أمين مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف (الفرنسية)

أمين مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف (الفرنسية)

عندما عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاجتماع الأخير لمجلس الأمن القومي قبل شن الحرب على أوكرانيا، بدا أن أحد صقور الكرملين يهيمن على القاعة.

فقد أخبر نيكولاي باتروشيف، أمين مجلس الأمن القومي الرئيسَ أن الولايات المتحدة تقف وراء التوترات شرق أوكرانيا وتنسق من أجل انهيار روسيا وفق تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست (Washington Post).

مقالات ذات صلة

 

وتقول معدة التقرير كاثرين بيلتون (مراسلة هذه الصحيفة الأميركية من روسيا)  إن باتروشيف -الذي يعادل منصبه مستشار الأمن القومي الأميركي- كان في ذلك الاجتماع يعبر عن وجهة نظر، تعود للحرب الباردة، دفعت بوتين إلى شن الحرب على أوكرانيا.

ومنذ إصدار بوتين قرار بدء الحرب في 24 فبراير/شباط -الذي ترى المراسلة أنه أذهل الكثير من النخبة في البلاد- أصبح باتروشيف شخصية عسكرية متشددة لروسيا.

وقد بثت وسائل الإعلام الروسية حينها -والكلام للمراسلة- تصريحا لـ باتروشيف يقول فيه “إن مهمتنا هي الدفاع عن وحدة أراضي بلادنا والدفاع عن سيادتها”.

كما أشار تقرير الصحيفة إلى أن باتروشيف كان من بين قلة من المستشارين الأمنيين الذين علموا بقرار الحرب الذي اتخذه بوتين قبل بدء الغزو.

فمن هو باتروشيف، وما علاقته بالرئيس وما مدى تأثيره في سياسات الكرملين خاصة المتعلقة بالحرب؟

 

من هو باتروشيف؟

تشير المراسلة في تقريرها إلى أن باتروشيف حليف مقرب للرئيس منذ أيام خدمتهما معًا بالاستخبارات السوفياتية “كيه جي بي” (KGB) في سانت بطرسبرغ، وقد خدم إلى جانب بوتين منذ تعيينه عام 1998 رئيسًا لجهاز الأمن الفدرالي “إف إس بي” (FSB) وهي الوكالة التي حلت محل جهاز الاستخبارات السوفياتية، وبدأ صعود الأخير السريع إلى كرسي رئاسة البلاد.

ويرى مارك غاليوتي، الأستاذ الفخري في كلية لندن للدراسات، أن باتروشيف كثيرا ما كان بمثابة “الشيطان على كتف بوتين الذي يهمس بالسم في أذنه”.

كما نقلت عن مقرب من كلا الشخصيتين، لم تورد اسمه لدواع أمنية، قوله إن باتروشيف رجل أمن بنى نظرته للعالم من خلال أحداث الحرب الباردة ولم تتغير كثيرا منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، خاصة فيما يتعلق بعدائه للولايات المتحدة.

ويضيف “إن فهمه لكل الأشياء يبدو كما لو أن الاتحاد السوفياتي ما زال موجودًا، وينظر لنفسه وفقا لذلك”.

غيرة!

وبحسب التقرير فقد خدم باتروشيف -الذي يكبر بوتين بعام واحد- أول مرة جنبًا إلى جنب مع الرئيس في السبعينيات عندما التحقا بقسم مكافحة التجسس لدى “كيه بي جي” في ما كان يعرف بـ “لينينغراد” التي هي الآن مدينة سانت بطرسبرغ.

وتنقل مراسلة واشنطن بوست عن المقرب من هاتين الشخصيتين قوله إن باتروشيف شعر بالغيرة عندما قفز بوتين فجأة ليصبح رئيسًا لجهاز الأمن الفدرالي، بسبب أن “بوتين لم يكن شيئا يذكر (حينها) فقد كان برتبة مقدم، في حين كان (باتروشيف) يحمل رتبة عقيد”.

وشاركه هذا الرأي ضابط كبير سابق بالمخابرات السوفياتية عمل مع بوتين، حيث قال “باتروشيف كان أكبر سناً وأعلى رتبة. لكن بوتين تولى زمام الأمور لأنه كان أقرب إلى (الرئيس -آنذاك- بوريس) يلتسين”.

ويشير التقرير إلى أن باتروشيف عين لاحقا رئيسا لجهاز الأمن الفدرالي خلفا لبوتين عندما اختار يلتسين الأخير رئيسا للوزراء.

وينقل عن شخص مقرب من بوتين وباتروشيف قوله إن الأخير سعى منذ ذلك الوقت للتأكد من بقاء بوتين في السلطة والسيطرة عليه في الوقت ذاته.

 

هل يسعى باتروشيف لخلافة بوتين؟

تقول مراسلة واشنطن بوست إنه في حين بدا بوتين غاضبا وفي موقف دفاع وكان أداؤه متعثرا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب على أوكرانيا وكاد يختفي عن الأنظار، تصدر باتروشيف المشهد لتبرير “اللغز” وتعزيز أهداف الحرب.

وقد أجرت الصحف المحلية معه سلسلة مقابلات، توقع خلالها انهيار أوروبا تحت وطأة أزمتي الغذاء واللاجئين، كما توقع تفكك أوكرانيا إلى عدة دول. ودعا إلى إحياء “التقاليد التاريخية” في نظام التعليم الروسي لصنع جيل من “الوطنيين الحقيقيين” ضمن أمور سياسية واقتصادية أخرى.

وتشير المراسلة إلى أن الظهور المفاجئ لباتروشيف بعد أكثر من عقدين من العمل وراء الكواليس قد أكد مكانته ودوره القوى بالكرملين. كما أثيرت تساؤلات حول ما إذا كان يسعى إلى إعداد نفسه لخلافة بوتين، خاصة في ضوء التكهنات المتعلقة بصحة الرئيس وتراجع موسكو عن السعي للسيطرة على كييف.

لكن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قال -في تصريح لواشنطن بوست- إن الإيحاء بأن دور باتروشيف قد تغير محض “اختراع” وإن الأخير “كان دائمًا نشطًا بما يتماشى مع نطاق سلطته الواسع”.

كما نقل تقرير الصحيفة الأميركية عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي يفغيني أنوشين، نفيه أن يكون باتروشيف يسعى للحصول على أي منصب أعلى، مضيفا أنه “شخص وطني. وفاعل حكومي مخلص منذ سنوات عديدة للاتحاد الروسي وبوتين”.

وفي المقابل، يرى أندريه كوليسنيكوف الزميل الأول بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، في مقابلات باتروشيف المطولة وأسفاره الأخيرة دليلا على أنه “الشخص الذي يُسمح له بشرح وتوضيح أفكار بوتين” ويضيف أن ذلك أمر “لا يسمح به للكل ولا يعرفه الكل”.

وتخلص واشنطن بوست إلى أنه حتى وزير الخارجية سيرغي لافروف، عندما يتحدث، لا يكون من الواضح ما إذا كان يتحدث نيابة عن بوتين أم لا. وغالبا ما يحاول الدبلوماسيون تخمين ذلك. لكن كوليسنيكوف يجزم بأن باتروشيف الوحيد المخول بذلك فهو “يعرف ما يريده بوتين”.

المصدر : الصحافة الأميركية

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *