روسيا تعلن تصديها لهجوم “متسللين أوكرانيين” على أراضيها وكييف تتهمها بـ”استفزاز” كاذب
أعلن جهاز أمن الدولة الروسي أن قوات بلاده اشتبكت مع من قال إنهم مجموعة من المسلحين الأوكرانيين تسللوا إلى مقاطعة حدودية غربي روسيا، في وقت تستمر فيه المعارك الضارية شرقي أوكرانيا.
وقالت السلطات الروسية إن قواتها اشتبكت مع “مجموعة تخريبية” أوكرانية تسللت إلى الأراضي الروسية ودخلت مقاطعة بريانسك، وقد ذكرت وسائل إعلام محلية أن عددهم نحو 50 مسلحا.
وقالت تقارير صحفية روسية إن المجموعة تحتجز أكثر من 100 شخص رهائن داخل منازل في بريانسك، كما تحدثت عن احتجاز عدد من الرهائن داخل متجر في قرية ليوبيتشاني في المقاطعة.
في تلك الأثناء، قال المتحدث باسم الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتلقى تقارير مستمرة من وكالات إنفاذ القانون بشأن ما يجري في بريانسك، واصفا الحدث بأنه “هجوم إرهابي”.
ونقلت وكالة ريا نوفوستي عن الكرملين أن بوتين ألغى زيارة كانت مجدولة اليوم إلى مقاطعة ستافروبول بسبب الوضع في بريانسك.
كما نقلت وكالة تاس عن المتحدث باسم الكرملين أن بوتين سيعقد غدا الجمعة اجتماعا مع أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي لبحث الوضع في بريانسك.
في الوقت نفسه، أعلن حاكم مقاطعة كورسك الروسية -وهي متاخمة للحدود الأوكرانية أيضا- مقتل شخص وإصابة آخر بجروح متوسطة جراء قصف نفذته القوات الأوكرانية حسب قوله.
في المقابل، نفى الجانب الأوكراني تسلل مسلحين إلى الأراضي الروسية، واتهم موسكو بالوقوف وراء هذه الأحداث.
وقال مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك إن “قصة مجموعة التخريب في روسيا استفزاز متعمد هدفه تخويف موسكو لشعبها”.
وكذلك نفت الإدارة العسكرية في أوديسا جنوبي غربي أوكرانيا تسلل قوات أوكرانية إلى بريانسك، وقالت إنه ربما تكون مجموعة فاغنر العسكرية الروسية هي التي احتجزت الرهائن.
إستراتيجية روسية جديدة
من ناحية أخرى، قالت مجلة تابعة لوزارة الدفاع الروسية إن موسكو تضع إستراتيجية من نوع جديد تشمل استخدام الأسلحة النووية لحماية البلاد من عدوان أميركي محتمل، في وقت تستمر فيه المعارك الضارية شرقي أوكرانيا، حيث نفت قوات كييف اتخاذ قرار بالانسحاب من باخموت.
وأفادت وكالة الإعلام الروسية بأن مقالا نشر في مجلة “فوينايا مايسل” (الفكر العسكري) التابعة لوزارة الدفاع، خلص إلى أن واشنطن تخشى فقدان هيمنتها على العالم، ولذلك أعدت “على ما يبدو” خططا لضرب روسيا لتحييدها.
وأضافت أنه ردا على ذلك يعكف الخبراء الروس بنشاط على “تطوير شكل واعد من الاستخدام الإستراتيجي للقوات المسلحة الروسية: عملية لقوات الردع الإستراتيجي”.
وذكرت أن هذا “يقتضي استخدام الأسلحة الإستراتيجية الهجومية والدفاعية الحديثة، والأسلحة النووية وغير النووية، مع الأخذ في الحسبان أحدث التقنيات العسكرية”.
وأشار المقال إلى أنه يتعين على موسكو أن تبيّن للولايات المتحدة أنها لا تستطيع شل نظام الصواريخ النووية الروسي، وأنها لن تكون قادرة على صد ضربة انتقامية.
ويعد المقال أحدث حلقة في سلسلة من التصريحات والمنشورات للساسة والمعلقين الروس في هذا الجانب منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا، إذ يؤكدون أن موسكو ستكون مستعدة لاستخدام ترسانتها النووية الضخمة إذا لزم الأمر.
معركة باخموت
في غضون ذلك، يستمر القتال على أشده حول مدينة باخموت الإستراتيجية في مقاطعة دونيتسك شرقي أوكرانيا، بعدما قطعت القوات الروسية 3 من الطرق الأربع التي تسمح بإيصال الإمدادات إلى المدينة.
