تشمل ورشات علمية ومحاضرات ومخيمات تدريبية.. فعاليات علمية مكثفة في تونس هذا الصيف
تشهد تونس هذا الصيف حركة كبيرة في الأنشطة العلمية الموجهة للجمهور الواسع تشمل مخيمات علمية وورشات تدريبية ومحاضرات في مجالات مختلفة كعلوم الفلك والأحياء والرياضيات والروبوتيك. وستنظم هذه الأنشطة مراكز علمية مختصة في نشر العلوم مثل مدينة العلوم بتونس وقصر العلوم بالمنستير وعدد من الجمعيات العلمية المعروفة.
وفي السنوات الأخيرة ازداد اهتمام التونسيين وخاصة الشباب، بمتابعة الفعاليات والمخيمات العلمية الصيفية الموجهة للعموم التي أصبح بعضها يستقطب الآلاف خلال يوم واحد. لذلك وضعت عدد من المؤسسات والمنظمات الناشطة في مجال نشر العلوم برامج متنوعة خاصة بموسم الإجازات.
مدينة العلوم بتونس العاصمة
أعدت مدينة العلوم -وهي أكبر مؤسسات نشر الثقافة العلمية في تونس- برنامجا ثريا من الفعاليات العلمية والورشات التدريبية الصيفية لفائدة الجمهور الواسع. وتنطلق هذه الفعاليات بداية من 22 يونيو/حزيران الجاري، بسلسلة من 16 مدرسة صيفية تنظمها المدينة للعموم تمتد حتى نهاية يوليو/تموز القادم.
وهذه المدارس “عبارة عن سلسلة من الدورات التكوينية تدوم كل واحدة منها 3 أيام وتشمل مجالات علمية وتقنية مختلفة مثل علم الفلك وعلوم الفضاء، والحمض النووي، والرياضيات والروبوتيك وعلوم الحياة”؛ وفق حسان الطاهري المكلف بالإعلام في مدينة العلوم في تصريح للجزيرة نت.
ومن المتوقع أن يشارك في هذه المدارس الصيفية -التي ستنظم في مقر المدينة بالعاصمة وفرعها في مدينة تطاوين جنوب تونس- ما يزيد على 300 شاب وشابة.
بالتوازي مع ذلك، تنظم المدينة بمناسبة اختتام السنة الدراسية والجامعية فعالية علمية مساء 24 يونيو/حزيران الجاري، تتضمن محاضرات في علم الفلك ورصد لكوكبات فصل الصيف، إضافة إلى ورشات علمية وعروض فنية وابداعية للطلبة. ومن المتوقع أن يحضر هذه الفعاليات أكثر من 4500 شخص، وفقا للطاهري.
كما سيكون جمهور مدينة العلوم مساء الخامس من أغسطس/آب القادم على موعد مع ليلة النجوم، وهي فعالية علمية لقيت إقبالا كبيرا من الجمهور خلال السنوات الفارطة قبل جائحة الكورونا، إذ قدر عدد الحاضرين في التظاهرة العلمية التي نظمت صيف 2019 بحوالي 8500 شخصا. ومن المنتظر أن تستقطب التظاهرة التي ستنظمها المدينة بالتعاون مع الجمعية التونسية لعلوم الفلك وشركاء آخرين عددا مماثلا هذا العام، كما يقول الطاهري.
وتتنوع الأنشطة في هذه التظاهرة لتشمل الورشات العلمية والرصد الفلكي والمحاضرات العلمية التي سيؤمن بعضها خبراء في مجال علم الفلك والفضاء، على غرار الدكتور محمد عبيد من وكالة ناسا، وسلمى البركاوي من “المركز الفرنسي للدراسات الفضائية” (CNES).
وتتواصل خلال الصيف سلسلة الورشات العلمية التي تنظمها المدينة لفائدة الشباب المدرسي في كل الفضاءات العلمية، إضافة إلى احتضان التظاهرات العلمية والثقافية التي تنظمها منظمات وهيئات أخرى داخل فضاءات المدينة.
قصر العلوم في المنستير
أصبح قصر العلوم في المنستير خلال السنوات الأخيرة من أهم مراكز نشر الثقافة العلمية في تونس. وعمل منذ تأسيسه عام 2011 على “نشر الثقافة العلمية في المجتمع والإحاطة بالأطفال والشباب لتشجيعهم على اقتحام مجالات العلوم”، كما يقول الدكتور صالح نصر المدير العام لقصر العلوم للجزيرة نت.
وكان قصر العلوم قد احتضن نهاية مايو/أيار الماضي المؤتمر العربي حول تحديات التعليم وآفاق الإصلاح الذي ركز على أهمية دور المراكز العلمية في عملية الإصلاح للرفع من مردود العملية التربوية. لا سيما أن “هذه المراكز العلمية بفضاءاتها المنفتحة وتجهيزاتها المتطورة تجمع بين المتعة والإفادة وتتيح للناشئ اكتشاف الظواهر بنفسه بمساعدة مؤطرين” كما يقول الدكتور نصر.
وفي إطار تعزيز دوره في تحفيز النشء على اقتحام مجالات العلوم ينظم قصر العلوم خلال الفترة الممتدة بين 15 و27 يونيو/حزيران الجاري ورشة تدريبية ينشطها خبير أميركي لفائدة الطلبة والباحثين والمؤطرين العلميين والأستاذة الجامعيين ومدرسي التعليم الثانوي حول مقاربة جديدة في تعلم “العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات” (STEM)، وسيعمل المشاركون في مرحلة ثانية، على نقل خبرتهم في هذا المجال إلى عدد أكبر من المستفيدين.
