عقب زيارة بايدن للمنطقة.. ما الآلية الأميركية لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي؟
منذ المحطة الأولى في جولته الشرق أوسطية، تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي. وبالرغم من دعوته، في تل أبيب، طهران بالعودة إلى الاتفاق النووي هدد في الوقت نفسه بمواصلة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي عليها حتى امتثالها لخطة العمل المشتركة.
وفي سياق حديثه عن التصدي لما وصفه بالتهديد الإيراني متعدد الجوانب، قال بايدن -في لقاء تلفزيوني مع القناة 12 الإسرائيلية- إن الخيار العسكري في مواجهة إيران سيبقى حاضرا، مستدركا أنه سيكون الخيار الأخير.
وعلى ضوء الحديث عن إنشاء تحالف عسكري شرق أوسطي -برعاية أميركية خلال زيارة بايدن للمنطقة- لمواجهة تهديد الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية، استطلعت الجزيرة نت آراء خبراء ومحللين سياسيين إيرانيين لقراءة الآلية المحتملة التي ستتبعها الولايات المتحدة للحيلولة دون تحول إيران إلى قدرة نووية.
الخيار الدبلوماسي
ورغم تضاؤل الآمال بإحياء الاتفاق النووي بعد مفاوضات الدوحة غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران عبر الوسيط الأوروبي، فإن طهران وواشنطن لم تخرجا بعد الخيار الدبلوماسي من جدول أعمالهما، وفق أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران محسن جليلوند الذي يرى أن المفاوضات النووية قد أوشكت على لفظ أنفاسها الأخيرة.
واستذكر جليلوند -في حديثه للجزيرة نت- الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015 بين طهران والمجموعة السداسية وساهم إلى حد بعيد في خفض التوتر بشأن ملف بلاده النووي حتى قبل انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب منه عام 2018، واصفا خيار المفاوضات بأنه الأقل كلفة والأكثر أمانا لحل القضايا الشائكة بين طهران وواشنطن.
واعتبر الأكاديمي الإيراني مواقف بايدن الأخيرة وتلويحه بالخيار العسكري ضد طهران بأنه عقد المفاوضات، وقلل احتمالات التوصل إلى اتفاق يقضي بإنقاذ الاتفاق النووي، مرجحا أن تتبنى واشنطن خلال الفترة القصيرة المقبلة سيناريو تشديد الضغوط السياسية والاقتصادية على إيران لثنيها عن مواقفها التي تراها واشنطن حالت دون إحياء الاتفاق النووي.
عودة الضغوط
وأشار جليلوند إلى أن ترامب كان قد مارس سياسة الضغوط القصوى ضد إيران عقب انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018، مضيفا أن الرئيس بايدن قد غض البصر عن بعض العقوبات التي كان فرضها سلفه على إيران منذ بداية المفاوضات النووية لكنه قد يعيد العمل بها مستقبلا في حال فشل الخيار الدبلوماسي في إحياء الاتفاق النووي.
وتوقع أن تواكب الإدارة الأميركية السياسة الإسرائيلية الرامية إلى تطويق إيران ونشرها رادارات ومنظومات جوية لمواجهة الصواريخ والمسيرات الإيرانية في دول المنطقة، مؤكدا أن مصادقة الكونغرس الأميركي الشهر الماضي على مشروع قانون لوقف أنشطة الطائرات المسيرة الإيرانية قد يدفع بايدن لتضييق الخناق على طهران.
وحذر من ارتفاع التوتر بين إيران وإسرائيل في حال استقرار الرادارات الإسرائيلية قرب الحدود الإيرانية، واصفا السياسة الأميركية الرامية إلى تطبيع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل بأنها تأتي للضغط على طهران وتحويل الصراع العربي الإسرائيلي إلى صراع عربي إيراني.
الخيار العسكري
من جانبه، اعتبر القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني حسين كنعاني مقدم زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط بأنها مؤشر على فشل السياسات الأميركية السابقة حيال إيران، مضيفا أن بايدن قد تحدث أكثر من مرة عن ضرورة احتواء إيران في مباحثاته الشرق أوسطية مما يعني أن إدارته ترغب باتخاذ سياسة مغايرة لطمأنة حلفائها بالمنطقة.
وقرأ كنعاني مقدم -في حديثه للجزيرة نت- قمة جدة، التي جمعت بايدن مع عدد من القادة العرب عقب زيارته إلى الأراضي المحتلة، في سياق التحالفات الإقليمية الموجهة ضد إيران بذريعة مواجهة سياسات طهران الإقليمية وبرامجها النووية والصاروخية، مستدركا أن “الحكمة العربية سوف تتفادى الانخراط في أي معركة يحضر لها المحور الصهيوأميركي ويبحث عن شركاء لافتعالها”.
ورأى أن الخيار العسكري الذي تحدث عنه بايدن -لمنع إيران من امتلاك القوة النووية- قد يشير إلى عمليات محتملة للكيان الإسرائيلي ضد المنشآت النووية في إيران، مؤكدا أنه من شأن مثل هذه العمليات أن تفتح الجحيم على الكيان الصهيوني، وفق وصفه.
وتوقع القيادي السابق في الحرس الثوري ارتفاع التوتر بين طهران وتل أبيب على خلفية ضم الأخيرة إلى القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم” والمشاركة في عملياتها، مؤكدا أن بلاده تأخذ جميع التهديدات على محمل الجد وتخطط لمواجهتها.
وختم كنعاني مقدم بالقول إن بلاده قد وضعت خططا محكمة -بالاشتراك مع حلفائها بالمنطقة- للرد على أي تهديد يستهدف أمنها القومي، موضحا أن “مئات آلاف الصواريخ الدقيقة موجهة في الوقت الراهن وعلى امتداد الشرق الأوسط نحو الكيان الصهيوني وقد تنطلق نحو الأراضي المحتلة في أي معركة قادمة ضد إيران”.