عارض حرب العراق وتعلّم العربية.. تعرّف على علاقة الملك تشارلز بالإسلام وقضايا العرب
لندن- تفرض الأعراف الدستورية البريطانية على الملك وأفراد الأسرة الملكية التزام الحياد وعدم التعليق على الأحداث السياسية علانية، والحفاظ على سرية المباحثات التي تجري بين الملك ورئيس الوزراء.
ولهذا من الصعب التعرف على الأفكار والمواقف التي يحملها الملك تشارلز الثالث -الذي تقلد عرش المملكة المتحدة خلفا لوالدته الراحلة الملكة إليزابيث الثانية- من الأحداث السياسية.
إلا أن كتاب “تشارلز في السبعين.. الأفكار، الآمال، الأحلام” (Charles at Seventy- Thoughts, Hopes & Dreams)، للكاتب البريطاني روبرت جوبسون، يقدم لنا صورة واضحة عن مواقف تشارلز -عندما كان وليا للعهد- تجاه كثير من الأحداث، ومن ضمنها حرب العراق، والقضية الفلسطينية، ونظرته للإسلام والمسلمين.
عارض حرب العراق
حسب عدد من فقرات الكتاب المكون من 300 صفحة، والمخصصة لموقف تشارلز من حرب العراق، فإن ملك بريطانيا الجديد كان معارضا شرسا لمشاركة بلاده في الحرب على العراق.
واعتبر تشارلز أن الرئيس الأميركي جورج بوش “يفتقد إلى الذكاء”، وأنه لا يرى أي أدلة كافية تبرر غزو العراق، قبل أن يصف توني بلير بأنه “كلب مطيع” لجورج بوش.
ويصف الكتاب اللقاءات الأسبوعية التي كانت تجمع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بالملكة، للحديث عن التحضير لحرب العراق، بـ”ساحة معركة حقيقية بين الأمير تشارلز وتوني بلير”، وينقل الكتاب عن مقربين من الأمير أنه “كان بدون شك يعبّر بقوة عن اعتراضه على الحرب”.
فكان ولي العهد البريطاني آنذاك يرى أن بلير قام بتقييد بريطانيا بإدارة بوش “المعيبة”، ليضيّع بذلك فرصة ذهبية للتوصل إلى حل بديل عن الحرب، ويضيف الكتاب أن الأمير قال لشخصيات سياسية مقربة منه إن “إدارة بوش إدارة مرعبة، إضافة إلى افتقار توني بلير للبصيرة”.
وحسب مؤلف الكتاب، فإن الأمير لم يقتنع أبدا بالتقارير الاستخباراتية التي كان يقدمها توني بلير، أو بالمعلومات التي كانت تقدمها الولايات المتحدة بشأن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، وظل تشارلز يردد أمام أصدقائه أنه كان على توني بلير الاستماع إلى ما يقترحه بعض القادة -آنذاك- لحل الأزمة العراقية عوض الذهاب نحو الحرب.
فلسطين.. حل عادل
مع بداية عام 2020، قام تشارلز بزيارة هي الأولى من نوعها لأحد أفراد الأسرة الحاكمة إلى بيت لحم، وخلال هذه الزيارة ألقى خطابا وصف بـ”العاطفي”، عندما حذّر من “أكبر كارثة قد تحدث في حال تم طمس الحضور المسيحي في فلسطين”.
ويقدّم كتاب “تشارلز في السبعين” نظرة على الموقف الذي يحمله الملك الجديد من القضية الفلسطينية؛ ذلك أنه ينقل عن عدد من أصدقاء تشارلز المقربين أنه ردد أكثر من مرة “تخلصوا من السم، حينها سوف تتخلصون من السبب الرئيسي لكل هذا الإرهاب المحيط بنا”. ويرى الكاتب أن الفكرة الأساسية لتشارلز تقوم على أن حل عادلا للقضية الفلسطينية سيؤدي إلى تغيير حقيقي في الوضع في الشرق الأوسط.
وحسب نفس المصدر، فإن الملك تشارلز يرى أن “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو السبب الأساسي للعداء وللسموم المكبوتة في جميع أنحاء العالم”.
ويرجح الكاتب روبرت جوبسون أن موقف تشارلز هو الذي جعله لا يسافر إلى فلسطين وإسرائيل عام 2018، إذ سافر عوضا عنه ابنه ويليام (ولي العهد الجديد)، الذي التقى بكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
قرأ القرآن ويكتب بالعربية
يقدم الكتاب الكثير من التفاصيل عن علاقة تشارلز بالإسلام وثقافته، ويمكن القول إن تشارلز هو أعلم الأسرة الملكية بالثقافة الإسلامية.
ومنذ عقود، أظهر تشارلز اهتماما مميزا بالتعرف على الإسلام والتعمق في حضارته. وحسب الكاتب جوبسون، فإن تشارلز “شغوف بالإسلام، وقد سبق أن قرأ القرآن، ودرس اللغة العربية”، وكان الأمير تشارلز يتعمد أن يوقع الرسائل التي كان يوجهها للزعماء العرب باللغة العربية.
ويرى ملك بريطانيا الجديد أن “الإسلام يمكن أن يعلمنا جميعا طريقة للتفاهم والعيش في العالم، كما أن العالم الإسلامي هو القيِّم على واحد من أعظم كنوز الحكمة والمعرفة الروحية المتراكمة المتاحة للبشرية”.
وعبّر تشارلز عن عدد من المواقف الحقوقية، منها مثلا رفضه قرار فرنسا حظر النقاب في الفضاء العالم، ورأى أن الأمر يتناقض مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.
كما عبّر عن موقف معارض لخطة الحكومة البريطانية من أجل ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، وصرح تشارلز -الذي كان ولي العهد حينها- أمام عدد من زعماء مجموعة الكومنولث، بأن هذه الخطة “لا تعكس القيم البريطانية، وهي خطة مخيفة ولا تراعي حقوق الإنسان”.