كما يحتضن قصر العلوم، وفقا لمديره العام، طوال فترة الصيف مجموعة من النوادي العلمية في مجالات مختلفة مثل أندية “البيولوجيا للصغار” و”سحر العلوم” و”الصغار والعلوم” و”الماء في الطبيعة” و”الغلاف الجوي”. ومن المتوقع أن يشارك في النوادي حوالي 300 من الشبان والأطفال.
من ناحية أخرى، يعمل المركز العلمي التونسي على استخدام أساليب إبداعية جديدة لنشر العلوم من خلال إقامة عروض للمسرح العلمي ستؤمنها فرقة فرنسية خلال هذا الصيف. ويجري الاستعداد لتنظيم أول مسابقة وطنية لمسرح العلوم على هامش مهرجان العلوم الذي سيقام في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، كما يقول الدكتور صالح نصر.
الجمعية التونسية لعلوم الفلك
نشرت الجمعية التونسية لعلوم الفلك، التي تعمل منذ ما يزيد على 3 عقود على نشر الثقافة الفلكية، رزنامة لأنشطتها الموجهة لهواة علم الفلك خلال هذا الصيف. وأوضح رئيس الجمعية الدكتور سفيان كمون للجزيرة نت أن البرنامج يتضمن فعالية “يوم الشمس” الفلكية الأحد القادم في 19 يونيو/حزيران الجاري، وفعالية ثانية في الثاني من يوليو/تموز القادم بمناسبة اليوم العالمي للنيازك ستخصص للتعريف بهذه الأجرام لدى الجمهور.
كما تنظم الجمعية بمناسبة اليوم العالمي للقمر في 20 يوليو/تموز القادم وعلى مدى 3 أيام أنشطة فلكية متنوعة في مقر الجمعية بمدينة العلوم موجهة للعموم. وتشمل هذه الفعاليات إجراء عمليات رصد بالآلات الفلكية وورشات تدريبية ومعارض ومحاضرات علمية يلقيها مجموعة من المختصين في مجال علم الفلك. ووفق كمون من المنتظر أن تستقطب أنشطة الجمعية خلال هذا الصيف أكثر من ألفي شخص.
بالإضافة إلى ذلك ستقوم الجمعية بتنظيم دورات تدريبية مكثفة في علوم الفلك تمتد خلال يوليو/تموز وأغسطس/آب القادمين، إلى جانب المشاركة في تنظيم فعالية علمية أخرى مثل “ليلة النجوم” بالتعاون مع مدينة العلوم، و”أكاديمية الشباب” بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة.
الجمعية التونسية لمسابقات وثقافة الرياضيات
سيكون للرياضيات نصيب من الأنشطة العلمية الموجهة للشباب هذا الصيف من خلال المخيمات التدريبية التي ستجريها الجمعية التونسية لمسابقات وثقافة الرياضيات التي تسعى إلى الارتقاء بمستوى التلاميذ في الرياضيات وتمكينهم من المشاركة في المسابقات الوطنية والدولية في هذا المجال.
وفي حوار مع الجزيرة نت قال الكاتب العام الجمعية رؤوف ثابت، إن الجمعية نظمت مخيما تدريبيا للإعداد لأولمبياد الرياضيات العالمية في الفترة من الخامس إلى الثامن من يونيو/حزيران الجاري في مدينة سوسة. وتستعد لتنظيم مخيم ثان من الرابع إلى السابع من يوليو/تموز القادم لفائدة 150 طفلا وشابا لإعدادهم للمسابقة العالمية لألعاب الرياضيات والمنطق.
وعلى مستوى المشاركة في الفعاليات والمسابقات العالمية في الرياضيات -يتواجد حاليا- وفقا للسيد ثابت، وفد من الجمعية يضم 8 شبان بقيادة رئيسة الجمعية السيدة منية بوزويتة في الصالون الدولي للرياضيات في باريس. ومن المقرر أن يشارك 12 من شباب الجمعية الذين تميزوا في المخيمات العلمية السابقة في الأولمبياد الأفريقية للرياضيات التي ستجري هذا الصيف في المغرب.
ومن المنتظر أن يشارك وفد من 30 تلميذا في البطولة العالمية لألعاب الرياضيات والمنطق التي ستجري في سويسرا في نهاية أغسطس/آب القادم.
يذكر أن العديد من الشبان الذين قامت الجمعية بتدريبهم قد حصلوا على جوائز وتتويجات في أهم المسابقات العالمية في مجال الرياضيات مثل بطولة الأولمبياد العالمي للرياضيات الذي فازت فيه تونس بميداليتين فضيتين في الدورتين الأخيرتين والأولمبياد الأفريقية التي دأبت على احتلال المراتب الأولى فيها.
جمعية الشبان والعلم
من ناحيتها ستقوم جمعية الشبان والعلم، أعرق الجمعيات العلمية التونسية، بتنظيم مخيمين علميين لفائدة 120 شابا من الجنسين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 سنة. وتجري فعاليات هذه المخيمات في فضاءات مؤسسات جامعية للتكوين في الهندسة والتكنولوجيا بكل من تونس العاصمة ومدينة قليبية شمال تونس خلال النصف الثاني من يوليو/تموز وبداية أغسطس/آب القادمين يمتد كل واحد منها على 10 أيام.
وتتميز المخيمات العلمية التي تنظمها الجمعية بمحتواها العلمي الثري والمتنوع مثل القيام بتجارب في علوم الحياة، وصنع صواريخ ومناطيد تجريبية وإطلاقها، والتعرف على لغات البرمجة وإنجاز بعض التطبيقات الإعلامية، وصنع بعض الأجهزة الإلكترونية البسيطة.
يذكر أن أنشطة النوادي العلمية التابعة للجمعية والمنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية، تمتد على مدار السنة وتشمل مجالات علمية وتقنية مختلفة كعلم الفلك والروبوتيك وعلوم الحياة.