وقال رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية يفغيني بريغوجين، اليوم الخميس، إن مقاتلي المجموعة يقتربون من مركز مدينة باخموت.
وكان المتحدث باسم القيادة الشرقية في الجيش الأوكراني سيرغي تشيريفاتي قد نفى -في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية- أن يكون هناك انسحاب أوكراني من باخموت في الوقت الراهن.
وقال إن أي انسحاب محتمل “سيعتمد على الوضع العملياتي. حتى الآن لم يتم اتخاذ مثل هذا القرار”.
وتقاتل القوات الروسية منذ نحو 7 أشهر للسيطرة على مدينة باخموت، في أطول معركة منذ بدء حربها في أوكرانيا يوم 24 فبراير/شباط 2022.
وترى روسيا أن الاستيلاء على باخموت سيمهد لها الطريق لبسط سيطرتها على ما تبقى من مقاطعة دونيتسك في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، وهو من بين الأهداف الرئيسية للحرب.
وأفادت وكالة رويترز بأن القوات الأوكرانية تمسكت بمواقعها في باخموت صباح اليوم الخميس مع استمرار الهجمات الروسية.
من جهته، قال المحلل العسكري الأوكراني أوليغ جدانوف في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي إن “هناك خطرا بوقوع حاميتنا في باخموت تحت طوق (روسي)”، ورأى أن الموقف “حرج”.
وذكر جدانوف أن القوات الروسية تحاول قطع طرق إمداد القوات الأوكرانية في باخموت، وإيقاف أي حركة عليها.
وكان ألكسندر رودنيانسكي، وهو مستشار اقتصادي للرئيس الأوكراني، قد صرح في حديث لشبكة “سي إن إن” (CNN) بأن جيش بلاده قد ينسحب من باخموت إستراتيجيا ولن يضحي بأفراده “من أجل لا شيء”.
نهاية الشتاء
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا أمس الأربعاء إن بلاده “تجاوزت أصعب شتاء في تاريخها” بعد قصف روسي مكثف لمنشآت البنية التحتية في أنحاء أوكرانيا.
وقال كوليبا “كان الجو باردا ومظلما، لكننا لم نرضخ”، مضيفا أن “أوكرانيا هزمت رعب الشتاء”.
ورأى أن الاتحاد الأوروبي “كسب أيضا” لأنه “لم يتجمد من دون الغاز الروسي” الخاضع للعقوبات.
وقال وزير الخارجية الأوكراني “وقف شركاؤنا إلى جانبنا وقدموا لنا يد العون”، وأضاف “ما زال الطريق نحو النصر النهائي طويلا، لكننا نعرف بالفعل كيف ننتصر”.
أما الأمين العام لمجلس الأمن والدفاع الأوكراني أوليكسيتش دانيلوف فتمنى للمواطنين “أول يوم سعيد في الربيع الأوكراني”، وتساءل “إذن، هل تمكنوا من تجميدنا؟”.
اجتماع نيودلهي
سياسيا، شهد اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في نيودلهي، اليوم الخميس، تجاذبات واتهامات متبادلة على خلفية الحرب الروسية في أوكرانيا.
واتهم وزيرا الخارجية الروسي والصيني الدول الغربية باستخدام “الابتزاز والتهديدات” لفرض رؤيتها، وفقا لما جاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية.
وذكر البيان أنه خلال لقاء عقد على هامش اجتماع مجموعة العشرين، رفض الوزيران الروسي سيرغي لافروف والصيني تشين غانغ “محاولات التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى بغية فرض نهج أحادي الجانب من خلال الابتزاز والتهديدات”.
وقال لافروف في تصريحات أخرى إنه يعتذر للهند عن “السلوك غير اللائق لعدد من الوفود الغربية التي حولت عمل مجموعة العشرين إلى مهزلة”.
كما اتهم الوزير الروسي الدول الغربية بأنها تدفن “بكل وقاحة المبادرة الإنسانية المعروفة التي توسط فيها الأمين العام للأمم المتحدة”، في إشارة إلى اتفاق تصدير الحبوب الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة والذي يفترض تمديده إذا لم يقدم أي طرف اعتراضا رسميا.
في المقابل، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال الاجتماع الوزاري “للأسف، من جديد تطغى على هذا الاجتماع حرب روسيا غير المبررة في أوكرانيا، وحملتها التدميرية المتعمدة ضد أهداف مدنية، وهجومها على المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة”.
وأضاف بلينكن أنه يتعين على مجموعة العشرين أن تكرر الدعوات، التي وافق عليها معظم زعماء المجموعة أثناء اجتماعهم في بالي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حتى تنهي روسيا الحرب وتسحب قواتها من أجل السلام الدولي والاستقرار الاقتصادي.