بسبب الاحتباس الحراري.. “الماريمو” أنواع نادرة من الطحالب البحرية مهددة بالانقراض
البعض يقتني القطط والبعض يجمع الأحافير، لكن هل سمعت عن مقتني الطحالب البحرية؟
الماريمو هي كرات حية منفوشة من الطحالب الخضراء، ويمكن العثور على أكبر ماريمو بالعالم في بحيرة أكان في هوكايدو، الجزيرة الرئيسية في شمال اليابان، حيث تعيش محمية من الكثير من أشعة الشمس الشتوية بطبقة سميكة من الجليد والثلج التي أصبحت شائعة لدى السياح وعشاق الطبيعة وأصحاب أحواض السمك.
تهديد بالانقراض
يتراوح حجم الماريمو من حبة بازلاء تقريبا إلى كرة سلة، وتتشكل بشكل طبيعي عندما تتجمع خيوط عائمة من طحالب (Aegagropila linnaei) معا من خلال الحركة المتدحرجة اللطيفة لمياه البحيرة.
وتوجد فقط في عدد قليل من البلدان ويمكن أن يصل قُطر أكبر ماريمو (الموجود في بحيرة أكان) إلى 30 سنتيمترا، وتتمتع بشعبية كبيرة في اليابان، لدرجة أن لديهم مهرجانا سنويا خاصا بها وتجارة وكذلك تميمة.
مع ذلك، تعتبر الماريمو من الأنواع المهددة بالانقراض وأعدادها في تناقص بشكل عام على مستوى العالم.
وأظهرت دراسة جديدة في جامعة طوكيو نشرت في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي في دورية “إنترناشونال جورنال أوف موليكيولار ساينسز” (International Journal of Molecular Sciences) أن تغير المناخ قد يعرض كرات الطحالب النادرة تحت الماء (الماريمو) لأشعة الشمس بشكل مفرط، مما يؤدي إلى قتلها.
قدرة على التعافي
وجد الباحثون أن الطحالب يمكنها البقاء على قيد الحياة في الضوء الساطع لمدة تصل إلى 4 ساعات، ويمكنها أن تتعافى إذا ما وضعت بعد ذلك تحت ضوء معتدل لمدة 30 دقيقة، إلا أنها قد تموت عند تعرضها للضوء الساطع لمدة 6 ساعات أو أكثر، ويأمل الفريق أن يسلط هذا الاكتشاف الضوء على تهديد تغير المناخ لهذه الأنواع المهددة بالانقراض والحاجة الملحة لحماية موطنها.
يذكر البيان الصحفي المنشور على موقع “يوريك ألرت” (EurekAlert) أن التلوث والتدخل البشري يؤثران على المغذيات التي تعتمد عليها الماريمو إلى جانب التمثيل الضوئي للبقاء على قيد الحياة، إلا أن أحدا لم يدرس من قبل تأثير تغير التعرض لأشعة الشمس على الماريمو.
يقول الأستاذ المساعد بالمشروع ماسارو كونو من كلية الدراسات العليا للعلوم في جامعة طوكيو “نحن نعلم أن الماريمو يمكنه تحمل ضوء الشمس الساطع في مياه الصيف الدافئة، لكن لم تتم دراسة خصائص التمثيل الضوئي في الماريمو في درجات حرارة الشتاء المنخفضة، لذلك كنا مفتونين بهذه النقطة. أردنا معرفة ما إذا كان يمكن للماريمو تحملها وكيفية استجابتها لدرجات حرارة منخفضة وبيئة ذات كثافة ضوئية عالية”.
محاكاة لضوء الشمس
لقياس درجة الحرارة وشدة الضوء تحت الماء، سواء مع الغطاء الجليدي أو دونه زار كونو وفريقه خليج تشوروي في بحيرة أكان في الشتاء، حيث قاموا أولا بحفر حفرة صغيرة في الجليد على بُعد 80 مترا من الشاطئ، ثم قاموا بنحت مساحة كبيرة 2.5 متر في 2.5 متر لأخذ القراءات منها.
قام الفريق أيضا بجمع عدة كرات من الماريمو بعناية بحجم (10-15 سنتيمترا) ثم العودة إلى طوكيو حيث أعاد الفريق إنشاء الظروف البيئية باستخدام صوان من الجليد ومصابيح ليد (LED) بيضاء، وأزالوا خيوط الطحالب من كرات الماريمو واختبروا قدرتها الطبيعية على التمثيل الضوئي، قبل أن يتم وضعها في حاويات بالجليد تحت الضوء الاصطناعي، وتم تعديلها للتألق بكثافة مختلفة لفترات زمنية مختلفة.
وأظهرت الدراسة أن خلايا الماريمو التالفة إثر تعرضها لضوء يحاكي ضوء الشمس لمدة تصل إلى 4 ساعات في درجات حرارة باردة (2-4 درجات مئوية) يمكنها ترميم نفسها إذا ما وضعت في ظروف ضوئية معتدلة لمدة 30 دقيقة فقط، إلا أن تعرضها لضوء الشمس الساطع لمدة 6 ساعات أو أكثر أدى إلى تلف الخلايا المسؤولة عن التمثيل الضوئي بشكل غير قابل للترميم، حتى لو تم وضعها في ظروف معتدلة بعد ذلك، ومن ثم ماتت الطحالب.
خطر الاحتباس الحراري
يقول البروفيسور كونو “تشير هذه النتائج إلى أن التثبيط الضوئي (عدم القدرة على التمثيل الضوئي بسبب تلف الخلايا) سيكون تهديدا خطيرا لماريمو في بحيرة أكان، التي تتلقى أكثر من 10 ساعات من ضوء الشمس يوميا في الشتاء، إذا استمر الاحتباس الحراري وانحسر الغطاء الجليدي.
وسوف يبدأ الفريق في دراسة إن كان التأثير ذاته سيحدث لكرات الماريمو الكاملة، كما حدث للخيوط الصغرى.
ويضيف كونو “في هذه الدراسة، استخدمنا الخلايا الخيطية المقطعة، لذلك لم نأخذ في الاعتبار تأثيرات بنية الماريمو الكروية وكيف يمكن أن تحميها من التعرض للضوء الساطع. ومع ذلك، إذا زاد الضرر الذي يلحق بالخلايا السطحية في ظل التعرض الطويل لأشعة الشمس المباشرة -في الحالة القصوى- فقد يؤثر ذلك على الحفاظ على أجسامها المستديرة ويؤدي إلى اختفاء الماريمو العملاقة. لذلك، نحن بحاجة إلى مراقبة الظروف في بحيرة أكان باستمرار في المستقبل”.
ويأمل كونو أن يساعد هذا البحث الحكومات المحلية والوطنية على حد سواء على فهم الحاجة الملحة لحماية الماريمو الفريد في اليابان وموائلها.
وقال: “نأمل أيضا أن تكون هذه فرصة للجميع للتفكير بجدية في آثار الاحتباس الحراري”.