أعلن الاتحاد الدولي للرياضيات (The International Mathematical Union) في 5 يوليو/تموز الجاري أسماء 4 فائزين “بميدالية فيلدز” (Fields Medal) العالمية في الرياضيات لعام 2022.
وتعتبر هذه الجائزة أعلى تكريم في مجال الرياضيات، إذ تعادل جائزة نوبل التي تمنح في مجالات أخرى من العلوم عدا الرياضيات.
تقدير عالمي في مجال الرياضيات
وتمنح “جائزة فيلدز” منذ عام 1936 مرة كل 4 أعوام لعلماء الرياضيات ممن هم دون الــ40 عاما الذين أسهموا بإنجازات رياضية واعدة في المجال. وقد أسس عالم الرياضيات الكندي جون تشارلز فيلدز هذه الجائزة.
وفاز بجائزة فيلدز هذا العام كل من:
- هوغو دومينيل-كوبين: اختصاصي الفيزياء الإحصائية في معهد الدراسات العلمية المتقدمة في باريس بفرنسا.
- جون هوه: المتخصص في فرع التوافقيات الرياضية بجامعة برينستون في نيوجيرسي بالولايات المتحدة.
- جيمس ماينارد: مُنظِّر الأرقام في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة.
- مارينا فيازوفسكا: مُنظِّرة الأرقام في مدرسة لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية بسويسرا.
ويأتي اختيار أسماء الفائزين بعد اجتماع علماء الرياضيات ومداولاتهم الأعمال الرياضية التي تستحق التكريم. ويمنح الفائز بالجائزة ميدالية ذهبية وجائزة نقدية قدرها 15 ألف دولار كندي.
وبحسب التقرير الذي نشرته دورية “نيتشر” (Nature) تعقيبا على الجائزة، تقول برينا كرا عالمة الرياضيات في جامعة “نورث ويسترن” (Northwestern University) في إيلينوي والرئيس المنتخب للجمعية الأميركية للرياضيات إن “جميع الفائزين يستحقون التكريم عن جدارة واستحقاق، إذ يدللون على حيوية البحوث الرياضية في جميع أرجاء العالم”.
النساء في مضمار الرياضيات
تعتبر فيازوفسكا -الأوكرانية- ثاني امرأة تفوز بهذه الجائزة على الإطلاق منذ تأسيسها، إذ فازت بها من قبل الإيرانية مريم ميرزاخاني، من جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة عام 2014. وقد تُوفيت ميرزاخاني عام 2017.
وتُكَرَّم فيازوفسكا هذا العام لعملها على حل معضلة “حَزْمِ الكُرَات” (Sphere packing problem) والتي تُعْنَى بإيجاد ترتيب للكرات -التي يمكن أن تشغل حيز حجم هو الأكبر- في 8 أبعاد.
ففي الأبعاد المكانية الثلاثة -الطول والعرض والارتفاع أو العمق- تكون الطريقة الأكثر فاعلية لرص الكرات وحزمها هو الترتيب الهرمي، بالطبع كما يفعل بائع الفاكهة عندما يحزم برتقاله في شكل هرمي. غير أن إثبات صحة هذا الأمر رياضيا كان صعبا للغاية، إذ تطلب جهدا دؤوبا في تسعينيات القرن الماضي.
لكن عندما تكون هذه الأبعاد 4 أو تزيد، فإننا “لا نعرف سوى القليل” عن الكيفية التي يستوجب بها حزم هذه الكرات في تلك الأبعاد، وذلك حسبما صرح به هنري كوهن عالم الرياضيات في “معهد ماساشوستس للتكنولوجيا” (Massachusetts Institute of Technology).
وعقب الإعلان عن الجائزة، ذكر كوهن أن تلك “فجوة مروعة في معرفتنا، والتي تكاد أن تكون محرجة للإنسانية بأكملها”.
وقدمت فيازوفسكا تقنيات جديدة لسبر هذه المعضلة مُستَلهَمَة من نظرية الأعداد ونظرية التماثل في الأبعاد الثمانية. ويضيف كوهن “على الرغم من قصر فهمنا للأبعاد الأخرى، فإنه من المعجز حقا أن تحل فيازوفسكا هذه المعضلة بهذه الدقة”.
ويذكر بيتر سارناك، الباحث في نظريات الأعداد في معهد الدراسات المتقدمة (Institute for Advanced Study) في برينستون أن “فيازوفسكا قد ابتكرت أدوات جديدة وغير متوقعة مكّنتها من القفز على الحواجز الطبيعية التي أعاقتنا لسنوات”.
السياسة تعصف بخطط العلم
الجدير بالذكر أن الإعلان عن “جائزة فيلدز” إضافة إلى الجوائز الأخرى التي يمنحها الاتحاد الدولي للرياضيات يكون في افتتاح المؤتمر الدولي للرياضيات (International Congress of Mathematicians) الذي يعقد كل 4 سنوات.
وقد كان مقررا للنسخة الحالية من المؤتمر أن تعقد هذا العام في 6 يوليو/تموز في سان بطرسبورغ في روسيا. بيد أنه تم إلغاء هذه الخطة جراء اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي. وبدلا من ذلك، نُقِل حفل الإعلان عن الجوائز إلى هلسنكي، عاصمة فنلندا. وسيعقد المؤتمر كحدث افتراضي هذا العام.
وكتب 4 من الأعضاء المُنظِّمين -في وقت سابق عن إعلان الجائزة وتحديدا في 27 فبراير/شباط الماضي- في بيان إقليمي للجنة المنظمة يذكرون فيه “إننا ندين الجنون والظلم والحرب التي لا رجعة فيها والتي تهدد الوجود البشري”.
يذكر أن اللجنة التي تختار الفائزين بجائزة فيلدز -والتي تبقى هوية أعضائها سرية حتى بعد الاختيار- قد حسمت قرارها بشأن الجائزة قبل الحرب الروسية على أوكرانيا.
ويمنح الاتحاد الدولي للرياضيات جوائز أخرى عديدة مثل جائزة ليديزنسكايا في الفيزياء الرياضية (Ladyzhenskaya Prize in Mathematical Physics).
وتعتبر هذه الجائزة أول جائزة تخصصية يتم تسميتها نسبة لاسم امرأة، وذلك تكريما لعالمة الرياضيات الروسية الراحلة أولغا ليديزنسكايا (1922-2004)؛ التي لم تفز “بجائزة فيلدز” رغم ترشحها للجائزة عام 1958. وأعلن الاتحاد في 2 يوليو/تموز الجاري عن فوز سفيتلانا جيتوميرسكايا-أوكرانية المَولِد أيضا- بتلك الجائزة.
About Post Author
