بعد صفقة رونالدو.. طفرة متوقعة في الكرة السعودية ومكاسب اقتصادية عديدة
شكلت صفقة انتقال النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى صفوف نادي النصر السعودي لحظة تاريخية لكرة القدم في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، بعدما أصبحت السعودية أول دولة خارج القارة الأوروبية تنجح في ضم والاستفادة من خدمات النجم العالمي الفائز بالكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم 5 مرات.
وقبل أيام، فجر فريق النصر الملقب بـ “العالمي” مفاجأة من العيار الثقيل، بإعلان صفقة رونالدو (37 عاما) بشكل رسمي بعقد مدته 2.5 عام، وأشارت تقارير صحفية غير مؤكدة إلى أن رونالدو سيصبح سفيرا لملف الرياض لاستضافة كأس العالم 2030 بسبب بند في عقده مع النصر.
ورغم تكتم إدارة النادي السعودي على التفاصيل المادية للصفقة التي وصفت بالتاريخية، إلا أن وسائل الإعلام العالمية أكدت أن تكاليفها تقدر بنحو 200 مليون يورو، بالإضافة لحقوق تجارية أخرى تجعل راتب النجم البرتغالي الأعلى في تاريخ كرة القدم.
وتضمن صفقة رونالدو مكاسب عدة للنادي والمملكة نظرا للإمكانات الرياضية والاقتصادية التي يتمتع بها النجم البرتغالي فضلا عن أن النصر سيكون محل اهتمام كل وسائل الإعلام في العالم من أجل متابعة أداء “الدون” في أول تجربة له في دوري بعيدا عن ملاعب أوروبا.
ومن أجل ذلك، تعمل إدارة التسويق والاستثمار لدى النصر على الاستفادة الاستثمارية والاقتصادية من عدد متابعي اللاعب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتجاوز عددهم على “تويتر” 100 مليون، بالإضافة إلى أكثر من 500 مليون متابع في إنستغرام، وأكثر من 200 مليون على فيسبوك.
ارتفاع القيمة السوقية
وبحسب تقارير صحفية غربية فإن معدل أرباح رونالدو على كل منشور عبر “إنستغرام” يبلغ 1.7 مليون جنيه إسترليني (نحو مليوني دولار) فضلا عن 5 ملايين متابع على قناته بمنصة “يوتيوب” إضافة إلى أنه يعد اللاعب رقم واحد داخل السعودية والخليج والعرب لدى الصغار والشباب.
وإلى جانب ذلك، ابتعد رونالدو بصدارة الرياضيين الأكثر متابعة على موقع التواصل “تويتر” بعدما بلغ عدد متابعيه 100 مليون، وبات واحدا من بين 5 أشخاص فقط في العالم وصلوا إلى هذا العدد من المتابعين والأول بين نجوم الكرة والرياضيين بشكل عام.
وفي أعقاب توقيع صفقة انتقال “الدون” وكانعكاس اقتصادي فوري، ارتفعت القيمة السوقية لنادي النصر بنسبة 34%، حيث وصلت إلى 79.10 مليون يورو، وبفارق يصل إلى 30 مليونا عن أقرب منافسيه ليتربع على عرش الأندية السعودية الأعلى قيمة سوقية، وذلك حسب موقع “ترانسفير ماركت” الشهير والمختص في قيمة وأسعار اللاعبين والأندية.
وعن الفوائد والمكاسب سواء الرياضية والاقتصادية التي ستعود على الدوري السعودي بعد انضمامه رسميا إلى النصر، ويقول الاقتصادي ورجل الأعمال حسين شبكشي إن رونالدو ليس أولى الصفقات المثيرة التي عرفتها الملاعب السعودية، ولكن سبقه العديد من الأسماء المهمة واللامعة، ولكن من المؤكد أن صفقة رونالدو الأكبر والأهم والأكثر تأثيرا مشددا على أن رونالدو ليس لاعبا فقط ولكنه منتج تجاري مؤثر تتحدث عنه الأرقام.
سفير رياضي وسياحي
ويوضح رجل الأعمال السعودي أن رونالدو له قاعدة شعبية هائلة تنتقل معه كلما انتقل إلى ناد جديد في مسيرته، وهو الذي انعكس بالنتائج المالية الإيجابية على إمبراطورية تجارية هائلة تحكمه ما بين عقود رعاية لأهم شركة ملابس رياضية ومستحضرات عناية بالشعر وعلامته التجارية الخاصة به والتي تشمل العطور والفنادق على سبيل المثال.
ويضيف شبكشي أنه لا يخفى على أحد الخطط السعودية الطموحة التي تخص قطاعي دوري كرة القدم والسياحة، وبوجود نجم عالمي بحجم رونالدو في المملكة لمدة عامين سيتحول رونالدو من لاعب كرة قدم محترف في ناد سعودي إلى سفير للترويج الرياضي والسياحي بشكل غير مباشر ولكن شديد التأثير، وهنا يكمن التحدي في ضرورة الاستغلال الأمثل لهذه الفرصة الذهبية الاستثنائية، مؤكدا أن “التسويق فن استغلال كل فرصة ورونالدو فرصة صعب تكرارها”.
