مع استمرار الحرب على أوكرانيا، وعدم ظهور ضوء في آخر النفق لحل الأزمة عبر المفاوضات، بدأ شبح تداعيات ما يجري يطل برأسه على أوروبا في مجال الطاقة، وخاصة في فرنسا.
واضطر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون -للخروج في حوار تلفزيوني- لطمأنة الفرنسيين بأن “الوضع تحت السيطرة”، بعد انتشار أخبار أثارت مخاوف الفرنسين تفيد بحدوث انقطاعات مستمرة في التزويد بالكهرباء هذا الشتاء.
وذكرت صحيفة “لوموند” (Le Monde) أن ماكرون قال في حوار -بثته قناة “تي إف 1” (TF1)- إنه “لا داعي للهلع، إنه لا يفيد في شيء، وليس صحيحا”.
وبعثت الحكومة بتعميمات إدارية لحكام المناطق تحثهم فيها على الاستعداد لسيناريو حدوث انقطاعات في خدمة الكهرباء، وعلق ماكرون على ذلك بقوله إنه أمر عادي، إذ إنه من الطبيعي أن تستعد الحكومة لحدوث سيناريوهات صعبة.
وحرص الرئيس الفرنسي على التأكيد أنها مجرد “سيناريوهات متخيلة” يجب الاستعداد لها، مؤكدا أن فرنسا بإمكانها تجاوز فترة الشتاء الصعبة، وخاصة شهري ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني.
وقبل أيام، وقع رئيسا الحكومتين الفرنسية والألمانية اتفاقا في برلين بشأن إجراءات يفترض أن تسمح بـ”دعم متبادل” بين البلدين من أجل “ضمان إمدادات الطاقة” في وقت ترتفع فيه الأسعار.
وقال بيان مشترك -وقعته رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيث بورن والمستشار الألماني أولاف شولتز- إنه تقررت “إجراءات ملموسة” في هذا الاتجاه، خاصة أن تساعد فرنسا ألمانيا عن طريق تسليمها الغاز، في حين ستدعم باريس برلين لـ”تأمين إمدادات الكهرباء”.
وباتت فرنسا مستوردا صافيا للكهرباء للمرة الأولى منذ 42 عاما، بسبب أدنى مستوى لإنتاج الكهرباء النووية، فمنذ 1981 كانت مصدرا صافيا لتصدير الكهرباء إلى جيرانها، خاصة بفضل محطات الطاقة النووية التي تغطي أكثر من 60% من إنتاج الكهرباء في البلاد.
ومن المقرر أن ينخفض إنتاج الطاقة النووية من قبل شركة كهرباء فرنسا إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من 3 عقود، إذ تكافح من أجل صيانة محطاتها القديمة.
ولمجابهة هذه المشاكل الطبيعية والهيكلية، ومكافحة الضغوط المتزايدة للحرب الروسية الأوكرانية، وتزايد الطلب على الطاقة وارتفاع أسعار الكهرباء والغاز، أعلنت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن -في وقت سابق- خططا لإعادة التأميم الكامل لشركة الكهرباء الفرنسية “إي دي إف” (EDF).
وقالت بورن حينها أمام البرلمان “يجب أن نضمن سيادتنا على ضوء تداعيات الحرب في أوكرانيا، أؤكد اعتزام الحكومة امتلاك 100% من رأس مال إي دي إف”.
وفي فبراير/شباط الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطة إستراتيجية لبناء 6 محطات نووية جديدة، من قبل شركة كهرباء فرنسا بحلول عام 2050.
وأوضح ماكرون أن أول مفاعل جديد سيبدأ العمل بحلول عام 2035، مضيفا أنه سيجري إطلاق دراسات لـ8 مفاعلات أخرى بخلاف المحطات الـ6 الأولية الجديدة.
وقدرت “إي دي إف” حينها تكلفة 6 مفاعلات جديدة بنحو 50 مليار يورو حسب شروط التمويل.