مسيرة للمستوطنين من أمام قرية برقة نحو مستوطنة حومش خلال فعاليات لهم العام الماضي للعودة للمستوطنة (الجزيرة)

مسيرة للمستوطنين من أمام قرية برقة نحو مستوطنة حومش خلال فعاليات لهم العام الماضي للعودة للمستوطنة (الجزيرة)

نابلس- قبيل إعلان حكومته الأخيرة، لعب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ملف “مستوطنات الشمال” كورقة للضغط والكسب لتشكيل حكومته اليمينية الأكثر تطرفا.

وعام 2005 أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون -ضمن مساعيه لإحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية- خطة أحادية الجانب لإخلاء 4 مستوطنات وهي حومش، جانيم، كاديم، ترسلّه، ومعسكر “دوتان-عرابة” للجيش الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية، و4 مستوطنات أخرى في قطاع غزة.

 

وفور تشكيلها عمدت حكومة نتنياهو لشرعنة 9 بؤر استيطانية والمصادقة على مشروع قرار لإلغاء “قانون فك الارتباط” والعودة لمستوطنات الشمال.

وبالقراءة الأولى قبل 10 أيام، صوت الكنيست الإسرائيلي على ذلك، ثم عاد مجددا وصادق عليه بالقراءتين الثانية والثالثة، وأصبح التشريع نافذا والعودة قائمة.

لكن تلك المستوطنات أخليت شكلا، وظل المستوطنون يقتحمونها طوال 18 عاما، بل منعوا الفلسطينيين وأصحاب الأرض، وخاصة في حومش، من إعمارها أو العودة إليها.

ولم يعد وجود المستوطنين بتلك المستوطنات -وفقا للقرار الجديد- مخالفا للقانون الإسرائيلي، ولكن هذه العودة -وفق مختصين بالشأن الإسرائيلي- مرهونة بموافقة عسكرية، حيث إن أي قرار يصدر عن الكنيست يحتاج لموافقة عسكرية من قائد المنطقة لتنفيذه، وهذا يتطلب أن تكون المنطقة آمنة. وبالتالي فإن أي جهود يقوم بها الفلسطينيون قانونيا أو شعبيا من الممكن أن تحبط القرار وإجراءات الاحتلال.

عاطف دغلس- جيش الاحتلال ومنذ عام واكثر ينصب نقطة عسكرية امام حومش ويمنع دخول اصحاب اليهاوبالمقابل يسمح للمستوطنين بالاقتحام- الضفة الغربية- -نابلس- برقة- الجزيرة نت8
جيش الاحتلال نصب نقطة عسكرية أمام مستوطنة حومش لمنع دخول الفلسطينيين إليها بينما يسمح للمستوطنين بالاقتحام (الجزيرة)

مستوطنة حومش

تصنف حومش بأنها أهم المستوطنات الأربع وأكبرها مساحة، وأقيمت عام 1978 فوق أراض لقرية برقة شمال نابلس وأخرى تعود لبلدة سيلة الظهر المجاورة، وهي تتوسط مدينتي جنين ونابلس وتطل على الشارع الرئيسي الواصل بين المدينتين.

وسيطرت حومش على أكثر ألف دونم (الدونم= ألف متر مربع) من أراضي منطقة “الظهور- القبيبات” من أراضي برقة، بينما امتدت منطقة نفوذها لحوالي 4 آلاف دونم أخرى من أراضي المواطنين، وجزء بسيط يصنف بأنه أراض دولة (تتبع خزينة المملكة الأردنية).

وعام 1976 دق الاستيطان أوتاده في برقة مستهدفا منطقة المسعودية، وتزعم ذلك رئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن آنذاك، فثار أهالي المنطقة رفضا لذلك، فأخليت المستوطنة، وبعد عامين شُيدت من جديد ولكن تحت اسم “حومش” في جبل الظهور شمال القرية، وبدأت كمعسكر لجيش الاحتلال ثم تحولت لمستوطنة.

وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي زار بنيامين نتنياهو “حومش” وقال في كلمة له “منطقة جميلة لا تتركوها أبدا”، فمنها يُرى ثلثا فلسطين، وحوت أكثر من 100 شقة سكنية، وفيها مجلس للخدمات وكنيس يهودي و”مكفى” (مكان للتسبيع وفق التعاليم اليهودية).

لكن “حومش” استخدمت بشكل أساسي كمستوطنة سياحية، ففيها ملاعب رياضية وبرك سباحة وناد وملاعب رياضية، إضافة إلى حدائق ورياض للأطفال.

وعام 2005 أخلى المستوطنون “حومش” تحت طائلة قرار حكومي وبقوة عسكرية ضخمة، لكنهم لم يفارقوها إلا لبعض الوقت، وحينها استصلح الفلسطينيون أراضيهم، ثم عاد المستوطنون ودمروا المنشآت الزراعية واقتلعوا الأشجار واعتدوا على المواطنين.

ورغم سماح المحكمة العليا الإسرائيلية في أكثر من قرار بعودة الفلسطينيين لأراضيهم وحظر دخول الإسرائيلي (جندي، مدني، مستوطن) إليها، إلا أن المستوطنين لم يتقبلوا ذلك وواصلوا اقتحامها، كما أعلن جيش الاحتلال المكان منطقة عسكرية مغلقة.

واتخذ المستوطنون عملية “حومش” -والتي قتل فيها مستوطن إسرائيلي أواخر ديسمبر/كانون الأول عام 2021 على يد مقاومين فلسطينيين- ذريعة لعودتهم إلى المستوطنة، وإقامتهم لمدرسة دينية فيها حتى الآن.

عاطف دغلس- من تصدي اهالي برقة في العام 2022 لجيش الاحتلال على خلفية احداث حومش ومقتل مستوطن -الضفة الغربية- الجزيرة نت2
من تصدي أهالي برقة في عام 2022 لجيش الاحتلال على خلفية أحداث حومش ومقتل مستوطن (الجزيرة)

مستوطنة كديم

“كديم” أو “قاديم” كما تعرف، اشتق اسمها من قرية “بيت قاد” الفلسطينية المجاورة، وتتوسط المستوطنة مدينة جنين وبلدة قباطية جنوبا، وقرى أخرى محيطة، وأقيمت عام 1981 على حوض رقم (1) من منطقة “خربة غنام” من أراضي تصنف بأنها “خزينة دولة وأحراش” بمساحة تزيد على 160 دونما، وأخرى تعد أملاكا خاصة في قباطية، ثم امتدت لتسيطر على نحو 400 دونما، وهي بالاتجاه المقابل لمستوطنة “جانيم”، وعلى بعد كيلو متر واحد منها، والتي أخليت معها أيضا.

ورغم أن “كديم” ذات مساحة بنائية أقل (80 وحدة سكنية) وعدد مستوطنين قليل يقدر ببضع عشرات، إلا أنها حوت ملاعب ومجلسا للخدمات، وتحولت في بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 -كمستوطنات كثيرة- إلى قاعدة عسكرية للجيش الإسرائيلي ومحطة لتدريباته، ولأجل هذا الغرض اقتلع الاحتلال مساحات كبيرة من الأشجار المحيطة بالمستوطنة، وقدرت مساحة الأرض المصادرة بـ2100 دونم.

مستوطنة جانيم (غنيم)

أقيمت “جانيم” التي اشتق اسمها من جنين عام 1983 على أراضي عدد من القرى الشرقية لمدينة جنين، ومنها دير أبو ضعيف وأم التوت وعابا وخربة سبعين ومنطقة عرب السويطات، فوق أراض صُنفت بأنها “خزينة دولة” على مساحة 185 دونما بشكل مباشر، ثم تم مصادرة لاحقا 1863 دونما من أراضي المواطنين في القرى المذكورة.

