارة حرة وهي أول اتفاقية من هذا النطاق يتم توقيعها بين إسرائيل ودولة عربية، وأهم ثمار تطبيع العلاقات على المستوى الاقتصادي بينهما.
وبموجب الاتفاقية، سيتم استثناء 96% من الرسوم الجمركية على جميع السلع فورا أو تدريجيا، كما يتوقع أن يزيد حجم التجارة بين البلدين لأكثر من 10 مليارات دولار في غضون 5 سنوات.
ونتيجة لذلك تتوقع الإمارات أن تنمو التجارة الثنائية إلى ما يزيد على 10 مليارات دولار سنويا خلال 5 سنوات، رغم أنه حتى قبل التوقيع كانت التجارة في الاتجاهين تنمو بسرعة فائقة، فقد كانت لا تتعدى 190 مليون دولار في عام 2020، ثم بلغت في العام الماضي 1.2 مليار دولار.
ووصلت التجارة الثنائية بين إسرائيل والإمارات خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2022 إلى 616 مليون دولار -بما يشير إلى احتمال وصول الرقم في عام 2022 بأكمله إلى ما يقرب من ملياري دولار. وهذا فقط فيما يخص المنتجات. أما التبادل التجاري في قطاع الخدمات، والذي يغطي كل شيء من السياحة إلى برامج الحاسوب، فيشهد هو الآخر نموا سريعا كذلك.
كما أن إحدى المساحات التي يعتبر الاستثمار والمشاريع المشتركة فيها أضخم بكثير من الاتجار بالسلع هي التكنولوجيا المتقدمة.
ووفقا للبيانات، فقد شهدت الفترة الواقعة ما بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز 2021 تبادلا تجاريا إسرائيليا مع الإمارات بلغ 613.9 مليون دولار، مقارنة مع 50.8 مليونًا في الفترة ذاتها من 2020.
اتفاقيات في قطاعات مختلفة
ويقول وزير الاقتصاد الإماراتي عبد الله بن طوق المري في تصريحات نشرتها وسائل إعلام إماراتية في سبتمبر/أيلول 2021، “ولّد الاتفاق فرصًا اقتصادية واسعة ومتنوعة لدولة الإمارات وإسرائيل، وتم في عام واحد تحقيق تبادل تجاري غير نفطي جيد بلغ نحو 700 مليون دولار أميركي، وكذلك توقيع نحو 60 اتفاقية رئيسة بين الجهات المعنية في البلدين، على مستوى القطاعين الحكومي والخاص والمؤسسات الأكاديمية والثقافية والبحثية”.
وفي محاولة منه لتعزيز وتوسيع دائرة التبادل التجاري بين تل أبيب وأبو ظبي، عقد معهد التصدير الإسرائيلي، في أغسطس/آب الماضي، ندوة عبر الإنترنت للمصدرين الإسرائيليين المهتمين بالعمل مع الإمارات، حضره حوالي 200 ممثل عن الشركات، حيث حصلوا على معلومات حول الأنشطة التجارية بين البلدين، من السفير الإسرائيلي في أبو ظبي أمير حايك، ورؤساء معهد التصدير، وأيضا من ممثلي الشركات الإسرائيلية العاملة في الإمارات.
“وول ستريت جورنال” عن مديرين تنفيذيين في الصناعات الدفاعية الإسرائيلية: العمل مع #الإمارات هو امتداد للعمل السري الذي بدأ قبل توقيع “اتفاقيات أبراهام” pic.twitter.com/GuQmDRcA87
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 9, 2022
أما فيما يخص العلاقات الاقتصادية بين البحرين وإسرائيل، فيؤكد وزير الصناعة والتجارة والسياحة البحريني زايد بن راشد الزياني أهمية تعزيز العلاقات بين بلاده وإسرائيل في مختلف المجالات، لا سيّما في مجال البحث والتطوير والابتكار التكنولوجي وبما يخدم المصالح الثنائية.
نقل التقنية الإسرائيلية إلى المنامة
ويشير الزياني في تصريحات نشرتها وسائل إعلام بحرينية نهاية أغسطس/آب الماضي إلى أن البحرين وإسرائيل تمتلكان العديد من المقومات التي تساعدهما على بناء الشراكة الاقتصادية الناجحة، لافتا إلى أن بلاده تسعى لإقامة علاقات اقتصادية مع كبرى الشركات في إسرائيل، وتبادل الخبرات حول القطاع التجاري والاستثماري والتي من شأنها أن تنعكس إيجابا على اقتصاد البلدين، بما يسهم في تحقيق المصالح الثنائية المشتركة.
وسعيا لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين المنامة وتل أبيب، وقعت الحكومة البحرينية العديد من الاتفاقيات التجارية المتعلقة بالتكنولوجيا ونقل التقنية الإسرائيلية الحديثة لتحلية مياه البحر إلى البحرين، والكيماويات والمعادن.
وفي فبراير/شباط الماضي وقّع البلدان مذكرة تفاهم بشأن التعاون الثنائي في البحث والتطوير، حيث تهدف المذكرة إلى تكثيف التعاون الثنائي في مجال البحث والتطوير، وذلك من خلال إقامة شراكات تُعزّز التعاون في هذا المجال بالإضافة إلى التنسيق والتركيز على الموارد والبرامج المناسبة لتعزيز التعاون الصناعي التجاري بين الدولتين.
كما تتضمن مذكرة التفاهم عددا من المجالات مثل احتجاز استخدام الكربون، وكفاءة الطاقة، والتصنيع المتقدّم، والتجارة الإلكترونية.
وخلال الشهر الماضي، وقّع البلدان اتفاقا لتعزيز وتوسيع التعاون بينهما في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والأمن الغذائي، إضافة إلى تبادل المعرفة والتكنولوجيا والمنتجات المتنوعة لتوسيع المنتجات الزراعية وتحسين جودة إنتاجها.
