بعد انضمام فنلندا للناتو.. روسيا تتوعد وهجوم بالمسيرات على ميناء إستراتيجي بأوكرانيا
توعدت روسيا -اليوم الثلاثاء- “بإجراءات مضادة” ردا على انضمام جارتها فنلندا لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، الذي من المقرر أن يتم رسميا اليوم، في حين تحدثت أوكرانيا عن صد “سرب” من المسيرات استهدف ميناء أوديسا جنوب شرقي البلاد.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين إن “هذا تصعيد جديد للوضع. توسيع حلف شمال الأطلسي يشكل مساسا بأمننا وبمصالحنا الوطنية”.
وأضاف أن “هذا يضطرنا إلى اتخاذ إجراءات مضادة. سنتابع من كثب ما يحدث في فنلندا (…) كيف يشكل هذا الأمر تهديدا لنا. سيتم اتخاذ إجراءات على صلة بذلك. سيعرض جيشنا (تطورات) الوضع في الوقت المناسب”.
بدوره، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن انضمام فنلندا للناتو “يعزز مخاطر توسع المواجهة”، محذرا من أن “الناتو يعزز توجهاته المعادية لروسيا”.
وفي مؤشر على التلويح بتوسيع نطاق المواجهة، قال شويغو إن قوات بيلاروسيا -الجارة والحليفة الوثيقة لروسيا- تلقت منظومات “إسكندر-إم” التي يمكنها استخدام الصواريخ التقليدية والنووية.
وأشار إلى أن بعض الطائرات الهجومية البيلاروسية أصبحت قادرة على شن ضربات بمعدات تحمل أسلحة نووية.
وفي السياق ذاته، قال ألكسندر غروشكو نائب وزير الخارجية الروسي إن بلاده ستعزز أمنها العسكري على المحورين الغربي والشمالي الغربي، ردا على انضمام فنلندا إلى الناتو.
وقال غروشكو -لوكالة سبوتنيك الروسية- إنه تم الإعلان عن بعض الإجراءات التي من شأنها أن تقوي إمكانات روسيا العسكرية على هذين المحورين، في حال نشر قوات ومعدات من قبل أعضاء آخرين بالناتو في فنلندا. وأكد أن موسكو ستتخذ خطوات إضافية لضمان الأمن العسكري لروسيا بشكل موثوق.
وكانت فنلندا أعلنت بشكل رسمي أنها ستنضم اليوم الثلاثاء إلى حلف الناتو، كما أكد الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ أن فنلندا ستصبح دولة كاملة العضوية في الحلف بدءا من اليوم، وستشارك في جميع اجتماعاته، وأضاف أن هذه الخطوة ستجعل حلف الناتو أقوى.
وقال المدير العام للسياسات الدفاعية في وزارة الدفاع الفنلندية يان كوسيلا إن ما وصفه بالغزو الروسي لأوكرانيا أحدث تغييرا كبيرا على بيئة الأمن الأوروبي، وهذا ما دفع بلاده للتوجه نحو الانضمام للناتو.
وأضاف كوسيلا -في مقابلة على الجزيرة- أن الانضمام لعضوية الناتو ليس موجها ضد أحد، وأن الهدف منه هو تعزيز الأمن القومي لفنلندا.
ستولتنبرغ يحذر
في المقابل، قال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ إن فنلندا ستحصل من اليوم على الضمانات الأمنية الكاملة التي يمنحها الانتماء إلى الناتو، مؤكدا أن الحلف “سيردع أي عملية عسكرية ضد أي دولة تكون عضوا فيه”.
وأشار ستولتنبرغ إلى أن “الخطاب النووي” للرئيس الروسي فلاديمير بوتين “خطير ومتهور، وحتى الآن لم نر أي تغيير في تموضع الأسلحة النووية الروسية”، قائلا إنه “لم يهدد أوكرانيا وحدها، بل هدد كل دولة أوروبية تريد اتخاذ قرار مستقل بالانضمام للناتو”.
وبالتزامن مع ذلك، يعقد وزراء خارجية الناتو اليوم اجتماعا في بروكسل يبحثون فيه احتياجات أوكرانيا العسكرية في هذه المرحلة. وقال وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا في تغريدة على تويتر عقب لقائه مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي في بروكسل جوزيب بوريل، إنه ناقش مع المسؤول الأوروبي ضرورة الإسراع بمبادرة الاتحاد الأوروبي لشراء الذخيرة لأجل أوكرانيا.
نفي روسي
من جانبه، نفى المندوب الروسي لدى مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا الاتهامات بأن روسيا تهدد بحرب نووية، ووصف تلك المزاعم بأنها دعاية.
وقال نيبينزيا -في مؤتمر صحفي بعيد توليه الرئاسة الدورية للمجلس- إن استخدام الأسلحة النووية ليس جزءا من العقيدة العسكرية الروسية.
بدوره، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الاتحاد الأوروبي أصبح معاديا وخسر روسيا.
وبخصوص تزويد الغرب أوكرانيا بالسلاح، قال لافروف -في مقابلة صحفية مع موقع “أرغومنتي آي فاتكي” (Argumenty i Fatky)- إن روسيا ستتعامل مع أوروبا بطريقة قاسية إذا لزم الأمر، بناء على مصالحها الوطنية ووفق مبدأ المعاملة بالمثل.
من ناحية أخرى، قال لافروف إن الغرب يحاول دق إسفين بين روسيا والصين بالقول إن علاقتهما غير متكافئة وإن موسكو تعتمد على بكين، وأضاف أن المحادثات بين رئيسي البلدين دفعت “بالشراكة الإستراتيجية” بين موسكو وبكين إلى مستويات جديدة.
أسطول الشمال
وفي ما يبدو تصعيدا ميدانيا روسيا إزاء هذه التطورات، نقلت وكالة “تاس” الروسية عن مصدر مقرب من وزارة الدفاع الروسية أن فرقاطة “الأميرال غولوفكو” ستنفذ عمليات إطلاق صواريخ “كاليبر إن كا” و”أونيكس” في منطقة عمليات أسطول الشمال الروسي.
وذكر المصدر أن فرقاطة الأميرال غولوفكو وصلت إلى ميناء سيفيرومورسك بشمال روسيا، قادمة من بحر البلطيق، مضيفا أن هدف رحلتها إطلاق الصواريخ المجنحة من نوع “كاليبر إن كا” و”أونيكس” في أثناء التجارب الحكومية.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت، يوم 31 مارس/آذار الماضي، أن فرقاطة الأميرال غولوفكو وصلت إلى القاعدة الرئيسية لأسطول الشمال، للخضوع للتجارب وتنفيذ عمليات إطلاق الصواريخ التجريبية في بحر بارنتس.
هجمات في أوديسا
في غضون ذلك، تحدثت قيادة سلاح الجو الأوكراني في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء عن موجة هجمات روسية بـ17 طائرة مسيرة إيرانية الصنع من طراز “شاهد”، مؤكدة أن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت 14 منها.
وأوضحت القيادة في بيان على تليغرام “سجلنا إجمالا ما يصل إلى 17 عملية إطلاق لطائرات مسيرة، ربما من منطقة الساحل الشرقي لبحر آزوف”.
كما أورد بيان صادر عن السلطات المحلية في مدينة أوديسا أن “العدو استهدف للتو أوديسا ومنطقتها بطائرات مسيّرة هجومية”، مضيفا أن “هناك أضرارا” إلا أنه لم يحددها.
ونقل البيان عن يوري كروك رئيس الإدارة العسكرية لمنطقة أوديسا قوله إن قوات الدفاع الجوي الأوكرانية تعمل، محذرا من احتمال شن موجة أخرى من الهجمات.
وكان ميناء أوديسا على البحر الأسود وجهة مفضلة لقضاء العطلات للأوكرانيين والروس على السواء قبل بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط من العام الماضي.
معركة باخموت
وفي تطورات جبهة باخموت إلى الشمال الشرقي من البلاد، نفى البيت الأبيض أن تكون معركة السيطرة على المدينة قد حسمت لمصلحة القوات الروسية، بعدما أعلن رئيس مجموعة فاغنر رفع العلم الروسي على المبنى الإداري للمدينة.
وكذلك نفت هيئة الأركان العامة الأوكرانية سيطرة الروس على المدينة الإستراتيجية الواقعة في مقاطعة دونيتسك شرقي أوكرانيا. وقالت في صفحتها على فيسبوك إن “العدو لم يوقف هجومه على باخموت، لكن المدافعين الأوكرانيين يسيطرون بشجاعة على المدينة، وصدوا كثيرا من الهجمات”.
بدوره، قال متحدث باسم القيادة العسكرية الأوكرانية الشرقية -لوكالة رويترز- إن المكان الذي رفعت فيه القوات الروسية علمها ليس معروفا، وإنها زعمت زورا الاستيلاء على المدينة.
ومع اقتراب المعارك في باخموت من إكمال شهرها الثامن، يكثف الروس الضغط للاستيلاء على المدينة سعيا لتحقيق أول انتصار منذ أشهر، في حين يتشبث الأوكرانيون بها، لأن سقوطها يفتح الطريق أمام القوات الروسية للتقدم نحو مدن رئيسية في دونيتسك على غرار كراماتورسك وسلوفيانسك.