مقاتلون لكتائب الأقصى خلال مسيرة لإحياء ذكرى بدء الكفاح المسلح لفتح ضد إسرائيل بمخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية (غيتي)

مقاتلون لكتائب الأقصى خلال مسيرة لإحياء ذكرى بدء الكفاح المسلح لفتح ضد إسرائيل بمخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية (غيتي)

رام الله- بزغ نجم كتائب شهداء الأقصى، كجناح عسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، مطلع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والتي انطلقت شرارتها في سبتمبر/أيلول 2000.
واتهمت إسرائيل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والقيادي الأسير مروان البرغوثي بتأسيسها وتمويلها.

ولم يتوقف نشاط كتائب شهداء الأقصى منذ ذلك الحين، لكن العقدين الأخيرين شهدا حالات من المد والجزر على صعيد تنفيذ العمليات، وعلى صعيد العلاقة مع السلطة الفلسطينية.
واليوم الثلاثاء، استشهد 3 من قادة كتائب شهداء الأقصى، هم إبراهيم النابلسي وإسلام صبوح وحسين طه؛ إثر اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي البلدة القديمة بنابلس.

 

وقبل “شهداء الأقصى” عملت حركة “فتح” عسكريا من خلال مسميات مختلفة؛ “العاصفة” و”الفهد الأسود” و”الصقور”.

بين المقاومة المسلحة والشعبية

ولا تتبنى حركة “فتح” رسميا الجناح العسكري، وتخلو بياناتها ومواقعها الإلكترونية من أية إشارة لها أو لعناصرها وقياداتها.

وفي الوقت الذي يعلن فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رئيس حركة فتح، تبني خيار المقاومة الشعبية، ويرفض العمل المسلح ضد إسرائيل، فإن “كتائب شهداء الأقصى” تتبنى الخيار العسكري، فيما يبدو تناقضا بين برنامج الحركة ونهج الكتائب.

حل التشكيلات المسلحة

وفي 2007 أصدر عباس مرسوما بحظر “كافة المليشيات المسلحة والتشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية غير النظامية أيا كانت تابعيتها” ورفضت الأجنحة العسكرية للفصائل بما فيها كتائب شهداء الأقصى وصفها “بالمليشيات”.

وتبع مرسوم الرئيس تسويات لأوضاع مطاردين من كتائب الأقصى، بالتنسيق مع إسرائيل، بينها دمجهم في الأجهزة الأمنية أو تحديد تحركاتهم.

بين غزة والضفة

ولكتائب شهداء الأقصى مجموعات وحضور في قطاع غزة، بشكل أوضح منه في الضفة الغربية، ولا تكشف الكتائب عن شكل العلاقة بين مجموعاتها في الضفة أو مع غزة.
وتقول كتائب غزة في موقعها الإلكتروني إنها “الذراع العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح”.

وفي حين تعتمد كتائب الضفة على البنادق النارية، فإن كتائب غزة طورت إمكانياتها إلى الصواريخ وقذائف الهاون، وشاركت في صد الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وللكتائب مئات المعتقلين في سجون الاحتلال، أبرزهم القيادي زكريا الزبيدي، قائدها في الضفة الغربية، المعتقل منذ 2019.

العمل العسكري وانغلاق الأفق السياسي

ومع استمرار انغلاق الأفق السياسي واستمرار جرائم الاحتلال عادت الكتائب لتنشط، وفق منير الجاغوب، مدير العلاقات العامة في مفوضية التعبئة والتنظيم التابعة لحركة “فتح”.

وأضاف الجاغوب في حديثه للجزيرة نت أن من بين عناصر الكتائب، عناصر سابقون في الأجهزة الأمنية “عادوا بشكل طوعي لمقاومة الاحتلال”.

وهنا يشير إلى أن العودة للعمل المسلح “لا تتم بشكل منظم، أو بدفع رواتب لعناصر الكتائب، أو بالتحريك عبر الريموت”.

حاضنة فتحاوية

ويوضح أن انغلاق الأفق السياسي، وتبدد حلم الحرية والاستقلال وعدم تحصيل الشعب الفلسطيني أيا من حقوقه “أثار جذوة المقاومة، والنضال في نفوس عناصر في الحركة، ووجدوا حاضنة حركية شعبية تساندهم”.

ويضيف الجاغوب أنه رغم اندماج قيادات من “فتح” في مشروع السلطة والمسار السياسي فإن “هناك حالة شعبية مزاجية لا تنتهي داخل حركة فتح تتسم بالنفس الثوري”.

نجل عقيد في الوقائي

ويشير القيادي في حركة فتح إلى أن الشهيد إبراهيم النابلسي (19عاما) هو نجل عقيد في جهاز الأمن الوقائي، ولم يعايش الانتفاضات الفلسطينية، وربما استمع من والده لقصص اعتقالاته وتعذيبه في السجون الإسرائيلية، فاختار المواجهة.

