تشبه أفلام بيكسار وديزني الرهانات المضمونة دوما، فمع كل فيلم جديد تتوقع الشركة المنتجة أن تحصد ثمار تعبها في إنتاجه حتى لو كان فيلما متوسط المستوى لا يبقى في ذاكرة المشاهدين لأجيال، لكن بصورة وقتية يحقق الإيرادات وعلى الأغلب يترشح للأوسكار.

في عام 2022 أتى الفيلم الذي خالف هذه التوقعات، وهو فيلم “السنة الضوئية” (Lightyear) المشتق من عالم أفلام “قصة لعبة” (Toy Story)، فقد كانت توقعات الفيلم لنهاية الأسبوع الأولى هي من 70 إلى 85 مليون دولار، لكن مع تحقيق الفيلم 20 مليون دولار فقط في أول يوم بدأت هذه التوقعات في الانخفاض، ليعتبر هذا الفيلم ثاني أسوأ افتتاحية من حيث الإيرادات لبيكسار بعد فيلم “فصاعدا” (Onward) الذي عرض في 6 مارس/آذار 2020 قبل الحجر الصحي والإغلاق العالمي بأيام قليلة فقط.

 

مقاطعة المشاهدين العرب

في 13 يونيو/حزيران الحالي وقبل عرض فيلم “السنة الضوئية” بـ3 أيام فقط لم يحصل على الترخيص للعرض العام في العديد من الدول العربية لانتهاكه معايير محتوى وسائل الإعلام في هذه الدول، وذلك لاحتوائه على “قبلة مثلية”، وهو المشهد الذي اقتطع من قبل من النسخة الأولى من الفيلم، قبل إثارة الكثير من الضجة بين موظفي بيكسار الذين طالبوا بتقليص الرقابة على المثلية، وبالتالي تمت إضافته في النسخة النهائية، ليصبح الفيلم هو الأحدث بين أفلام ديزني التي تواجه رقابة في دول الخليج بسبب المثلية غير القانونية رسميا في هذه البلاد.

وبالطبع كان لهذا تأثير على إيرادات الفيلم العالمية باقتطاع جزء كبير من السوق العالمية وإخراجها من معادلة الإيرادات، الأمر الذي لو تكرر مرات أخرى قادمة قد يؤدي إلى إعادة النظر في سياسات ديزني المستحدثة حول مشاركة المثليين في أعمالها.

كما أثرت هذه القبلة تأثيرا مماثلا بردود أفعال مشابهة في بعض الولايات المتحفظة بالولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال وضع النائب الأميركي جيم جوردان (جمهوري من ولاية أوهايو) -وهو عضو الأقلية في اللجنة القضائية بمجلس النواب ولديه 2.8 مليون متابع على موقع تويتر- في 21 يونيو/حزيران الماضي تغريدة تربط بين اتجاه ديزني لتمثيل الأقليات وإفلاسها، وقال حساب للجنة القضائية التابعة للحزب الجمهوري -الذي يضم أكثر من 223 ألف متابع- عبر تغريدة “أعيدوا قصة لعبة رائعة مرة أخرى”.

 

سبب إضافي

وهناك سبب إضافي أثر على إيرادات فيلم “السنة الضوئية” ويتعلق بوجود منصة “ديزني بلس” في الوقت الحالي، وهذا يعني بالنسبة للكثير من الآباء والأمهات أنه يمكنهم الانتظار حتى عرضه على المنصة ثم مشاهدته بالكامل والتأكد من أنه يتلاءم مع قيمهم الأسرية قبل عرضه على أطفالهم.

بالإضافة إلى أن عرض بعض أفلام ديزني وبيكسار الأخير مثل “الباندا الأحمر الكبير” (Turning Red) و”لوكا” (Luca) و”روح” (Soul) مباشرة على منصة “ديزني بلس” قد جعل الكثير من المشاهدين يفضلون انتظار الأعمال الأخرى بعد أسابيع قليلة على المنصة بدل الذهاب إلى دور العرض.

خيارات فنية خاطئة

حقق فيلم “السنة الضوئية” معدلا حتى الآن بلغ 76% على موقع “الطماطم الفاسدة” (Rotten Tomatoes) للنقاد، في مقابل نسبة 96% للجزء الرابع من “قصة لعبة”، مما يظهر إحباط النقاد من العمل، الأمر الذي يعتبر واحدا من أهم أسباب تراجع إيرادات الفيلم.

فقد كان هناك إجماع عام حول ارتباك الربط بين هذا الفيلم وبين سلسلة “قصة لعبة”، خاصة مع تغيير صوت مؤدي الشخصية التي اعتاد عليه الجميع من الممثل تيم آلين إلى كريس إيفانز.

وتم إنتاج فيلم “السنة الضوئية” بشكل أساسي كتلاعب جديد على نغمة الحنين للماضي، ولأفلام “قصة لعبة” التي شكلت الكثير من أطفال وشباب الأجيال السابقة، لكن كانت هناك خيارات فنية خاطئة بهذا الصدد، مثل تركيز القصة على ماضي شخصية “السنة الضوئية” التي لم تحظ أبدا بشعبية مشابهة لتلك الخاصة بشخصية “وودي” راعي البقر بطل الأفلام، وتغيير صوت الشخصية.

منافسة شديدة في موسم صيفي ساخن

عُرض فيلم “السنة الضوئية” في موسم الصيف الساخن للغاية ضمن الأفلام المخصصة للعائلة، خاصة في منافسته المباشرة مع فيلم “عالم الديناصورات” (Jurassic World)، فالأطفال يحبون الديناصورات كذلك، وتعتبر هذه السلسلة عائلية بامتياز وتستهدف نفس جمهور أفلام الرسوم المتحركة.

وبعد “السنة الضوئية” صدر الجزء الثاني من أفلام “المينيونز” بعنوان “التوابع: صعود غرو” (Minions: The Rise of Gru)، وهو خيار آخر مناسب لشباك التذاكر العائلي، والذي يعد تعافيه بالكامل مفتاحا لنجاح نظام الأستوديوهات الهوليودي القديم، خاصة بعدما أعلنت باراماونت أن فيلم “سونيك 2” (Sonic 2) تجاوزت إيراداته 400 مليون دولار عالميا، ليصبح ثاني فيلم عائلي منذ جائحة كوفيد-19 يحقق هذا الإنجاز بعد “سينغ 2” (Sing 2).

وبالطبع في عالم ما قبل الوباء كانت الأرقام أعلى بكثير، فعلى سبيل المثال في 2019 استطاعت 4 أفلام عائلية تحقيق مليار دولار لكل منها.

كما أن فيلم “السنة الضوئية” لا يستهدف الأطفال فقط، بل الكثير من البالغين الذين ارتبطوا بالسلسلة القديمة، لكنه ينافس أيضا “الحصان الأسود” لعام 2022 و”توب غان مافريك” (Top Gun Maverick) الذي حقق أكثر من 1.1 مليار دولار في جميع أنحاء العالم، وأصبح الفيلم الأكثر ربحا لعام 2022، وأيضا الفيلم الثاني الذي تم إصداره بعد جائحة كوفيد-19 وحقق مليار دولار، والأول هو “سبايدرمان.. لا عودة للوطن” (Spider-Man: No Way Home)- والفيلم الأعلى إيرادا في مسيرة توم كروز بالكامل.

تعددت الأسباب والإخفاق واحد، ففيلم “السنة الضوئية” يبدو أنه عمل لم يكتب له النجاح بالكثير من الخيارات الفنية الخاطئة والمنافسة الشديدة التي تجعل هذا الموسم هو الأهم في فترة ما بعد الوباء.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *