عندما اندلعت الحرب في أوكرانيا، هرع آلاف المتطوعين من بلدان غربية عديدة من بينها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا للمشاركة في صد الغزو الروسي ووضع خبرتهم العسكرية تحت تصرف الأوكرانيين.
الآن، وبعد عام من المعارك المحتدمة، تشير بعض التقارير إلى أن العديد من مجموعات المتطوعين الأجانب منشغلة في صراعات داخلية فيما بينها، تعيق مشاركتها في القتال.
وقد كشف تقرير مطول نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) عن اختلالات عديدة في صفوف المتطوعين الأميركيين في أوكرانيا، يتعلق بعضها بادعاء خبرة عسكرية لا وجود لها وهدر الموارد ومحاولة التربح من الحرب.
وقالت الصحيفة إن من بين المتطوعين الذين يقاتلون في الجبهات الأمامية بأوكرانيا ويستطيعون الوصول إلى الأسلحة الأميركية المتطورة هناك أشخاصا لا يمكن السماح لهم بالاقتراب من ساحة أي معركة في الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة.
وذكرت “نيويورك تايمز” أنها استعرضت وثائق تزيد على 100 صفحة من داخل مجموعات المتطوعين، كما تحدثت إلى أكثر من 30 شخصا بين مقاتلين متطوعين وجامعي تبرعات ومانحين ومسؤولين أميركيين وأوكرانيين، لمناقشة المعلومات الحساسة التي وردت في تلك الوثائق، مشيرة إلى أن بعضهم كشف عن اسمه بينما فضل بعضهم الحديث إلى الصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته.
ومن بين المقاتلين الأميركيين في أوكرانيا -وفق تقرير الصحيفة- عقيد متقاعد من مشاة البحرية الأميركية من ولاية فرجينيا يخضع لتحقيق فدرالي أميركي لاحتمال تورطه في تصدير تكنولوجيا عسكرية على نحو غير قانوني. ومن بينهم أيضا جندي سابق في الجيش الأميركي وصل إلى أوكرانيا للقتال لكنه خان رفاقه وهرب إلى روسيا.
أميركي آخر من ولاية كونيتيكت كذب بشأن خدمته العسكرية في الجيش الأميركي، ينشر بثا حيا من إحدى ساحات المعارك في أوكرانيا، يبين موقعه بالضبط، يفتخر فيه بسهولة حصوله على الأسلحة الأميركية.
بينما يعكف متطوع أميركي آخر، كان عامل بناء في السابق، على وضع خطة لاستخدام جوازات سفر مزورة لتهريب مقاتلين من باكستان وإيران للمشاركة في الحرب في أوكرانيا.
وأشار تقرير “نيويورك تايمز” إلى أن مقاتلا متطوعا من ولاية أوهايو، ادّعى زورًا أنه كان جنديا في مشاة البحرية الأميركية، متورط في صراع على القيادة في إحدى أكبر مجموعات المتطوعين بأوكرانيا.
وقالت الصحيفة إن مثل هذه الشخصيات وجدت مكانا لها في جبهات القتال للدفاع عن أوكرانيا بسبب الدور الذي حددته الولايات المتحدة لنفسها في الحرب، حيث تلتزم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بإرسال السلاح والمال، لكنها لا ترسل قوات محترفة للمشاركة في الحرب الأوكرانية.
وذلك أتاح للبعض ممن لا يمكن السماح لهم بالمشاركة في حرب تخوضها أميركا بتصدر جبهات القتال في أوكرانيا، ووضعت تحت تصرفهم أسلحة ومعدات عسكرية عديدة دون قيد أو شرط.
وأبرزت “نيويورك تايمز” أن البحث والمقابلات التي أجرتها كشفت عن سلسلة من أعمال الخداع والأخطاء والخلافات بين المقاتلين المتطوعين في أوكرانيا أدت إلى إعاقة حملة التطوع التي بدأت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في نهاية فبراير/شباط 2022، عندما أطلق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نداء يطلب فيه من كل أصدقاء أوكرانيا الذين يرغبون في الانضمام للقتال دفاعا عنها أن يأتوا إلى البلاد، مؤكدا أن أوكرانيا ستمنحهم أسلحة للقيام بذلك.
وتطرق التقرير إلى الظروف التي شكل فيها فيلق المقاتلين الدوليين في أوكرانيا، ونقل عن مسؤول في الفيلق الدولي، الذي شكلته الحكومة الأوكرانية على عجل، أنه في بداية الحرب كان يمضي نحو 10 دقائق أو أقل في التحقق من خلفية كل متطوع للقتال.
ورغم أن المسؤولين الأوكرانيين أشاروا في بداية الحرب إلى وجود نحو 20 ألف متطوع في الفيلق الدولي فإن من تم تجنيدهم بالفعل أقل من هذا العدد بكثير، وفق “نيويورك تايمز” التي نقلت عن شخصيات مطلعة قولها إن عدد أفراد الفيلق الدولي حاليا يقدر بنحو 1500 متطوع.