ويتفق مع الرأي السابق، الخبير السعودي في التسويق والاستثمار الرياضي الدكتور حافظ المدلج، حيث يؤكد أن القيمة المادية لصفقة انضمام رونالدو، إلى نادي النصر، يمكن إعادتها عبر قنوات تسويقية وأذرع استثمارية متعددة.
ويضيف المدلج -في تصريح تلفزيوني- أن القيمة المالية التي دفعت نظير انتقال “الدون” إلى النصر كبيرة للغاية وتصل إلى نحو 500 مليون يورو أي بما يعادل ملياري ريال سعودي، ويمكن استعادتها من خلال قنوات تسويقية وأذرع استثمارية متعددة.
تصورات إيجابية
ولفت المدلج إلى أنه بعد انتقال رونالدو للعب في الدوري السعودي، أصبحت المملكة محط أنظار العالم كله مؤكدا ضرورة التعامل بحرص مع نجم بهذا الحجم وعدم ممارسة أي نوع من الضغوط عليه التي قد تؤدي إلى نتائج سلبية وغير محسوبة العواقب.
أما عضو مجلس إدارة النادي الأهلي السعودي ومسؤول الاستثمار السابق عبد الله عجاج، فيرى أن احتراف رونالدو في الدوري السعودي ساهم في وضع المملكة على الخريطة الرياضية العالمية، حيث يتجه كل محبي وعشاق “الدون” حول العالم لمتابعة نجمهم المفضل حتى لو كان في دوري خارج القارة الأوروبية وبعيدا عن الدوريات الخمسة الأوروبية الكبرى.
وأشار إلى أن هذه الصفقة ستسهم في التعريف بالسعودية وأنديتها من خلال رفع نسبة المشاهدات والمتابعات لبطولة الدوري بالمملكة، بعد انضمام أفضل لاعب في العالم 5 مرات وأكثر اللاعبين الدوليين تسديدا للأهداف.
ويؤكد عجاج -في حديث للجزيرة نت- أن صفقة رونالدو تساعد في رفع نسبة المشاهدة لجميع البطولات السعودية المحلية وليس فقط دوري “روشن” للمحترفين، كما أن احتراف رونالدو سيفتح أبوابا كبيرة لوصول الكثير من اللاعبين الكبار في العالم للعب في الدوري السعودي ويسهل عملية التفاوض معهم، كاشفا أن هناك مفاوضات مع عدد من النجوم العالميين للانتقال للعب في الدوري حيث إن هناك خططا ليصبح الدوري السعودي من بين أفضل 10 أو 15 دوريات في العالم خلال السنوات القادمة.
وأكد أن رونالدو ليس مجرد لاعب يشارك في منافسات الدوري السعودي، وإنما بمثابة سفير عالمي للمملكة لتعزيز أهداف تسويقية مختلفة من بينها استقطاب 100 مليون زائر بحلول عام 2030.
من جهته يقول الناقد الرياضي السعودي ماجد الفهمي إن لصفقة انتقال رونالدو أبعادا عديدة ومنها البعد الرياضي، حيث يشير إلى أنه على الرغم من احتراف العديد من النجوم العالميين في الأندية السعودية إلا أنها الصفقة الأقوى في تاريخ الرياضة السعودية والعربية والآسيوية والأفريقية، مؤكدا أن بعدها الرياضي هو تسليط الضوء بشكل أكبر على كرة القدم السعودية.
وخلافا للبعد الرياضي، يرى الناقد الرياضي السعودي -في حديث للجزيرة نت- أنه في ظل حرص المملكة على إحياء أماكنها التاريخية والتراثية وتنشيط السياحة بأنواعها المختلفة بشكل أكبر وتقديمها للجانب الترفيهي بشكل غير مسبوق، فإنها بحاجة إلى دعم إعلاني لتسليط الضوء على السياحة السعودية وانفتاحها بشكل متألق أمام جميع أنظار العالم معتبرا أن قيام رونالدو بزيارة هذه المعالم السعودية يسهم في تعريف دول العالم بالثقافة والتاريخ السعودي والعربي.
ويضيف الفهمي أن الإعلام الغربي اعتاد اصطناع صورة نمطية غير صحيحة عن العرب والمسلمين عموما، لكن بطولة كأس العالم في قطر أثبتت عدم صحة الأكاذيب الغربية تجاه المنطقة العربية وشعوبها، مؤكدا أن السعودية ومن خلال دورها الريادي قادرة على لفت أنظار العالم بمدى تحضر دول وشعوب المنطقة العربية من خلال لاعب يعتبر الأكثر متابعة في العالم بواقع أكثر من مليار شخص عبر منصات التواصل الخاصة به.
وشدد على أن صفقة “الدون” لن تكون الأخيرة بل ستتبعها صفقات أخرى مع نجوم عالميين، معتبرا أن هذا التحول الاحترافي سيتبعه الكثير حيث سيتحرر العديد من اللاعبين (السوبر) في الدوريات الكبرى من فكرة عدم الذهاب للشرق الأوسط وستكون هناك نقلة نوعية تتعلق بمثل هذه الصفقات.