أما مطلع نوفمبر/تشرين الأول الجاري فقد أعلن عن توقيع مذكرة تفاهم بين صادرات البحرين والمعهد الإسرائيلي للتصدير والتعاون الدولي، بحضور وزير الصناعة والتجارة البحريني، حيث قام بتوقيع المذكرة الرئيس التنفيذي لصادرات البحرين صفاء شريف، والرئيس التنفيذي لمعهد (IEICI) بإسرائيل نيلي شاليف، بحضور سفير البحرين في إسرائيل خالد بن يوسف الجلاهمة.
بيئة ديناميكية للقطاعين العام والخاص
وتهدف مذكرة التفاهم إلى تشجيع وتطوير التبادل والتعاون التجاري بين البلدين، وبموجب هذه الاتفاقية، ستشكل صادرات البحرين والمعهد الإسرائيلي للتصدير والتعاون الدولي بوابة بين الشركات في البحرين وإسرائيل، وستتيح للقطاعين العام والخاص المشاركة الكاملة من أجل تحقيق الهدف المشترك المتمثل في تشجيع الصادرات وتعزيز العلاقات التجارية المتبادلة.
ووفقا لبيانات رسمية، فإنه منذ توقيع اتفاق التطبيع قبل نحو عامين، نمت التجارة بين البحرين وإسرائيل بشكل مطرد وبلغت في عام 2021 حوالي 7.5 ملايين دولار، حيث بلغ حجم الصادرات البحرينية إلى إسرائيل حوالي 3.5 ملايين دولار، وتحتوي بشكل أساسي على معادن أساسية ووقود، فيما بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية إلى البحرين نحو 4 ملايين دولار، معظمها في مجالات اللؤلؤ والألماس والمعادن النفيسة، وكذلك الكيماويات ومنتجات الصناعة الكيماوية والآلات والهندسة الكهربائية.
ويتفاوض البلدان من أجل توقيع اتفاقية التجارة الحرة بينهما، حيث من المتوقع أن تسهم في إزالة الحواجز بطريقة تسمح بتوسيع التجارة بين الدولتين إلى معدلات أكبر، حيث اتفقت البحرين وإسرائيل، نهاية الشهر الماضي، على توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين قبل نهاية العام الجاري.
ماذا حققت اتفاقيات السلام بين العرب وإسرائيل من كامب ديفيد مع #مصر 1979-
مؤتمر مدريد 1991
أوسلو-السلطة الفلسطينية 1993
وادي عربة مع #الأردن 1994-
واي ريفر 1998
كامب ديفيد 2-2000-#اتفاق_ابراهام–#الإمارات
و #البحرين سبتمبر 2020-#إسرائيل تزداد تعنتاً وتطرفاً-
ويبقى السلام بارداً!— عبدالله الشايجي Prof (@docshayji) September 15, 2020
وجاء هذا الإعلان خلال لقاء جمع وزير التجارة والصناعة البحريني زايد بن راشد الزياني في القدس المحتلة مع وزيرة الاقتصاد الإسرائيلية “أورنا باربيفاي”، حيث أكد الوزيران تسريع المفاوضات بين البلدين حول اتفاقية التجارة الحرة، وقدرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أن يتم الانتهاء من صياغة البروتوكولات والتوقيع على الاتفاقية نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل.
طريق تجاري بري إلى دول الخليج
وقالت المحامية تال شنايدر المختصة في الاقتصاد السياسي للجزيرة نت إن توقيع اتفاقيات التجارة الحرة سيسهم في تعزيز التبادل التجاري بين شركات إسرائيلية والإمارات والبحرين، وإلى توسيع دائرة عمل رجال وسيدات الأعمال، ونشاط الشركات الإسرائيلية، بغية الوصول مباشرة إلى الأسواق وإلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية عن مختلف السلع.
ووفقا لتقديرات معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، بعد مرور عامين على اتفاقيات أبراهام، الذي أتى بعنوان “معدل التقدم مثير للإعجاب، والتحديات كثيرة والإمكانات بعيدة عن أن تستنفد”، فإن التقدم في العلاقات بين الدول الموقعة وإسرائيل، والعلاقات التجارية والاقتصادية منها على وجه الخصوص، منظم وسريع، كما أن الصورة العامة “متفائلة وواعدة”، حيث توجد إمكانات كبيرة قابلة للتحقق.
واستعرض نائب مدير عام “معهد الاتفاقيات الإبراهيمية للسلام”، دافيد أهرونسون، الإمكانات الكامنة لتوسيع التعاون التجاري والاقتصادي مع الدول الموقعة على الاتفاقيات، مؤكدا أن أهمها يكمن في فتح طريق تجاري بري من إسرائيل إلى دول الخليج.
ويولي أهرونسون في حديثه للجزيرة نت أهمية بالغة لتوسيع وإقامة مشاريع إقليمية، في مجالات الطاقة والغذاء والماء، والصحة الرقمية والطب، والتربية والثقافة، مشيرا إلى أنه لا بد من تعزيز وتوسيع إطار “الاتفاقيات الإبراهيمية”، وخاصة الاستثمار في تنفيذ وتعزيز الاتفاقات القائمة لتفادي أي تداعيات أو انعكاسات سلبية التي من شأنها أن تؤدي إلى انسحاب الدول منها.
يُذكر أن كلا من الإمارات والبحرين وقعت مع إسرائيل -منتصف سبتمبر/أيلول 2020- في واشنطن اتفاقين لتطبيع العلاقات برعاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهو ما لاقى رفضا شعبيا واسعا في البلدين الخليجيين.