ذكر مقال في صحيفة “تايمز” (The Times) البريطانية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قادر على إلحاق ضرر كبير بالاقتصاد الغربي وتشكيل خطر وجودي لحلف الناتو، مشيرا إلى أن الكابلات البحرية الحيوية للنظام المصرفي العالمي تُعدّ هدفا رئيسا لنظام بوتين المحبَط.
ويوضح المقال أنه مع استمرار الحرب في أوكرانيا، تتجه عقول صانعي القرار الروس المحبطين الذين يعانون من ضائقة مالية إلى احتمال تنفيذ حدث جهنمي يغير بضربة واحدة شروط الصراع، ويبدو أن بوتين يلمح إلى أن هذا قد يكون انفجارا نوويا يجذب الانتباه.
ويضيف أن بوتين، على الرغم من أنه في سن خطرة (بلغ الـ70 هذا الأسبوع)، فإنه لا يزال فاعلا وعقلانيا، والانفجار الكبير لا يقدم حلا لأي من معضلاته الإستراتيجية، مشيرا إلى أن بوتين إذا أراد أن يشكل تحديا وجوديا لحلف الناتو، أو إصابته بالشلل وجعله يبدو غير فعال للمرشحين المحتملين لعضويته مثل أوكرانيا، فهناك نقاط ضعف أخرى يمكن استغلالها، مثل الحرب الاقتصادية تحت الماء.
وقد تكون الخطوة التالية لروسيا هي ضرب خط أنابيب نشط، مثل ذلك الذي يقع بين النرويج وأوروبا الغربية.
لكن الأمر الأكثر أهمية، حسب المقال، هو التخريب الروسي لكابلات الألياف الضوئية المغمورة التي تربط الولايات المتحدة وأوروبا الغربية عبر بريطانيا.
ويوضح أن هناك أكثر من مليون كيلومتر من الكابلات تحت الماء، تحمل 95% من الاتصالات العالمية، وتعالج تريليونات من المعاملات المالية يوميا. ورغم أن الحوسبة السحابية زادت من حجم البيانات وحساسيتها، فهناك تهاون مذهل بشأن تأمين الكابلات.
ومضى يقول إن معظم الكابلات مملوك للقطاع الخاص من قبل شركات مثل غوغل ومايكروسوفت وهواوي، وتدخل البيانات إلى البحر عند السواحل البعيدة، ويتم نسخها احتياطيا وتخزينها في حظائر. والنقاط مثل جبل طارق، ومالطا (حيث تصل قنوات اتصالات الاتحاد الأوروبي من آسيا إلى اليابسة بعد مرورها عبر قناة السويس)، وفورتاليزا في شمال البرازيل (محور كابل يربط أميركا الشمالية بالجنوبية)، وول تاونشيب (بلدة صغيرة في نيوجيرسي حيث توجد 5 كابلات ربط رئيسة) ومضيق ملقا والبحر الأحمر، جميعها أماكن مثيرة لاهتمام الجواسيس الروس مثل برلين وفيينا في السابق.
ولروسيا قسم لمراقبة الكابلات، وإدارة رئيسية لبحوث ما تحت الماء، ولديها سفن محملة بطائرات من دون طيار تحت الماء تتدفق في البحر الأيرلندي. فإذا كان الطموح السياسي لبوتين هو تقسيم التحالف الغربي، فمن المحتمل أن يكون ذلك أفضل من خلال القدرة على قطع روابط الإنترنت عبر المحيط الأطلسي. نعم، يمكن إصلاح الكابلات المكسورة، ويمكن إعادة توجيه الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، لكن الكابلات البحرية هي عروق النظام الرأسمالي وشرايينه، ومن المغري بالفعل أن يختارها بوتين لتصعيد اضطرابه العالمي.
واختُتم المقال بعبارة “دعونا لا ننسى، وسط كل وسخ دونباس وطينها، أن الحرب في البحر”.