صنعاء– بإجلال يقف المواطن اليمني محمد عبد الله أمام الجدارية المنحوتة لخريطة دولة فلسطين متأملا فيها، عند أهم تقاطع لأكبر شارعين في صنعاء خلال المظاهرات التي باتت مشهدا متكررا في العاصمة اليمنية ومدن أخرى، للتعبير عن التضامن مع غزة.
وجرى نصب الجدارية المنحوتة -التي أطلق عليها اسم “جولة فلسطين” والتي تؤدي إلى ميدان السبعين- على شكل بوابة. شيدت في أعقاب اندلاع معركة طوفان الأقصى، وتتوشح البوابة الجدارية بعلمي اليمن وفلسطين، في دلالة على وحدة المصير والوجود.
ويحتشد ملايين اليمنيين في عشرات الساحات بالمدن والمحافظات ومناطق التجمعات السكنية بشكل أسبوعي يوم الجمعة في مسيرات مليونية للتعبير عن تأييدهم المطلق للمقاومة والشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة.
وتوحدت ساحات صنعاء والحديدة وصعدة، التي تقع تحت سيطرة جماعة أنصار الله الحوثيين، مع مأرب وتعز والمخاء وحضرموت والمهرة -التي تخضع للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا- في احتضان المظاهرات الأسبوعية المؤيدة للمقاومة الفلسطينية.
وبات ميدان السبعين في صنعاء مقصدا أسبوعيا للمواطن السبعيني يحيى الهمداني للمشاركة في التظاهرات الداعمة لغزة “تبرئة للذمة أمام الله، وكأضعف الإيمان لإبداء الدعم والتأييد والمناصرة للأشقاء في فلسطين، الذين خذلهم القريب وتخلى عنهم الشقيق وتآمر عليهم البعيد” حسبما يقول.
من جهته، رأى الكاتب اليمني عادل سعيد بن سعيد أن غزة من بعد طوفان الأقصى صارت مصدر إلهام للشعب اليمني وشعوب العالم، وروحا سرت في جسد الأمة من أقصاها إلى أقصاها.
وأوضح في حديث للجزيرة نت أن “التعبير الأقرب والأكثر تكثيفا في سريان هذي الروح هو تسميات المواليد بمسميات غزة والأقصى ويحيى السنوار وأبي عبيدة، وإغراق اللوحات ومسميات المعارض والمحلات والأسواق بالأسماء ذاتها، وهي روح سرت ولن تتوقف، وهذي التعبيرات التضامنية أبسط تجلياتها”.
ويعتقد سعيد أن “غزة باتت عنوان حياة جديدة لعالم جديد يعاد تشكيله بمقاسات الحرية والعدل والمحبة”.
ومنذ انطلاق طوفان الأقصى، ابتكر اليمنيون طرقا عديدة للتعبير عن تأييد القضية الفلسطينية وحق المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ونشر الوعي بين أوساط الشعب اليمني بكافة فئاتهم باعتبار أن فلسطين بوصلة الجميع كقضية عادلة توجب عليهم بذل الغالي والنفيس من أجل دفع العدوان الإسرائيلي وإنقاذ الفلسطينيين.
وفي مناطق سيطرة الحوثيين، تم تجنيد الآلاف من اليمنيين الراغبين في الجهاد إلى جانب المقاومة الفلسطينية، وتحضيرا لما يسمونها معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، حيث يتدربون في معسكرات على كافة أنواع الأسلحة وينفذون مناورات بالسلاح على مهاجمة مواقع الاحتلال الإسرائيلي وخوص اشتباكات داخل المستوطنات الإسرائيلية وقتل وأسر جنود الاحتلال.
ويبدو الفعل الشعبي في اليمن واضحا في التعبير عن تبني وتأييد المقاومة في غزة من خلال كتابة لافتات باسم “طوفان الأقصى” وفلسطين وغزة والقدس على واجهات المحال التجارية والمطاعم ومختلف المرافق، بالإضافة إلى وسم شوارع وتقاطع طرق ومواقع ومستشفيات باسم فلسطين.
كما تفاعل القطاع التجاري بالطريقة نفسها، حيث قامت شركات إنتاج المياه الصحية بطباعة علم فلسطين واسم غزة على منتجاتها التي تصل ملايين اليمنيين يوميا، وذلك في سياق توسيع دائرة الاهتمام والمناصرة للمقاومة في غزة.
من ناحيته، يرى الباحث السياسي الدكتور ثابت الأحمدي أن “الدعم اليمني لفلسطين من عقود لا يقتصر على الجانب الشعبي فقط، بل على السلطات الرسمية المتعاقبة أيضا. فقد كانت جميعها ذات موقف مشرف”.
وأضاف للجزيرة نت أن “الشعب اليمني من أوائل الشعوب التي تضامنت مع القضية الفلسطينية، وحتى تلاميذ المدارس في الريف اليمني، ناهيك عن المدينة، يتبرعون بمصروفاتهم اليومية بين الحين والحين دعما للقضية الفلسطينية”.