الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)

قال رئيس وزراء أستراليا الأسبق كيفن رود -في مقال بمجلة فورين أوفيرز (Foreign Affairs)- إن الصين عادت لتتبنى الماركسية اللينينية نهجا لحكم البلاد بدلا من سياسة “الإصلاح والانفتاح” التي ظلت تهيمن على أركان السلطة منذ عام 1978.

وأوضح أن الزعيم الصيني الأسبق دينغ شياو بينغ كان قد أعلن عام 1978 أن بلاده ستنفصل عن الماضي لتتبنى رؤية اقتصادية، بعد عقود من التطهير السياسي، والاكتفاء الذاتي الاقتصادي، والسيطرة الاجتماعية الخانقة تحت حكم ماو تسي تونغ الذي يعد أول رئيس للصين.

 

وأضاف رود -الرئيس الحالي للجمعية الآسيوية ومقرها نيويورك-أن دينغ (الذي قاد بلاده خلال عامي 1978 و1992) بدأ بتثبيت السياسة الصينية، ورفع الحظر المفروض على المؤسسات الخاصة والاستثمار الأجنبي، ومنح الأفراد قدرا أكبر من الحرية في حياتهم اليومية.

 

إصلاح وانفتاح؟

وأفرز هذا التحول -الذي أطلق عليه اسم “الإصلاح والانفتاح”- سياسات براغماتية أدت إلى تحسين علاقات بكين مع الغرب، وانتشال مئات الملايين من الشعب الصيني من براثن الفقر، وفق ما كتبه رود.

وعندما ترك دينغ منصبه مع بعض كبار قادة الحزب الشيوعي، واصل خلفاؤه السير على نفس النهج الذي اختطه.

لكن تلك السياسة بلغت نهايتها. فقد كان من الواضح أن سياسة “الإصلاح والانفتاح” في طريقها للزوال عندما أعلن الرئيس شي جين بينغ -في مؤتمر الحزب عام 2017- أن حقبة جديدة يقوم فيها الحزب بتصحيح “الاختلالات” الأيديولوجية والسياسية التي خلّفها أسلافه وراءهم.

 

وخلال المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي -الذي انعقد الشهر الماضي- أوصل الرئيس شي حقبة دينغ للسياسة الصينية إلى نهايتها المحتومة. وقد منحه هذا المؤتمر ولاية رئاسية ثالثة غير مسبوقة، وعزل المسؤولين المناصرين لسياسة اقتصاد السوق من قيادة الحزب.

 

عودة الأيديولوجيا

وبحسب رود في مقاله، فإن الرئيس شي من المؤمنين بالماركسية اللينينية، ويعد صعوده بمثابة عودة الزعيم ذي النزعة الأيديولوجية إلى المسرح العالمي.

وأشار إلى أن هذا الإطار الأيديولوجي الماركسي القومي يدفع بكين نحو العودة إلى عهد سيطرة الحزب على السياسة والمجتمع، مع وجود مساحة متقلصة للمعارضة الخاصة والحريات الشخصية.

كما أن هذا الإطار يقود بكين لإحياء الإستراتيجية القديمة القائمة على هيمنة الدولة على الإدارة الاقتصادية، وعلى سياساتها الخارجية والأمنية التي تزداد تشددا والرامية إلى تغيير الوضع الدولي الراهن.

وقد استغل شي “تقرير العمل” الصادر عن المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي، ليؤكد للحزب والعالم أن الصين لديها الآن رؤية وطنية ودولية متكاملة لما يسميه “التحديث على الطراز الصيني”.

 

وتقرير العمل هو خطاب يلقيه القائد الأعلى للحزب الشيوعي في كل مؤتمر، يحدد فيه المبادئ الأيديولوجية الموجِّهة للسياسات خلال السنوات الخمس المقبلة.

 

توجه جديد

وتدعو هذه الرؤية إلى فصل الحداثة الاقتصادية عن الأعراف السياسية والاجتماعية الغربية والمعتقدات الثقافية الأساسية. كما أنها تقدم نظاما دوليا جديدا يرتكز على القوة الجيوسياسية الصينية بدلا من الأميركية.

وتتضمن كذلك استحداث مجموعة من المؤسسات والمعايير التي تتوافق مع مصالح الصين وقيمها وليس مع مصالح وقيم الغرب، تضع القيم الصينية المؤلفة من مزيج من الكونفوشيوسية والماركسية اللينينية في مواجهة الديمقراطية الليبرالية والأممية الليبرالية التي يعتنقها الغرب وبعض (وليس كل) دول العالم.

واتضح -من خلال المؤتمر الأخير- أن شي يريد إثبات أن الحزب الشيوعي تحت قيادته لديه الجرأة والقدرة على ترجمة هذه الرؤية الجديدة الجريئة إلى واقع ملموس.

 

تايوان

ويمضي رئيس الحكومة الأسترالية الأسبق إلى الحديث عن الكيفية التي ستتعامل بها الصين مع تايوان الجزيرة المجاورة لها، والتي تعدها بكين جزءا من البر الصيني.

 

وبحسب رود، فإن الصين تستعد الآن لخوض صراع طويل الأمد ضد عدوها القديم الانفصاليين في تايوان، مضيفا أن الحزب الشيوعي ظل مترددا بالسابق في وضع أي نوع من الجداول الزمنية العامة أو تحديد موعد نهائي لاستعادة الجزيرة.

وعلى العكس من ذلك، ذكر الرئيس شي أن استعادة تايوان أمر بالغ الأهمية “لتجديد شباب الصين الوطني” وأنه يهدف إلى استكمال هذا التجديد بحلول عام 2049.

وكان الاعتقاد السائد لدى القادة الصينيين في حقبة “الإصلاح والانفتاح” أن بلادهم إذا كانت تبغي التطور اقتصاديا، فلابد لها أن تقيم علاقات جيدة مع بقية العالم، لذلك لم يفكروا قط في خوض حرب للاستيلاء على الجزيرة.

المصدر : فورين أفيرز

About Post Author