وأخذت “جانيم” تتوسع شيئا فشيئا في مساحتها الهيكلية لا سيما فوق أراضي قرية عابا الشرقية المتاخمة للمستوطنة، ومن ثم المحمية الطبيعية وآثار قرية أم التوت، ورغم أن سكانها لم يكونوا يتجاوزون 100 مستوطن، إلا أن أعدادهم فيها تراجعت قبيل انتفاضة الأقصى عام 2000، كما حوت المستوطنة -التي صنفت بأنها مدنية- مصنعا للمواد الكيميائية.

وتعرف كل من “جانيم” و”كديم” بأنهما من المستوطنات ذات الجماهيرية العلمانية، والتي بادر لتأسيسهما ما يعرف بتنظيم “العامل الوطني” الإسرائيلي بهدف إقامة سلسلة من المستوطنات وربطها معا.

ورغم الإخلاء، فإن الجيش الإسرائيلي واصل توغلاته وإجراء تدريبات عسكرية فيهما، ومنع وصول الفلسطينيين إليهما أو إحداث تغييرات فيهما.

عاطف دغلس- مستوطنة ترسله ويظهر مسجد بناه الاردنيون خلال تواجدهم في الموقع- الضفة الغربية- جنين- جنوب المدينة- الجزيرة نت10
مستوطنة “ترسلّه” ويظهر مسجد بناه الأردنيون خلال وجودهم في الموقع (الجزيرة)

مستوطنة ترسله أو “سانور”

على ذات الشارع الرئيس الواصل بين نابلس وجنين وبالقرب من قرى جبع والفندقومية وعجة، أقيمت مستوطنة ترسله أو “سانور” كما أطلق عليها الاحتلال لقربها من بلدة صانور المجاورة.

وترسلّه أو “ترس الله” هو اسم كنعاني قديم ويعني القوة والمنعة، وهي محمية عسكرية بناها القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي لصد الصليبيين بقيادة ريتشارد قلب الأسد حين كانوا في طريقهم للقدس عام 1187.

وشُيِّدت ترسلّه فوق تلة ذات موقع إستراتيجي يقدر بـ77 دونما من أراضي قرية الفندقومية، وأقام البريطانيون (زمن الانتداب) معسكرا لقواتهم عرف بـ”المقاطعة” ومركزا للتوقيف عليها عام 1945.

وشهد الموقع معارك بين الثوار الفلسطينيين والإنجليز بين عامي 1936 و1939، وبعد انسحاب الإنجليز أقام الجيش الأردني معسكرا له وبنى مسجدا لا تزال آثاره شامخة حتى الآن.

وخلال حرب يونيو/حزيران عام 1967 دُمَّر جزء من ترسلَّه، ثم سيطر الاحتلال عليها واستخدمها معسكرا لجيشه وتدريبه، إلى أن استقدم مستوطنين متدينين إليها عام 1978 وحولها لمستوطنة سكنية، وحوّل المسجد لكنيس يهودي.

وأخلي معظم المستوطنين في ثمانينيات القرن الماضي من ترسله وتم تحويلها لمركز فني وسياحي، لكن وبعد سنوات عاد المستوطنون وبنوا بؤرا استيطانية جديدة.

جانب من معسكر دوتان عرابة (الجزيرة)

معسكر دوتان- عرابة

بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967 سيطر الاحتلال الإسرائيلي على موقع معسكر “دوتان” عند مدخل بلدة عرابة جنوب مدينة جنين بمساحة تقدر بـ22 دونما من أراضي البلدة، بينما تمتد مناطق نفوذه الأمني إلى آلاف الدونمات، وتتوزع بين ممتلكات خاصة وأراض تتبع “خزينة الدولة الأردنية”.

و”دوتان” اسم كنعاني قديم، وفي المنطقة موقع أثري يُقال إنه يعود لنبي الله يعقوب، واستخدم قبل الاحتلال الإسرائيلي موقعا عسكريا للجيش الأردني الذي لا تزال مبانيه قائمة حتى الآن.

المصدر : الجزيرة

About Post Author