ورغم “حالة التململ” داخل حركة فتح، يشير الجاغوب إلى تجنب كثير من عناصر كتائب الأقصى إعلان انتمائهم بشكل صريح، و”أغلبهم لم يطلقوا اسم كتائب شهداء الأقصى على أنفسهم أو في بياناتهم، وربما كانوا معتقلين لدى السلطة”.

وعن كيفية تشكيل مجموعات لكتائب في المحافظات، بيّن القيادي الجاغوب أنهم في الغالب مجموعة شباب التقت اهتماماتهم، ونسقوا مع بعضهم، وعلى نفقتهم الخاصة “وحركة فتح لا تتخلى عن عائلاتهم”.

ورجح الجاغوب استمرار ظاهرة وعمل كتائب شهداء الأقصى “طالما استمرت جرائم الاحتلال والاعتقالات”.

 

 

تسليح جزئي

في ذات السياق كشف مصدر في حركة “فتح”، فضل عدم ذكر اسمه، أن بعض أقاليم حركة “فتح” في المحافظات الفلسطينية تدعم الكتائب بشكل مباشر.

وأشار إلى “التكلفة العالية لاقتناء السلاح، وهذا يحتاج لجهة تموّله”.

لماذا العمل المسلح؟

من جهته يقول مدير مركز يبوس للدراسات سليمان بشارات إن كتائب شهداء الأقصى، انبثقت عن فتح، بشكل واضح وصريح في الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وأضاف أن الكتائب كانت الذراع الذي حاولت من خلاله “فتح” الانخراط بالعمل المسلح بعد إفشال إسرائيل مشروع التسوية واتفاق أوسلو وإقامة الدولة الفلسطينية.

 

 

الحفاظ على مكانة الحركة

وتابع أن الانخراط جاء “حتى لا تتراجع مكانة الحركة جماهيريا وشعبيا من جانب، وحتى لا تفقد عناصرها الرافضين للممارسات الاحتلال على الأرض”.

ويعود بنا المحلل الفلسطيني إلى انخراط أفراد الجناح المسلح لحركة “فتح” ضمن إطار الأجهزة الأمنية، أو ضمن العمل المدني عقب حصول أفرادها على العفو والملاحقة من قبل إسرائيل، وذلك ضمن رؤية الرئيس محمود عباس، التي تقوم على المقاومة الشعبية لا المقاومة المسلحة.

ممارسات إسرائيل

لكنه تابع أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي بعمليات الملاحقة، والاعتقال، والقتل، والاستيطان، كان محفزا للشباب الفلسطيني، خصوصا من ارتبط منهم بتاريخي نضالي سابق، وآخرين متأثرين بالحالة النضالية.

وأضاف أن غياب التوافق السياسي الميداني نتيجة الانقسام من جانب، والالتزامات الأمنية للسلطة الفلسطينية من جانب آخر، دفعا بعض عناصر “فتح” للانخراط بالعمل المقاوم بشكل فردي بدون أن يكون هناك تبنٍ تنظيمي لهم.

وهنا يرى بشارات أن حركة “فتح” وجدت في هذه النماذج مخرجا لها في ظل المناكفات السياسية، والاتهامات بالتخلي عن النضال المسلح “وهذا الأمر كان يدفعها إلى التغني بالحالات الفردية على اعتبار أنها ضمن إطارها”.

توارث الحالة النضالية

ويلفت الباحث الفلسطيني إلى وجود شخصيات وأفراد ينتمون لحركة “فتح” كجزء من إرث نضالي عائلي، “بمعنى توارث الحالة النضالية المرتبطة بحركة فتح، وبالتالي لا يمكن له العمل في إطار خارج فتح”.

ويضيف أن هذه الحالة أوجدت مجموعات تطلق على نفسها كتائب شهداء الأقصى، ولم تكن تحظى بقبول رسمي من حركة فتح، وكانت في بعض الأحيان عرضة للاعتقال السياسي أو الضغوط التي تمارس عليها من قبل أجهزة أمن السلطة.

ولاءات تنظيمية وشخصية

وعن علاقة مجموعات كتائب شهداء الأقصى بقيادات فتح، يشير بشارات إلى أن حركة “فتح” تتشكل من مجموعات ذات ولاءات تنظيمية لشخصيات “بعض الشخصيات تحاول من باب المناكفة السياسية دعم مجموعات مسلحة للعمل النضالي، وبعضها الآخر نابع فعلا من الإيمان بالعمل النضالي، وكل ذلك دون امتداد مركزي بالحركة”.

وينوه إلى أن استمرارية الاعتداءات والاغتيالات الإسرائيلية والتنافسية الميدانية بين الفصائل ونموذج غزة كلها “تعمل على تحفيز ردود فعل لدى العديد من الشباب الراغبين بالعمل المقاوم”.

المصدر : الجزيرة

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *